تقرير: المستفيدون من سياسات الماء بالمغرب هم الفلاحون التجاريون الذين يركزون على الإنتاج الموجه للتصدير

إقتصاد و سياحة كتب في 15 فبراير، 2024 - 14:45 تابعوا عبر على Aabbir
سياسات الماء
عبّر

 

سلّط المعهد المغربي لتحليل السياسات، الضوء على أزمة المياه التي تعرفها المملكة، جراء توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية. حيث اعتبر أن المستفيدين من سياسات الماء بالمغرب هم المقاولون الكبار والفلاحون التجاريون الذين يركزون على الإنتاج الموجه للتصدير.

 

وأرجع المعهد في تقرير له، مشكل ندرة المياه التي تعاني منها المملكة إلى سياسة الري التي تستهلك حوالي 80 في المائة من المياه سنويا. مشيرا إلى أن المغرب ” يعطي أولوية الري للصادرات، وبالنسبة لبلد يعاني من الإجهاد المائي، فإن صادرات منتجاته الفلاحية تعني تصدير جزء من المياه التي تشتد الحاجة إليها”.

 

وبحسب التقرير، فإنه ” ربما تكون سياسة الري الحالية قد عمقت التفاوتات الاجتماعية؛ فمن ناحية، أفادت هذه السياسة الفلاحين الكبار أساسا، حيث أن المستفيدين الرئيسيين من هذه السياسة هم المقاولون والفلاحون الذين يركزون على الإنتاج الموجه للتصدير”.

 

ومن ناحية أخرى، يضيف التقرير ” فإن الفلاح المغربي التقليدي الذي يعتمد على الأمطار والمياه الجوفية لم يستفد كثيرا من تحديث الفلاحة وقد تسبب ذلك في بعض الأحيان في مشاكل أكثر مما كان عليه الوضع في البداية، كما هو الحال بالنسبة لمشروع زراعة البطيخ في زاكورة”.

 

وانتقد المعهد، اعتماد المغرب بشكل كبير على الأمطار، وكذا تصدير مياه تشتد الحاجة إليها، من خلال تفضيل الاستراتيجيات الفلاحية الموجهة للتصدير بدلا من الأمن الغذائي الوطني. لافتا إلى أنه ” يتم استخدام 80 في المائة من موارد المياه الصالحة للاستخدام (المياه السطحية وطبقات المياه الجوفية) لري 15 في المائة من “الأراضي الفلاحية الصالحة” في المغرب والتي تساهم بنسبة تصل إلى 75 في المائة من الصادرات الزراعية للبلاد، مما يؤدي إلى خطط طوارئ مستمرة ضد الجفاف ونقص المياه”.

 

وسجل تقرير المعهد، أن مخطط المغرب الأخضر الذي جاء سنة 2008 استجابة لطموح البلاد لتطوير قطاع فلاحي حديث عالي الإنتاجية وعالي القيمة، قد قسم السياسة الفلاحية إلى عنصرين، حيث ركز العنصر الأول على الجانب الرأسمالي للقطاع الفلاحي، أما العنصر الثاني فيستهدف الفلاحين الصغار في المناطق شبه القاحلة والفقيرة.

 

ومع ذلك، يضيف التقرير، فإن ” الميزانية المخصصة لكل عنصر تسلط الضوء على الأهمية المعطاة للتصدير الفلاحي حيث سيتم استثمار 75 مليار درهم (7,5 مليار دولار) لأكثر من 10 سنوات في المشاريع المتعلقة بالعنصر 1، فيما تم تحديد استثمارات العنصر 2 في 20 مليار درهم (2 مليار دولار)”.

 

ومن المفترض، وفق التقرير ” أن تقترح سياسات الماء والفلاحة نموذجا شاملا للتنمية القروية والاقتصادية، غير أن السلطات العامة قد ركزت أكثر على هذه الأخيرة، حيث ظل التركيز على تطوير الفلاحة الموجهة للتصدير من خلال إنشاء سلاسل أو مجموعات نباتية ذات عائد مرتفع (أي ارتفاع استهلاك الماء بالنسبة للبعض) مثل الخضار والفواكه وزيت الزيتون التي تتطلب الري باستمرار”.

 

وأكد المعهد، أن المغرب قام بـ” بناء نموذج مياه زراعي غير متكافئ: فالمياه المخزنة من خلال أنظمة هيدروليكية متعددة ومكلفة يتم تصديرها في الغالب على شكل حوامض وفواكه وخضروات أخرى (الأعمال التجارية أولا) بينما يتعين على الفلاحين الصغار التعامل مع عواقب نقص الأمطار وخزانات المياه الجوفية المستنفدة. علاوة على ذلك، فإن سياسات الري هذه لا تخدم حتى هدف الأمن الغذائي، حيث أن 90 في المائة من مناطق الحبوب المزروعة هي مناطق بعلية”.

 

واعتبر التقرير، أن المستفيدين الأوائل من سياسات الماء هم المقاولون الكبار والفلاحون التجاريون الذين يركزون على الإنتاج الموجه للتصدير. فيما تبقى الفلاحة المعيشية غائبة عن صنع السياسات، أي الفلاحون التقليديون الذين يعتمدون على مياه الأمطار وطبقات المياه الجوفية لرعاية مواشيهم وأراضيهم.

 

ويرى المعهد، أن صانعي السياسة المغاربة قد صمموا سياسات عامة تتكيف فقط مع أولئك الذين لديهم الوسائل لاتباع مطمحهم على حساب الفلاحين المعيشيين ” وتظهر التجارب في مدينتي زاكورة والكردان كيف تنشأ النزاعات بسبب عدم المساواة في الاستفادة من المياه التي نتجت عن مشاريع المغرب الأخضر. فعلى سبيل المثال، في زاكورة أدت مشاريع زراعة البطيخ التي وافق عليها مخطط المغرب الأخضر وقلة معدات الري بالتنقيط إلى جفاف منطقة تعاني بالفعل من ندرة المياه”.

 

ونبّه التقرير إلى أن الفلاحة التجارية ” تعمل على استنزاف طبقات المياه الجوفية، وكل ذلك ضمن الإطار القانوني والإجرائي لمخطط المغرب الأخضر وتترك الفلاحين المعيشيين يعانون”. مشيرا إلى أنه” لم يتم التعامل مع هذا التفاوت في الحصول على الماء وعواقبه الاجتماعية في الهيكل السياساتي المطبق حتى الآن”.

 

وزاد المعهد في تقريره، أن ” موافقة السلطات العامة على المشاريع التي تعود بالنفع المالي على فئة اجتماعية معينة مع تعريض سلامة فئة أخرى للخطر بقطع المياه عنهم هو أمر يخلق غضبا اجتماعيا مشروعا وانعدام ثقة فعلي في السلطات العامة”.

 

وشدد التقرير، على أن ” المغرب يحتاج إلى سياسة ري جديدة تعود إلى الأولويات والمبادئ الأساسية. وإلى جانب كونها محركا للنمو الاقتصادي، يتعين على الفلاحة أن تكون محركا للتنمية الاجتماعية أيضا. كما يجب أن يكون التركيز على تحسين الأمن الغذائي والمائي وتحقيق المساواة في الحصول والاستفادة من الماء، وعدم عدم إغفال أي كان”.

 

وأوصى المعهد، بتبني سياسات شاملة مستدامة تلبي احتياجات الفلاحين المعيشيين أيضا من خلال حماية سبل عيشهم (في المناطق البعلية) من تهديدات الجفاف ونقص هطول الأمطار. وكذا الاستثمار في المحاصيل التي تتكيف مع المناخ شبه الجاف والقاحل بدلا من المناخ الذي يتطلب المياه بكثرة.

 

كما دعا صانعي السياسات إلى التركيز على طريقة تنفيذ الحلول التقنية وآثارها الاجتماعية من أجل تجنب الاستخدام غير الفعال للموارد المستثمرة في هذه السياسات.

 

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع