سلطانة خيا وجون بول لكوك..بارود البوليساريو الفاسد

الأولى كتب في 18 سبتمبر، 2022 - 12:57 تابعوا عبر على Aabbir
سلطانة خيا
عبّر ـ ولد بن موح

عادة ما تولي المؤسسات الإعلامية اعتبارا خاصا لمفهوم “الحدث البارز”، فهذا الأخير ليس توليفا اعتباطيا أو ربطا إنشائيا بين كلمتين، بل من خلاله يمكن فهم الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية والاهداف التي أنشئت من أجلها.

للحدث البراز معايير دقيقة لترتيب الاهميات واولويات الأحداث في التغطية في المؤسسات التي تحترم نفسها وتحترم جمهورها. لا يمكن فهم تصدر صورة سلطانة خيا أمام البرلمان الفرنسي لوسائل الإعلام الجزائرية بمختلف أصنافها، وكأنه حدث فارق في ملف النزاع في الأقاليم الجنوبية، إلا باستحضار أن المعيار الوحيد للحدث البارز في الإعلام الجزائري هو كل ما من شأنه أن يمس بالوحدة الترابية للمملكة، وإن كان موقفا شادا ومعزولا صادرا عن من لا اعتبار لهم ولا تأثير لهم في عالم السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة.

في زمن الإخفاقات المتتالية للانفصاليين لا بأس في أن يفرحوا كالأطفال بصغائر الأشياء وبأتفهها أحيانا. في زمن تناسل الهزائم لا ضير في الأخذ بالثأر ولو من باب التقاط صورة لخيا امام البرلمان الفرنسي. في زمن تتابع سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية قد يشكل لقاء هامشي مع برلماني بات حزبه من متلاشيات السياسة في عالم اليوم حدثا عظيما ونصرا مبينا. في زمن الإفلاس السياسي والأخلاقي لدعاة تفكيك وحدة الأوطان لا غرابة في أن تتقمص خيا دور البطولة.

ماذا يمكن للاعبة أدوار ثانوية في مسرح العرائس أن تقوله لبرلماني مغمور، هاجسه الوحيد ركوب الأمواج للخرج ولو قليلا من العتمة، ولو من باب الحنين إلى رسم خرائط الأمم وفقا لخطوط الطول والعرض، والمساس بتاريخ الحزب الشيوعي الفرنسي وبحرمة المؤسسات وعلى رأسها البرلمان الفرنسي.

ماذا يمكن لخيا أن ترجو من جون بول لكوك نائب لم يتقيد حتى بالضوابط القانونية والتنظيمية لعمل المؤسسة البرلمانية في فرنسا، لاسيما المادة الخامسة من مدونة سلوك البرلمانيين التي نصت على واجب امتناع كل نائب عن استغلال مقرات ومعدات البرلمان لأهداف تتعلق بمصالح خاصة وشخصية.

في المقابل بماذا يمكن لخيا أن تفيد لكوك في مسعاه لبناء مجد سياسي غير مدرك؟ أ بتهجمها اللفظي والجسدي على القوات العمومية، أم بامتناعها ورفضها المتكرر استقبال لجنة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر لجانه الجهوية لإجراء معاينة حول ادعاءات خوض الإضراب عن الطعام، أم بترويجها اليومي لأخبار زائفة وهي تعلم علم اليقين أنها كذلك عن “أقصاف” وهمية منذ إعادة فتح معبر الكركرات.

سلطانة خيا وغيرها من عملاء الداخل بارود فاسد لا يشعل حربا ولا حتى فتيلا. للتأكد من درجة الانحطاط الذي بلغته الأصوات الانفصالية وميليشيات البوليساريو يكفيك أن تنظر إلى مستوى التعويل على خيا وقبلها أميناتو حيدر التي انتهى المطاف بقضاياها المزعومة إلى مجرد خلق معارك يتكفل بها أبسط موظفي مطارات المملكة حول الإدلاء بجواز التلقيح من عدمه.

مثير للشفقة حقا أن يتحول نزاع أفرزته تقاطبات الحرب الباردة واصطفافات إقليمية من الرهان على الخيار العسكري إلى الانتشاء بلقاء جمع امرأة فاشلة ببرلماني لا يذكر إلا بمواقفه الشاذة.

لا يمكنك أن تعول على خيا لاسترداد ما ضاع وجبر ما لحقك من انكسارات إلا إذا كانت تفاها وتائها وكان أفقك مسدودا وتقف على عتبة الاستسلام، فالنتائج كما يقال من جنس الأسباب.

ليس هناك شيء أشد على المرء من أن تتملكه الحسرة والشفقة تجاه خصمه ويشعر أحيانا بنوع من التعاطف معه، لا أقصد هنا خيا ولكوك فلا مجد لهما يخشى على ضياعه، ففاقد الشيء لا يعطيه، فالحسرة على دولة وأمة بحجم فرنسا التي أضحت تكتفي بخوض المعارك الصغيرة بعدما فشلت في الصمود أمام الكبار، وأضحى أسلوبها الوحيد للضغط والابتزاز تسخير وسائل قدرة يتم فيها تبادل الأدوار بشكل مكشوف بين الأغلبية والمعارضة.

محمد بالي-عبّر

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع