د بوزغاية ..خبير في قضايا المرأة يكشف لـ”عبّـر” عن التعديلات المرتقبة في مدونة الأسرة بعد التعليمات الملكية

تقارير كتب في 26 سبتمبر، 2023 - 19:52 تابعوا عبر على Aabbir
مدونة الأسرة
عبّر

أعطى الملك محمد السادس، اليوم الثلاثاء، تعليماته لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، من أجل إعادة النظر في مدونة الأسرة. وذلك تفعيلا للقرار السامي الذي أعلن عنه جلالته في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام.

وأسند الملك الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.

كما دعا الملك المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.

وتقضي توجيهات الملك برفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق من هذه المشاورات التشاركية الواسعة إليه، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على تصديق البرلمان.

وكان الملك قد دعى في خطاب العرش لسنة 2020، لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها.

وقد أثار هذا القرار ردود أفعال مختلفة، وأثار الكثير من التساؤلات حول القضايا التي سيتم تعديلها في مدونة الأسرة، وما إذا كانت هذه التعديلات تخدم المرأة والرجل عن حد سواء.

وللإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، أجرى موقع “عبّـر.كوم” حوارا حول الموضوع مع الدكتور إلياس بوزغاية، أستاذ جامعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، خبير في قضايا المرأة والدراسات النسائية، وباحث سابق بمركز الدراسات النسائية بالرابطة المحمدية للعلماء.

وفي ما يلي نص الحوار:

س: ما تعليقكم على التعليمات الملكية الموجهة لرئيس الحكومة بشأن تعديل مدونة الأسرة؟

يكمن القول بأن البلاغ كان متوقعا، كما كانت هناك إرهاصات من قبل؛ خاصة خطاب العرش لسنة 2022 لأنه تكلم عن تعديل مدونة الأسرة، وبالتالي كان متوقعا. حتى أن المتابعين للمسألة النسائية بالمغرب كانوا يتوقعون أن تكون هناك تعديلات وتغييرات في مدونة الأسرة وهذا سيأتي تتوجا لـ19 سنة على إقرار مدونة الأسرة في 2004.

ويعني هذا أنه يمكن أن نتوقع أنه في 2024 سيكون هناك تغيير في مدونة الأسرة بما يحبل أن المجتمع أصبح متشددا، وأصبحت هناك تغييرات تستدعي إصلاح المدونة. كما يجب أن نتكلم على أن البلاغ أكد على المنهجية التشاركية؛ بحيث أن جميع المؤسسات القانونية ستشارك في هذا الإصلاح مع مشاركة العديد من المؤسسات التي هي ذات نفع من الناحية التشاركية لكي يكون هناك إصلاح متوزان وشامل.

س: بصفتكم أستاذ مختص في قضايا المرأة ماهي الأولويات التي يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار في تعديل مدونة الأسرة المرتقب؟

بالنسبة للأولويات، فيمكن الحديث أولا عن وجود اختلالات وصعوبات لدى المراقبين وحتى العاملين بالقضاء وهي اختلالات تقنية واقعية؛ فمثلا تراكم الملفات على القضاء يعتبر مشكلا يجب أن يُحل تقنيا وإجرائيا، وهناك مسائل متعلقة بزواج القاصر لأنه عند الحديث عن الموضوع فإنه يجب أن يكون هناك استثناء من قبيل إجراء خبرة طبية وخبرة اجتماعية، وهذه الأمور لا تكون متاحة.

ونفس الشيء ينطبق على حالات الطلاق؛ ففي المدونة يواجه مجلس الصلح عدة إكراهات، وبالتالي من المتوقع أن يتم في المدونة الجديدة إشراك المجتمع المدني في الإصلاح الأسري أو ما نسيمه بـ”الوساطة الأسرية” التي يمكن أن يقوم بها بتنسيق مع المحاكم في هذا الجانب.

ومن الأوليات كذلك يمكن أن نتوقع أن يكون هناك توافق في المواضيع الجدلية مثلا موضوع زواج القاصرات هو موضع جدلي لديه طابع إيديولوجي، وأعتقد أن المجتمع سيكون أمام لحظة يحاول أن يتوافق فيها للحسم فيها بخصوص إقرار تعديل أم لا، وبالنبسة لي أعتقد أن الجانب التقني وجانب تحقيق مصلحة الطفل يجب أن تكون لها السبقية. ناهيك عن إثبات النسب.

س: أمام اهتمام الملك شخصيا بالمرأة والنهوض بها هل هناك مواكبة قانونية توازي هذا الاهتمام؟

أعتقد أن هناك اجتهادات قضائية في هذا الجانب؛ فهناك قضاة يحاولون الاجتهاد في هذا الإطار لإثبات النسب من خلال “DNA” رغم وجود مقاومة وتيار آخر يقول أن إثبات النسب من خلال فحص الحمض النووي غير جائز، وأعتقد أن يكون هناك إصلاح في هذا الاتجاه.

وبالنسبة للولاية على الأطفال فمن المتوقع أن يكون إصلاح أيضا في هذا الجانب لأن الدستور يتحدث عن المساواة بين الذكر والأنثى والمدونة تتحدث على المسؤولية المشتركة، ما يعني أن الولاية على الأطفال ستكون مشتركة بحكم أن العديد من الأمهات لا تحصل على موافقة الزوج بخصوص تسجيل أطفالهم في مدارس أخرى أو الحصول على وثائق معينة. وبالتالي فهذه مسألة لا يوجد فيها خلاف  ما يعني أنها ستشهد تعديلا.

ويمكن أيضا إجراء تعديل في ما يسمى بالوثيقة الموازية، فبالموازاة مع عقد الزواج ستكون هناك إلزامية الإدلاء بهذه الوثيقة، بحكم أن هناك الكثير من القضايا التي تعرض على القضاء لا تتضمن تقسيم الممتلكات خلال الطلاق، وبالتالي فمن المتوقع أن تكون الوثيقة الموازية إلزامية من أجل أن يكون هناك توافق في الحياة الزوجية.

كما توجد عدد من القضايا التي تستدعي توسيع صلاحيات القاضي للحكم فيها. إضافة إلى إشكالية تتعلق بالقضاة الذين يأتون من “عقليات ذكورية” ويواجهون مشاكل في هذا الصدد، وبالتالي فبالموازاة مع توسيع صلاحية القضاة لإصدار الأحكام يجب تكوينهم بشكل دوري للتشبع بروح المدونة ، تجنبا لإصدار الأحكام انطلاقا من أفكارهم وثقافتهم.

س: هل يمكن الحديث اليوم عن توجه نحو ضمان تعديل لمدونة الأسرة تخدم الرجل والمرأة على حد سواء؟

هذا السؤال مهم لأنه حقيقية هناك توجه حاليا من خلال حديث الكثير خاصة من الرجال الذين يرون أن المدونة جاءت لتخدم المرأة ضدا في الرجل، وبالتالي يجب أن يكون هناك مجهود من أجل تصحيح هذا المفهوم. وأعتقد أن أكبر عامل لتصحيح ذلك هو خطاب جلالة الملك لسنة 2022 والذي جاء فيه أن ” مدونة الأسرة ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال”.

وبالتالي فالإشكال الحالي هو أن هناك إسقاطات نسائية مع الأشخاص الذين هم ضد المدونة التي يعتبرون أنها إما أن تكون ضد الرجل أو مع الرجل، وهذا هو مفهوم الخطأ الذي يجب تصحيحه؛ لأن المدونة جاءت من أجل الأسرة كاملة لتحقيق التوازن.

غزلان الدحماني – عبّــر

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع