المغرب و الدرس الألماني

الأولى كتب في 8 يناير، 2022 - 09:30 تابعوا عبر على Aabbir
القرض الفلاحي
عبّر ـ ولد بن موح

كمــــال قـــروع 

 

مازلنا نتذكر عندما قرر المغرب قطع علاقاته مع السفارة الألمانية بالرباط، بسبب ما وصف آن ذاك بخلافات عميقة تهم قضايا مصيرية، والتي دفعت إلى وقف الاتصالات التي تجمع الوزارات والمؤسسات الحكومية الوطنية مع نظيرتها الألمانية، بالإضافة إلى قطع جميع العلاقات مع مؤسسات التعاون والجمعيات السياسية الألمانية.

نتذكر ذلك ونتذكر كيف كان القرار مفاجئا حتى لعدد كبير من المغاربة الذين لم يعتادوا مثل هذه المواقف من المـغرب خاصة وأن القرار كان تجاه دولة تعتبر الأقوى في أوروبا، حتى أنه شكل صدمة لعدد كبير من المتتبعين، الذين راهنوا على أن المغرب سيتنازل وسيتراجع عن قراره المتسرع حسب زعمهم، لأن المغرب بالنسبة لهم أقل شئنا على الساحة الدولية من ألمانيا.

ورغم أن وزارة الخارجية والتعاون الدولي، لم تقدم معطيات دقيقة حول دواعي وأسباب القرار، إلا أن عدد من المتتبعين اعتبروا أن الأمر له علاقة وثيقة بملف قضية الصحراء المغربية، وإصرار برلين على التعامل تقنيا وعسكريا مع الجزائر ومن خلالها مع الجبهة الانفصالية، بالإضافة إلى موقفها الصريح ووقوفها الواضح ضد أي مساندة مرتقبة للإتحاد الأوروبي أو اعتراف بسيادة المغرب على صحراءه.

فالمغرب ومنذ تولي الملك محمد السادس العرش، أوحى للعالم بطرق مباشرة وغير مباشرة، أنه لم يعد ذلك المـغرب الذي قد يرضى بأن ينال البعض من سيادته والتقليل من قدره دون أن يكون رده حاسما وصادما، وهذا كان واضحا عندما وقف المغرب أمام الاتحاد الأوروبي الند للند، وذلك عندما هددت المملكة  بإنهاء التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي والتركيز على شراكات مع دول وتكتلات أخرى، إذا لم ينفذ الاتحاد مقتضيات الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، وهو الأمر الذي تفهمه زعماء وقادة الاتحاد الأوروبي، وعملوا على تدليل الصعاب وإزالة العقبات التي جعلت المغرب يتخذ ذلك الموقف الصارم من الاتحاد.

ألمانيا التي لم تستوعب الدرس جيدا، وبعد مرور ما يقارب السنة إلا أسابيع، على قرار المغرب بقطع الاتصالات معها، قررت بحكومتها الجديدة الانصياع والنزول من برجها العالي تطلب ود المغـرب، وتشيد بإمكانات أجهزته الأمنية والإصلاحات التي أطلقها تحت قيادة الملك محمد السادس، ودوره المحوري بالنسبة لأوروبا خاصة في ما يتعلق بمحاربة الهجرة السرية والتنظيمات الإرهابية، مشددة على ما أسمته “الدور المهم” الذي تضطلع به المملكة من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة. ويتجلى ذلك على الخصوص، في مجهوداتها الدبلوماسية لفائدة عملية السلام الليبية، ودورها كـ “حلقة وصل” مهمة تربط بين الشمال والجنوب، على الصعيد السياسي، وأيضا الثقافي والاقتصادي.

ألمانيا أكدت أن المغـرب، شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا، مبرزة جودة المبادلات الاقتصادية، الثقافية والتجارية القائمة معه.

هذا فضلا عن موقفها الذي تغير 160 درجة، وبعد أن كان موقفا معاديا لسيادة المـغرب على كامل أراضيه، تحول إلى موقف يشيد بمقترحات المغرب من أجل وضح حد نهائي ودائم للنزاع المفتعل في الصحراء.

المغرب إذن أعطى درسا جديدا لمسلوبي الحرية الذين يقبلون الدنية في سيادتهم، وأكد مرة أخرى أنه ثوابته ليست موضوع مساومة، وأن التعامل معه يكون على أساس الندية والوضوح، وهو الأمر الذي عبر عنه وزير الخارجية المـغربي عندما أكد أن علاقة بلاده مع ألمانيا، يجب أن تراعي الوضوح والمعاملة بالمثل.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع