بيغاسوس.. من المستفيد ومن المتضرر من الحملة المغرضة التي تستهدف المغرب؟

الأولى كتب في 25 يوليو، 2021 - 13:30 تابعوا عبر على Aabbir
ذكرى
عبّر

محمد بالي ـ عبّر 

 

 

أمام أي أزمة من حجم ما تعرض له المغرب من حملة مغرضة منذ أسبوع، غالبا ما يكون سلاح العقلاء هو طرح سؤال “من المستفيد من الأزمة؟ من في صالحه خلق التوتر وتعميقه؟ من الرابح ومن الخاسر من هكذا دعاية؟ ومن المتضرر من كل هذا وذاك؟ قطع نصف المسافة نحو الحقيقة يقتضي ابتداء التفكير في هذه الأسئلة والعمل على الإجابة عنها، عوض الاصطفاف بخفة كبيرة مع هذا الطرف أو ذاك، وتوزيع صكوك الاتهام والبراءة بحسن نية أو بسوئها، ففي المحصلة كلاهما سيان، يخلقان وعيا مزيفا للواقع الذي بطبعه لا يرتفع.

تعرض المغرب لعدوان إعلامي بلغة الحرب، غير أن تتبع منسوب الدعاية الرخيصة انتقل بسرعة قصوى من الحديث عن المغرب كدولة إلى استهداف مؤسسات ورموز بعينها، وكأن الهدف القصووي هو توجيه فوهة المدفع إلى المؤسسات الأمنية لتصفية الحساب مع قياداتها، عقابا لهم على كفاءتهم وإدارتهم بنجاح لقضايا أمنية ذات حساسية بالغة على المستويين الوطني والدولي.

“لا ترشق بالحجارة إلا الشجرة المثمرة” قول مأثور يعكس بحق ما تتعرض له المؤسسات الأمنية الوطنية من حملات مسعورة في الآونة الأخيرة، من أطراف تفرقت دمائهم بين الداخل والخارج، وتعددت أدوارهم من محرك دمى إلى كراكيز ترقص استجابة لإشارات خلف الستار أو لنسميه مربع العمليات.

ليس صدفة أن تمر دائما الحملات الدعائية ضد المغرب عبر المساس برموزه وبمؤسساته الأمنية، لولا أنه فعل مقصود ومدرك ومخطط له بعناية، لاستهداف هذه المؤسسات لتميزها، ولكفاءتها ولبنائها لعقائد أمنية جديدة أهمها اشتغال هذه المؤسسات في الضوء وبكل شفافية وفي إطار الضوابط القانونية والدستورية والقيود السلوكية والأخلاقية لأفرادها، ونقل هذه المؤسسات من مجرد أجهزة إلى مؤسسات مواطنة تخضع للمساءلة والمحاسبة. وبفضل سياستها التواصلية كسبت هذه الاخيرة ثقة مجتمعية كبيرة في ظل سياق متسم بأزمة وتراجع منسوب الثقة في المؤسسات، وقد يكون أكثر ما أغاض الحساد أن أداءها أضحى موضوعا للنقاش العمومي المفتوح بفعل تكسير كل القيود القانونية والنفسية الحائلة دون ذلك فيما مضى.

فمنطق العاجز لا يفهم منجزات الآخرين إلا بأسلوب الخوارق ووجود شيء ما غير طبيعي في المعادلة، بمعنى أن كفاءة المؤسسات الأمنية لا يمكن تفسيرها إلا بوجود برمجيات في الخفاء تترصد حركات وسكنات الإنس والجان.

استعملت في هذه الحملة الدعائية ضد المغرب كل مفاهيم وقواميس الوصاية والاستعلاء والعنصرية المقيتة والعدوانية البغيضة وكل ما هو سيء في الأدب الكلونيالي، مرة لكونه بلد مسلم ومرة أخرى لكونه دولة إفريقية وثالثة لكونه ليس من زمرة نادي القوى الكبرى…. في حقيقة الأمر لا يضرهم كل هذا، كل ما يؤديهم هو أن تقرر في لحظة استكمال استقلالية قرارك السياسي والاقتصادي، أكثر ما يؤلمهم هو أن تخرج عن دائرة الخضوع المرسومة لك سلفا، بلغة أوضح هو أن ترتب أولوياتك وتستجمع أنفاسك وقواك لتعلن عن استقلال جديد قوامه بناء علاقات ندية، مهما كان الوزن الاقتصادي والعسكري للطرف الآخر.

ليس مفاجئا أن يتعرض المغرب بل الوطن لحملات المضايقات والتحرشات، ليس سهلا أن تخرج من جلباب القوى التي سكنها الماضي الاستعماري، ليس مستساغا أن تطالب قوى الاستعلاء بالوضوح بخصوص قضيتك الوطنية وتدعوهم للخروج من منطقة المواقف الرمادية والملتبسة، ليس أبدا مقبولا من طرفهم أن تنوع شركائك الاقتصاديين وأن تنهج خيار الواقعية السياسية في سلوكك على المستوى الدولي، ليس واردا في حسبانهم بالمطلق أن تقوى دولة في شمال إفريقيا على اعتراض أكبر عمل لصوصي يحاك ضد ليبيا والليبيين وعلى حساب أمنهم واستقرارهم ووحدة أراضيهم من الناحية الجغرافية والسياسية، وتعتبر من طرف الليبيين ومن مختلف تعبيراتهم السياسية كطرف محايد، حيادا فعالا، وتكشف بذلك حقيقة محادثات، بل صفقات، برلين وما شابهها.

فتعقب مسار السلوكات المتبادلة بين المغرب وبعض الدول الأوروبية، التي لا تزال تحن إلى العهود الكلونيالية، يؤكد أن هذه الحملة البئيسة هي نقطة في مسار سبقتها مناورات فاشلة وأكيد ستليها خطوات بهلوانية وكاريكاتورية، مستثمرين ما يدور في فلكهم من مدرعات إعلامية ومدفعيات حقوقية. لهذا، فالعدة واجب أن تجهز للمستقبل، لاستباق هذه المناورات، فالعلاقة الاطرادية بين توتر العلاقات مع بعض الدول وتصاعد خطاب الإدانة تجاه المغرب من زاوية حقوق الإنسان صار قانونا تجريبيا.

لا أخفيكم أنني أشعر بحساسية مفرطة من خطاب المؤامرة، ولكن في وضعيات كهذه لا يمكن بأي حال من الأحوال وصفها بشيء غير أنها مؤامرة قدرة، وأكبر مقتا من الحرب، لأن الحرب تدار بشرف لا بالضرب من الخلف. هي ببساطة حملة منسقة ومدروسة بعناية، بيد انها تمت بإخراج رديئ ، فالبؤساء لسوء حظهم تركوا ورائهم آثار الجريمة. كيف لهم أن تحققوا من تعرض هواتف مسؤولين كبار للاختراق، من أين لهم بأرقامهم؟ وكيف أخضعوا هواتفهم للفحص؟

أمام قلة حيلتهم تساءل بعضهم “ما دليل المغرب على أنه ليس وراء برنامج بيغاسوس؟ جوابا عن السؤال: على أمنيستي وفرانس 24 وميديا بارت ومن يدور في فلكهم أن يثبتوا أنهم ليسوا حطب جهنم حملة دعائية مغرضة ضد المغرب؟، ولكن قبل الجواب، فالقاعدة تقول البينة على من ادعى. ولندفع بخيالنا إلى منتهاه، مادام ان القصة وما فيها من نسج الخيال، ما ضماناتنا أن تتوقف التساؤلات في هذه الحدود وألا تمتد إلى أشياء أخرى، وتطلقوا الحبل على الجرار وتطالبوا المغرب يوما بإثبات أنه ليس وراء تفشي فيروس كورونا؟ أو يثبت أنه ليس مسؤولا عن التغيرات المناخية وثقب الأوزون؟

أيام قليلة كانت كافية لتهافت سردية بئيسة بسناريو محبوك بخفة كبيرة، ليواصل المغرب كما كان مسعاه دون الالتفات إلى شطحات المهرجين. لكن كم يلزمهم من وقت لمحو ندوب فضيحة استهداف دولة لا لشيء إلا لأنها تواصل بتؤدة مسارها التنموي وحريصة على حماية استقلالية وسيادية قراراتها؟

وضع المغرب في فوهة المدفع، كان بدافع سياسي واقتصادي وليس بوازع حقوقي كما يدعون، لهذا وجب على الرد أن يكون سياسيا، بجعل العلاقات المتكافئة والمبنية على الندية من عقائد السياسة الخارجية الوطنية وخيارا لا رجعة فيه، وعدم الالتفات إلى خرجات معلومة الهدف، يقول المثل الإنجليزي “لا تصارع خنزيرا في الوحل فتتسخ أنت ويستمتع هو”، ففي القاع ازدحام كبير لملاحقات قضائية لميديابارت ومثيلاتها بالتشهير والتجني على الأشخاص والمؤسسات في أعمل سمسرة سميت خطئا استقصائية.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع