خبير يتحدث لعبّــر عن الإجراءات الاستعجالية والحلول الاستراتيجية لمواجهة أزمة المياه بالمغرب

تقارير كتب في 15 يناير، 2024 - 17:15 تابعوا عبر على Aabbir
أزمة المياه في المغرب
عبّر

 

يعيش المغرب أزمة مياه غير مسبوقة تفاقمت حدتها في السنوات الأخيرة، وهو ما تم على إثره إطلاق تحذيرات بخصوص الوضعية المائية المقلقة؛ حيث من المرتقب أن تشهد المملكة سنة جافة أخرى في ظل تراجع معدل التساقطات المطرية الأخيرة.

هذه التحذيرات التي جاءت على لسان وزير التجهيز والماء، نزار بركة، كشفت أن تراجع معدل التساقطات انعكس سلبا على مخزون المياه بالسدود الذي تراجع بشكل غير مسبوق، الشيء الذي دفع بالوزارة إلى إعلان حزمة من التدابير التي تهدف إلى ترشيد استعمال المياه.

محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، قال في حديث مع موقع ” عبّــر.كوم“، إن أزمة المياه التي يعرفها المغرب هي نتيجة تراكم عدد كبير من سنوات الجفاف منذ سنة 2018 إلى يومنا هذا، إضافة إلى وجود عد تنازلي في حقينة السدود، وتراجع كبير على مستوى الفرشات المائية.

إجراءت استعجالية

وكشف بنعبو، أن هناك إجراءات استعجالية يتم التخطيط للقيام بها في المغرب، من بينها إجراءات آنية تتمثل في إيصال الماء الصالح للشرب لجميع المناطق واستدامة التزود به لجميع المراكز القروية والمداشر وإن كانت في أماكن نائية، لأن التزود بالماء الصالح للشرب يجب أن يكون في الدرجة الأولى.

وأوضح الخبير في المناخ، أنه على المستوى الفلاحي تبيّن أن هنا الكثير من المزروعات الفلاحية تستنزف الموارد المائية بشكل كبير منها البطيخ الأحمر والأفوكا ومجموعة من المنتجات التي تبين أنها تستهلك موارد مائية كبيرة وبالتالي يجب إعادة النظر في توزيعها.

وأكد بنعبو، أن الإجراء الاستعجالي الذي يجب أن يتم هو تفعيل آليات المراقبة والزجر القانوني والذي تتكلف به شرطة الماء ” لأن اليوم الأدوار التي تقوم بها الشرطة المائية جد مهمة لا من ناحية مراقبة استعمال الموارد المائية ولا من ناحية حماية هذه الموارد من التلوث سواء كانت سطحية أم باطنية”.

حلول ذات بعد استراتيجي

كما توجد إجراءات ذات مدى قريب أو متوسط، يضيف الخبير ذاته، وتسمى بالحلول ذات البعد الاستراتيجي؛ منها مسألة تحلية مياه البحر التي قطع فيها المغرب أشواط جد مهمة، ناهيك عن محطات هي في طور الإنجاز مثل محطة آسفي ومحطة الجديدة ومحطة سيدي إفني التي ستعرف بداية التزود بالماء الصالح للشرب خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وزاد بنعبو، أنه توجد محطات أخرى شرعت في تزويد مجموعة من المدن بالماء الصالح للشرب مثل اشتوكة آيت باها ومحطات على مستوى الحسيمة وكذا على مستوى مدن الصحراء المغربية التي من المرتقب أنها تمتد إلى 5 آلاف هكتار تقريبا. وبالتالي هذه تسمى حلولا استراتيجية ستضمن استدامة الموارد المائية بالرغم من أن تكلفتها تكون أعلى شيئا ما من تكلفة معالجة مياه السدود أو المياه الباطنية.

ويرى الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن معالجة المياه العادمة تبقى أيضا من الحلول الاستراتيجية للحفاظ على الموارد المائية كيفما كان نوعها ” لأننا نتكلم اليوم عن توجيه هذه المياه نحو سقي الفضاءات الخضراء والملاعب الرياضية، وبالطبع دورية وزير الداخلية كانت واضحة في هذا المجال”.

وأكد بنعبو، أنه يجب إعادة النظر في استعمالنا للموارد المائية سواء تعلق الأمر بالمياه الصالحة للشرب أم الموارد المائية الأخرى ” لأننا اليوم يجب أن نقطع قطعا بتا مع استعمال هذه الموارد المائية في سقي الملاعب الرياضية أو العناية بالساحات العمومية بهذه المياه”.

وحول التدابير التي اتخذتها وزارة التجهيز والماء لتدبير أزمة الماء بالمملكة؛ اعتبر الخبير أن مسألة خفض صبيب المياه أو قطعها خلال فترات ليلية أو فترات متأخرة من الصباح هي نوع من تحفيز السكان للحفاظ على الموارد المائية وفي نفس الوقت نوع من استدامة هذه الموارد.

وبالتالي “هذه المسألة تبقى من بين الحلول التي من الممكن أن تخفض من الصبيب المائي خلال فترات النهار وقطعه خلال فترات متأخرة من الليل؛ وذلك من باب محاولة الحفاظ على هذه الموارد المائية من أجل استدامتها والحفاظ عليها من الضياع كذلك”. يؤكد بنعبو.

تدابير وزارة التجهيز والماء

أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن المشكل الأكبر الذي تعاني منه المملكة، هو تبذير الماء بشكل كبير رغم حملات التحسيس التي تم إطلاقها في هذا الصدد.

وقال الوزير، في تصريحات سابقة، إن اللجان الجهوية التي يترأسها الولاة والعمال، تقوم بتتبع وضعية المياه بشكل يومي، وأنها ستتخذ كل التدابير اللازمة لعقلنة الطلب على الماء، من أجل استعمال الإمكانيات المتوفرة لأطول مدة ممكنة، في انتظار تساقط الأمطار التي ستساعد في تجاوز هذا المسكل.

ومن بين هذه التدابير المتخذة لمواجهة هذا المشكل؛ هو التقليص من الضغط على الماء وقطعه إذا دعت الضرورة لذلك. مشيرا إلى أن هذه الإجراءات سيتم اتخاذها على الصعيد المحلي حسب تطور الوضعية المائية لكل مدينة أو جماعة.

توجيهات وزارة الداخلية

وجه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، دورية للولاة والعمال بشأن إدارة الإجهاد المائي، وذلك بسبب تأثر الاحتياطات المائية للمملكة بالجفاف، الشيء الذي ينذر بأزمة مائية خطيرة.

وكشفت الدورية، أن ندرة الأمطار والمعدل الحرج لملء السدود وجفاف منسوب المياه ينذرون بأزمة مائية كبيرة، مما يستدعي تنفيذ إجراءات صارمة لترشيد استغلال الموارد الطبيعية من المياه.

وفي هذا الصدد، طالب لفتيت الولاة والعمال بعقد اجتماعات، في الأسبوع الأول من كل شهر، مع القائمين على توزيع المياه لوضع وتحديث دوري لخريطة استهلاك المياه حسب المنطقة لتسليط الضوء على الأشخاص الأكثر استهلاكا للمياه، على أساس المعدل اليومي للترات المياه المستهلكة لكل ساكن.

ومن الضروري البدء في اتخاذ إجراءات من أجل رفع مستوى الوعي، وفق الدورية، من خلال إشراك الجمعيات المحلية، حول أهمية ترشيد استهلاك المياه (الاتصالات المباشرة، توزيع الكتيبات/النشرات، وما إلى ذلك) وترشيد تدفق المياه المخصصة لهذه الأحياء (تعديل الضغط أو القطع الكلي خلال فترات زمنية معينة ).

وطالب وزير الداخلية، العمال والولاة، بقمع حالات الغش في استغلال الموارد المائية مثل التوصيلات الفوضوية والاستغلال في الأنابيب وأنابيب المياه وغيرها. وكذا فرض حظر نهائي على بعض الأنشطة، منها ري الفضاءات الخضراء والحدائق العامة، وتنظيف الطرق والساحات العمومية باستخدام المياه، وملء المسابح العامة والخاصة أكثر من مرة واحدة في السنة، وزراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، بالتنسيق مع وزارة الزراعة.

ودعت دورية الوزارة، لإعداد برنامج إعادة تدوير ومعالجة المياه العادمة من طرف الجماعات الترابية وشركائها، وتوصيل المياه الصالحة للشرب للمناطق التي تعاني من نقص في المياه عن طريق شاحنات صهريجية، بالإضافة إلى تهيئة نقط مائية مخصصة لتوريد قطعان الماشية.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع