محمد أبو السعود يكتب..هكذا تصنع غزة التاريخ بطوفان الأقصى

عبّر معنا كتب في 16 نوفمبر، 2023 - 05:30 تابعوا عبر على Aabbir
غزة
عبّر ـ ولد بن موح
غزة
 مصطفى أبو السعود

لنتفق جميعا بأن ما حدث في غزة في 7-10 2023 ليس حدثاً عادياً على الاطلاق، وربما أقل من يمكن قوله في “طوفان الأقصى” إنه معجزة ربانية أهداها الله للمقاومة؛ لأنها أعدت واستعدت بكل قوة.

في ذلك اليوم كسرت غزة رأس الطابوهات المحرمة والممنوع الاقتراب منها بأن إسرائيل وُلدت لتتبقى، وعلى زعماء العالم الضعفاء التعايش معها والخضوع لها إن أرادوا البقاء على عروشهم كما أوعزت لهم أمريكا، لكن غزة أكدت أن جيش العدو وعلى مرأى ومسمع من الجميع ” أوهن من بيت العنكبوت”، وأن غزة لا تخاف من أحد بغض النظر عن فوارق العدد والعدة.

لقد تجلت في معركة طوفان الأقصى الكثير من آيات الله عزوجل ولعل أبسطها وهي” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله” والغلبة هنا، التفكير بهذه الخطوة واختيار العناصر وتدريبهم دون كشف الخطة والتنفيذ عال الدقة، وطمأنينة وشجاعة المجاهدين، ودخول السياج الفاصل بدرجات نارية وعربات رباعية الدفع وبهذا العدد الكبير رغم وجود أجهزة تصوير فائقة الدقة، والحصاد فاق التوقعات، من حيث عدد القتلى والأسرى الصهاينة وتدمير كثير من الدبابات في غلاف غزة وبقاء المقاومين في المغتصبات لأكثر من يومين وتمكنهم من استبدال العناصر، وإدارة الحرب النفسية وحرب الشوارع ، والعمليات البحرية لكومانذز المقاومة، كل ما سبق وغيره الكثير يعتبر من مظاهر الغلبة.

في غزة، رأينا كيف يصطاد المقاومون الدبابات الصهيونية المتوغلة، وهذا يذكرنا بما حدث في معركة القادسية حيث أورد الداعية الإسلامي “علي طنطاوي” في كتابه “رجال من التاريخ” حيث تحدث عن سعد بن أبي وقاص الذي قاد معركة القادسية ضد الفرس الذين قدموا الفيلة، وكانت الفيلة كالدبابات اليوم، لم يكن للعرب عهد بها، فاضطرب منها الجيش ولم يدر كيف يردها، فانبرى لها طائفة من الأبطال “عمرو بن معد يكرب” وأصحابه فواجهوها بالسيوف يقطعون بها خراطيمها، فولّت تدوس من سيروها ليحتموا بها، فكان النصر حليف المؤمنين.

عزيزي المواطن العربي المقهور:
تابع ما صنعته غزة لتعلم أن البطولة لا تقتضي أن تكون كبير الحجم، فجغرافية غزة لا تساوي جناح بعوضة في عرف جغرافيا دول كثيرة، لكنها هزت شوارب الأسود الورقية وأقضّت مضاجعهم وصنعت التاريخ.

تابع أخبار غزة، لا لتبكي على الشهداء والجرحى والدمار، بل لتتعلم كيف تقاوم وترفض الذل وتفاجئ عدوك؟ كيف تموت وكيف تكون رقماً صعباً قبل أن تموت؟ كيف تقلق الآخرين وتصبح كابوسهم الوحيد؟

تابع، واعلم أن غزة بهذا الفعل المقاوم تدرك أن ضريبة التحرير عالية وأن الفوز السهل يجعل الجائزة غير ذات قيمة كما قال” شكسبير”، فغزة دفعت آلاف الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة والمشافي والمساجد والمؤسسات وقل ما شئت من أوجه التضحية، فهي تفعل ذلك لترد على من سيقول عنها بأنها لم تتحرك لتتحرر، ولتقول: دفعنا ضريبة التحرير من دمنا والناس تزعم أن النصر مجانا.

ارفع رأسك مفتخراً بصنيع غزة، فأنت لم تر صنائع حقيقية رائعة كهذه منذ أكثر من نصف قرن، وعليك وأنت تتابع أخبار غزة أن تتعامل مع المستحيلات على انها ممكنة، ومع الأسطورة على انها حقيقة، ومع الأشياء الجامدة على أنها حيةٌ تَسعى، ومع الأنظمة العربية بمزيد من الاحتقار، ومع 7 اكتوبر2023 على انه بروفة التحرير القادم القريب، وحينها سنقول جميعا” هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية”.

أخيراً: تصر غزة رغم العوائق أن تصحح بوصلة التاريخ ليعود لرشده المُشرق والمُشرف، وتُبقى كلمات العظماء المسلمين، وكأنهم يقولونها الآن، وكأنها تستدعي من عبق التاريخ ما قاله سيدنا أبو بكر “والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد”، ومع تغير الأسماء تبقى الفكرة خالدة وتقولها غزة بلسانها” والله لأنسين إسرائيل وساوس الشيطان برجالنا المقاومين الأشداء رجال أبي خالد”.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع