موت مفاجئ وضعف جنسي.. مخدر “البوفا”.. الخطر الذي يهدد حياة الشباب المغربي

تقارير كتب في 27 يوليو، 2023 - 18:45 تابعوا عبر على Aabbir
البوفا
عبّــر

لا حديث في الآونة الأخيرة إلا عن مخدر “البوفا” الذي شهد انتشارا كبيرا في صفوف الشباب المغربي، والذي وصفه فاعلون حقوقيون بالخطر الداهم الذي يهدد حياة الشباب والمراهقين. فرغم وجود أنواع كثيرة من المخدرت ( الحشيش، القرقوبي…)؛ إلا أن مخدر “البوفا” يعتبر أخطرها نظرا لما له من مخاطر على صحة مستهلكيه.

ولأنه كثر الجدل حول هذا المخدر وارتفعت المطالب بضرورة تدخل الجهات المعنية للحد من انتشاره، كثرت أيضا الأسئلة حول مدى خطورته، والعوامل المساهمة في انتشاره. وكذا كيفية الحد من توغله وسط الشباب؟.

وجوابا عن هذه الأسئلة؛ قال الحسن البغدادي، رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات، في تصريح لموقع “عبّـر.كوم“، إن مخدر “البوفا” جاء في سياق سلسلة تنوع هذه المبيقات، في مقابل توسعه على باقي المخدرات الأخرى، بحكم أن التدخين يعتبر مخدرا أيضا حسب المنظمة العالمية للصحة.

البغدادي: عبارة “كوكايين الفقراء” تساعد في توسع دائرة المتعاطين

وأوضح البغدادي، أن بارونات المخدرات يُسمون هذا المخدر بـ”كوكايين الفقراء”، وذلك من أجل توسيع دائرة مداخيلهم المادية من جهة والمتعاطين والمستهلكين من جهة ثانية. مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي كان فيه التدخين مقتصرا على الرجال ومن تم أصبحت النساء أيضا يُدخن، فإن المخدرات الجديدة التي تدخل السوف أصبحت حاليا موجهة للرجال والنساء وهذا شيء خطير”.

والأخطر من هذا، يؤكد رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات، أن ثمن مخدر “البوفا” حُدد في 50 درهما أو 60 درهما للغرام الواحد، وذلك بعدما كان يتراوح ما بين 300 درهم و600درهم، بحيث تم خفض ثمنه من أجل توسيع دائرة المتعاطين والمدمنين. ومن خلال بسط ثمنه استطاعوا التوسع في المدن حسب الكثافة السكانية والحركة المادية لها بين تلاميذ المؤسسات التعليميةوالتكوين المهني ودور الشباب، يعني أينما وجد الشباب والناشئة يتم استهدافهم من طرف البارونات.

ووصف البغدادي هذا المخدر بالقاتل لكونه يتكون من ” بقايا مخدر الكوكايين التي يتم مزجها مع الأمونياك وخلطها مع مشروبات كحولية أو حبوب الهلوسة أوالحشيش أو القرقوبي رغبة منهم في التوصل إلى نوع من النشوة وإحساس عابر تحت طلب إما القوة الذهنية والجسدية والاندفاع أو للنوم العميق، وذلك حسب الخليط الذي يصنعه بارون المخدرات أو المتعاطي نفسه”.

خطورة مخدر “البوفا”

وحول خطورة هذا المخدر، حذر البغدادي من أن “البوفا” يتسبب في حالات الموت المفاجئ وضعف القلب بشكل رهيب، كما يُغيّب العقل ويسبب الهلوسات، والأخطر أنه يسبب العجز الجنسي التام.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أنه “في الوقت الذي ينساق فيه الشباب نحو هذه المبيقات الخطيرة جدا، نجد فيه مسؤولين والحكومات المتعاقبة مغمضة العينين لا تحرك ساكنا، وحتى إذا اقتضى الحال وتم إمساك بعض من البارونات فيتم الحكم عليهم ب3 أشهر أو سنة حبسا في وقت يجب فيه تشديد هذا الحكم بأقصى العقوبات. إذ لا يمكن لشخص يخرب البلاد أن يُحكم عليه ب3 أشهر أو بالإفراج، فيما الأصح أن يُحكم بالمؤبد أو الإعدام”.

وأبرز البغدادي أنه ورغم أن البلاد أصبحت رائدة في مجال الاقتصاد ومجالات أخرى؛ إلا أنه لا يجب نسيان الأهم وهم الشباب والناشئة الذين يعتبران مستقبل الوطن، لأنه يمكن بناء مؤسسات وشركات وغيره ولكن غدا لن نجد من يسيّرها، وهذا ” يعتبر خطيرا جدا، ووجب على الجهات المعنية أن تنتبه لهذه المسائل قبل أن يسقط أولادنا في جرعة أو جرعتين من هذا المخدر ومن تم لن يستطيعوا الخروج من دوامة الإدمان”. يشدد المتحدث ذاته.

وتتمثل خطورة هذا المخدر أيضا “في كون الشخص وبمجرد أخذ جرعة أو جرعتين يسقط في فخ الإدمان، ويمكن أن يقوم بأي شيء أو يرتكب جريمة قتل أو يموت. ذلك أن الجرعة التي يأخذها يمكن أن تتسبب في موته أو أن تسبب له ضعفا ونحافة في الجسم وبالتالي لن يستطيع تجاوز مدة 10 سنوات حتى يموت إما منتحرا أو يموت قبل 10 سنوات بسبب تعاطيه لهذه المبيقات الدخيلة على الشعب والمجتمع المغربي للأسف”. يضيف رئيس الجمعية.

آباء وأمهات يتعرضون للتهديد والسرقة

وكشف المتحدث ذاته، أن الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات “تتلقى يوميا مكالمات هاتفية من أمهات وآباء يعانون الأمرين؛ الأمر الأول أنهم ضيعوا أبناءهم من بين أيديهم بسبب المخدر، والأمر الثاني أن هؤلاء الآباء يعانون جراء ما يتعرضون له من طرف أبنائهم من تهديدات وسرقة وكلام نابٍ”.

وأكد على أنه في الوقت الذي يتقدم فيه المغرب حضاريا، على التقدم المدني أن يأخذ حيزه أيضا، من خلال تأطير الشباب والحد من التوسع الخطير لبارونات المخدرات.

ودعا البغدادي الجهات المعنية لاتخاذ قرارات جريئة للإيقاف زحف هذا المخدر، وذلك من خلال الحكم على بائع “البوفا” بالإعدام “لأنه من يبيع الحشيش يمكن الحكم عليه من 5 سنوات فما فوق أو 10 سنوات فما فوق ولكن من يبيع “البوفا” يجب إدانته بلإعدام أو المؤبد”.

دعوات بتشديد العقوبة

وحول ما إذا كان تشديد العقوبات من شأنه الحد من انتشار المخدر؛ قال البغدادي إن الأمر صحيح، “لأنه إذا كان بارون مخدرات سيُعاقب بالإعدام أو المؤبد فإن الثاني والثالث لن يفكر في ترويج المخدرات وسيبحث عن مصادر رزق أخرى”.

ونبّه إلى أنه “في الوقت الذي يقوم فيه بارون المخدرات بتجارة أسبوعية تُدر عليه أموالا طائلة تجعله يمتلك فيلا وسيارة؛ فإنه يمكن لأي مواطن أو الموظف أن يسمح في وظيفته ويقوم بهذه التجارة. خاصة عندما يتجول هذا البارون بسيارته داخل الأحياء أمام مرأى ومسمع الجميع؛ فإن الشباب بدورهم لن يفكرا في الدراسة وسيتجه الكل للمخدرات كنوع من التجارة لشراء سيارة وفيلا”.

وشدد البغدادي على خطورة الوضع، ذلك أن البارونات لديهم وسائل وطرق خطيرة جدا من أجل توسيع دائرتهم، فهم يستقطبون أبناء أسر محافظة ويتم منحهم الأموال ومن تم يسقطوهم في الإدمان ويستخدمونهم كخبراء في توسيع دائرة المتعاطين.

واعتبر رئيس الجمعية، أن الثمن المحدد في 50 درهما للغرام الواحد من “البوفا” ليس في متناول الفقراء كما يروجون له بأنه “مخدر الفقراء” في الوقت الذي تشهد فيه الخضراوات والفواكه ارتفاعات صاروخية. وبالتالي فهذه تسميات زائدة ويجب على الأباء الاهتمام بشكل كبير بأبنائهم والتواصل معهم بشكل جيد.

كما يجب على الدولة، يؤكد، البغدادي، الوقوف على طريقة تسيير دور الشباب والنوادي السوسيوثقافية والفضاءات العامة، وذلك لتجنب استقطاب الشباب من طرف باعي المخدرات. ناهيك عن تبليغ الأمن إذا تم رصد أي محاولة بيع للمخدر.

وأثنى رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات على مجهودات الأمن الذي يشن حملة على مروجي هذه المخدرات، “حيث تدل التوقيفات التي تتم والأرقام المعلن عنها على توسع المخدر بشكل رهيب. كما أن توقيف البارونات يعني أن هناك تجارة رائجة جدا. وبالتالي يجب بذل مجهودات مضاعفة من طرف الأمن بهذا الخصوص وإصدار أحكام قاسية من أجل وقف زحف هذا الخطر الداهم للشباب والناشئة المغربية”. وفق البغدادي.

رأي المختص

وعن الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب إلى الإدمان على هذا المخدر. وكذا الآثار السلبية لاستهلاكه، وطرق الحد من انتشاره؟. يجيبنها الدكتور في علم النفس،مروان المعزوزي.

وقال المعزوزي، في تصريح لموقع “عبّــر.كوم“، إن هناك أسبابا متعددة تدفع الشباب إلى الإدمان على مخدر “البوفا”، من ضمنها ما يسمى بضغط الأقران، “فالمراهقين كما نعلم يتأثرون بالأقران الآخرين وبأصدقائهم وبحكم أن “البوفا” نوع جديد يظهر في المغرب -مع العلم ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية منذ التسعينات ومعروف باسم آخر وهو “الكراك” أو “كراك الكوكايين”- ولأنه ظهر جديدا فضغط الأقران يلعب دورا كبيرا في أسباب إدمان الشباب عليه”.

ومن بين الأسباب أيضا، يضيف الدكتور في علم النفس، هو “حب الفضول والاستطلاع؛ يعني أن الشباب والمراهقين عموما يحبون تجربة أي شيء جديد خصوصا إذا كانو شبابا مدمنين ويتعاطون الحشيش أو أنواع أخرى من المخدرات، فهذا يجعلهم يحاولون البحث عن “البوفا” لتجربته وما إذا كان مثله مثل الأنواع الأخرى من الإدمان”.

كما أن “التأثيرات الاجتماعية (بطالة،فقر..) تعتبر من الأسباب كذلك. إضافة إلى الأزمات النفسية والتوتر والضغط النفسي الذين يدفعون مجموعة من الشباب إلى اللجوء  إلى هذه المواد التي يعتبرونها حلا للمشاكل التي يعانون منها. كما لا يمكن تغييب سبب أساسي وهو الصحة النفسية لهؤلاء الشباب فغالبتهم يعانون من مشاكل نفسية أخرى تقف خلف التجائهم للمخدرات وتعاطي هذا المخدر”. يؤكد المعزوزي.

وبخصوص آثار استهلاك مخدر “البوفا” على الشباب، فيرى المتحدث ذاته، أنها عديدة ويمكن إجمالها في كون “البوفا” يرفع من إثارة الشباب ومن شدتها ويجعلهم يشعرون بشعور سريع وبنبضات قلب سريعة مما قد يؤدي بالبعض بمشاكل الضغط القلبي وارتفاع ضغط الدم وأيضا يؤدي بهم إلى فرط الحركة. كما يمكن أن يقوموا بسلوكات خطيرة لأنهم نشيطين ( القفز من النافذة أو الاعتداء على أنفسهم بالسكين”. إضافة إلى التأثير على نومهم وعلى نفسيتهم من خلال ظهور تهيؤات والإصابة باكتئاب وتغيرات في المزاج.

أساليب الحد من آثار انتشار “البوفا”

ولفت المعزوزي، إلى أنه وللحد من آثار انتشار مخدر “البوفا”؛ يجب التوعية والتربية ” من خلال إدماج برامج تربوية في المدارس وفي المجتمع المحلي والتي ترفع من إذكاء الوعي حول مخاطر ونتائج استخدام “البوفا”، يعني توفير مجموعة من المعلومات والدلائل حول هذا الموضوع”. كما يجب على الآباء التدخل في الموضوع من خلال تشجيع أبنائهم على الانفتاح على الحوار ومناقشة مختلف المواضيع بصدق، خاصة فيما يتعلق بالأشياء التي يستخدمونها بما في ذلك هذه المواد المخدرة، ذلك أن الآباء يلعبون دورا كبيرا في التواصل وفي التدخل لتفادي إدمان أبنائهم.

ومن بين الأشياء التي يمكن أن تحد من انتشار “البوفا”، بحسب الأخصائي النفسي، هو توفير ما يسمى بالبيئة الداعمة ” من خلال دعم الأبناء بخلق فضاءات لتفريغ توترهم وانفعلاتهم وتفريغ أي شيء. إلى جانب “التدخل المبكر خاصة في المراحل الأولى من الإدمان، واللجوء إلى الأخصائي النفسي في الحالات الخطيرة من الإدمان لأنه يلعب دورا كبيرا في محاولة مساعدة المراهق الشاب في التخلص من إدمانه”.

نصائح المختص

وأكد الدكتور المعزوي، على أنه وجب على الشباب معرفة أن أي مشكلة لديها حل، وأن المشاكل التي ربما يعانون منها في حياتهم حلها ليس هو “البوفا”. كما أنه يجب عليهم فهم مخاطر هذا المخدر وأنهم يؤذون أنفسهم أكثر من  مساعدتها.

وعلى الشباب، يضيف المتحدث ذاته، أيضا معرفة الأسباب التي تدفعهم لتعاطي مخدر “البوفا”، والبحث عن أساليب التأقلم مثلا البحث عن طريقة للتخلص من توترهم سواء من خلال التحكم في التنفس أو من خلال التأمل أو من خلال البحث عن بعض الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يقدمون لهم الدعم الإيجابي، هذا بطبيعة الحال إذا لم يكن في استطاعتهم الذهاب إلى أخصائي نفسي.

ونصح المعزوزي الشباب بتحديد أهداف في حياتهم؛ لأن ” في الغالب يكون المراهقون الذين يدمنون “البوفا” فاقدين لمعنى حياتهم، وبالتالي فهم يحاولون البحث عن المعنى وسد فراغ عدم وجود المعنى بهذا المخدر، فلذلك يجب عليهم خلق أهداف في حياتهم”.

ويبقى أهم حل، وفق المعزوزي، هو اللجوء إلى الأخصائي النفسي الذي لا يلجأ إليه فقط المضطرب نفسيا أو عقليا، بل أي شخص له مشكل في الإدمان أو العلاقات يمكن له الذهاب إلى الأخصائي من أجل منحه طرقا للعلاج والتخلص من مشاكله.

غزلان الدحماني – عبّــر

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع