محمد زيان… والتدحرج للوقوع في المستنقع

الأولى كتب في 4 ديسمبر، 2020 - 13:47 تابعوا عبر على Aabbir
محمد زيان
عبّر

محمد بالي ـ عبّــر

 

 

أطلق محمد زيان صرخة في الوادي باسم الحزب المغربي الحر مناديا بحل “الأجهزة” الأمنية، لم أتلق هذه الدعوة باستغراب كبير، لسبب بسيط، وهو أنها صادرة عن شخص يتوقع منه أن يقول أي شيء ويخوض في كل شيء وفي اللاشيء أيضا، إلا أن يناصر حقا أو يصغي لصوت العقل يوما.

 

 

لم أستغرب لكل هذا، ولكن تملكتني حيرة شديدة من جمع هذا الشخص لمتناقضات يستحيل أن تتوحد إلا فيه. كيف له أن يتحدث عن الديمقراطية، والماضي كما الحاضر يخبرني بكون تموقع حزبه في المشهد المؤسساتي الوطني تربطه علاقة عكسية بالممارسة الديمقراطية، فكلما ازداد المشهد الديمقراطي والانتخابي الوطني نزاهة وشفافية ورسوخا، إلا وانحصرت تمثيلية هذا الحزب، المصنوع لغرض معلوم، محليا ووطنيا.

 

 

كيف له أن يتحدث عن التدبير الديمقراطي والرشيد للشأن العام، وأنا شخصيا أخفق دائما كلما أقنعت نفسي بإجراء تمرين ذهني أو اختبار للذاكرة لأستعرض قيادات أخرى لهذا الحزب، الذي لم يكن لبراليا ولن يصير حرا، من غير شخصه الوحيد الذي يسود ويحكم، بالباطل طبعا، فدائما تصطدم محاولاتي هاته بجدار منيع قوامه عاملان، أولهما زيان الذي يشكل القيادة والقاعدة، وثانهما، شعاره الأسد الذي أخرجه من عرين شركة أعواد الثقاب المغربية، بتقنية “الكوبي كولي”، وراه على ترويضه ليلعب به أدوارا بهلوانية رديئة الإخراج في سرك السياسة. ولكنه سيعلم بعد انجلاء الغبار أأسد تحته أم حمار.

 

أكيد أن مؤسسات الدولة بما فيها الأمنية ليست في حاجة لمدافع ولا لناصح، ومع ذلك بودي أن أذكرها بما جاء في الأثر “لا تصارع خنزيرا في الوحل فتتسخ أنت ويستمتع هو”، لا تصارع محمد زيان في ميدانه الهابط فتقع في قرار السفح وينتشي هو، لا تحاول إقناع محمد زيان بكون مسعاه خائب فيكثر الضجيج وتتلوث مسامعك. اعرض عن الانشغال بالغوغاء ففي القاع دائما ازدحام كبير.

 

 

طبيعي جدا أن يطالب بحل “الأجهزة” الأمنية حتى يتسنى له وبكل سماجة ووقاحة الإتيان سرا كل فعل دنيء وكل سلوك هابط وارتكاب الرذائل وكل عمل مشين، دينا وأخلاقا، ويحاضر علنا في الشرف والنضال والعفة والطهارة. فيكفي هذه الأجهزة شرفا أنها تكشف سوء صنيعك أنت وأشباهك، ويكفيها مهمة، بل فضيلة، أنها فاضحة للسفهاء مهما تدثروا برداء الزعامة الحزبية أو الانتماء في زمن أغبر وفي غفلة من القرار العاقل إلى مهنة المحاماة.

 

 

في زحمة الغلط طبيعي أن تُعكس الآيات ويسطع نجم الرويبضات ويصير محمد زيان موضعا للكتابة والنقاش، في الزمن الخطأ عادي أن تهدر قرابة ساعة من وقتك لتتابع فيديو تافه تترقب في كل دقيقة منه حدوث خارقة تعيد للرجل رشده فيعترف بمآسيه ويعتذر عن خطاياه ويطلب الصفح بعد انكشاف مكائده ودسائسه وما يضمره من سوء للوطن.

 

في كتابها “من يدفع للزمار” للكاتبة البريطانية فرانسيس سوندرز تحكي أنه إذا أردت التخلص من تنظيم أو فكرة يجب ضربها من الداخل من خلال رجالها الذين يقودون تجربتها. وهذا بالضبط ما يحاول محمد زيان القيام به، بتنطع وحداقة كبيرة، من خلال المساس بالمؤسسات. فلاستهداف الوطن يكفي أن تسفه مجهودات مؤسساته الأمنية والعسكرية والمدنية وتتحرش بمسؤوليها وتريد بها سوءا، خارج قواعد ربط المسؤولية بالمحاسبة كما هو معمول به في مختلف المؤسسات المنتخبة والمعينة.

 

ظهر محمد زيان كطير مقصوص الأجنحة مختل التوازن مقيد الحركة، وهو يحاول تبرير ما لا يبرر، وهو يخلط الأوراق القديمة منها والجديدة، وهو في حالة نفسية مثيرة للشفقة والاشمئزاز في ذات الوقت، وكان بذلك كمن يعترف دون استنطاق، ومن فرط افتراءه على الاحياء والأموات صار كمن يدين نفسه قبل القضاء، مثبتا بذلك ما هو متداول عنه من حيث لا يدري. أتوقع أنه لو أطال خرجته الأخيرة لدقائق أخرى لانكشفت فضائح لا زالت في عداد المجهول أو المسكوت عنه لحدود اللحظة.

 

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع