عبّر-متابعة
عبّر، سعيد بيهي ،عضو المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه الملك ورئيس المجلس العلمي المحلي بالحي الحسني بالدار البيضاء، عن أسفه الشديد، على خروج المواطنين الذين تظاهروا ليلة أمس بالدعاء والتكبير ضد وباء كورونا.
و أكد، بيهي، أنه اطلع ببالغ الأسى وعظيم الأسف، على ما وصوف بجهالات الخارجين رغم الحجر الصحي بدعوى الالتجاء إلى الله جل وعلا بالدعاء رافعين أصواتهم بالتكبير؛ فتعينت ضرورة بيان ما فيها من المخالفات للدين الذي يزعمون الخروج امتثالا له،
و شدد العالم المغربي، على أن هذا السلوك ينطوي على مخالفات كثيرة.
و قال إن إقدامهم على الخروج المشمول بحكم شرعي دون أن يسألوا عنه أهل العلم مخالفين أمر الله تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾.
كما اعتبر خروجهم مخالفة صريحة، للنبي ﷺ ، في أحاديثه التي قصد بها محاصرة الأمراض المعدية مثل حديث: «لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ» (رواه البخاري)، وحديث: « فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» (رواه الإمام أحمد)، وحديث : « إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ (يعني: الطاعون) بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه» (رواه البخاري ومسلم).
و مخالفة أيضا لقول الله تعالى ﴿وَإِذَا جَاءَهُمُ أَمْرٌ مِنَ الاَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الاَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾.
و اعتبر بيهي، أن الوباء لما كان من أمر الخوف لم يحل للأفراد الاستقلال بالتصرف فيه، بل مقتضى التَّدَيُّن الحق رَدُّه إلى أولي الأمر الذين يختصون بامتلاك إمكانيات المعرفة به وبدرجات خطورته وبطرق محاصرته.
و و أوضح المتحدث، أن مخالفة التوجيهات في ذلك ابتعاداً عن فضل الله ورحمته التي يزعمون الخروج للتعرض لها؛ بسبب اتباعهم لخطوات الشيطان الفَرِح بالمخالفة؛ دليله قوله تعالى في ختام الآية ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ في سياق الأمر بالرد إلى أولي الأمر.
و اعتبر سعيد، أن رفع الحناجر بالدعاء حال تلبسهم بمعصية الخروج المخالفين فيها للشريعة لا تُسْتَنْزَل به الرحمات؛ إذ هو مثل من يتقرب إلى الله بالصلاة في الأرض المغصوبة، ومن يترخص بطاعة قَصْرِ الصلاة في سفر المعصية كقطع طريق…،
فلا ريب، يردف المتحدث، أن إخراج الناس ليختلطوا اختلاطا يُقْطَع بانتقال العدوى في أمثاله من المريض إلى الصحيح انتقالا هو سبب قتلهم؛ معصية عظيمة بل جريمة كبيرة، وعليه فكيف يكون نفس الخروج والاختلاط باعتبارهما معصية مُبيحَين للدعاء الذي هو طاعة؟!
و أشار العالم الجليل، إلى أنه لا ريب أن الدعاء في حال التلبس بإتيان أسباب قتل الآخرين عند الاختلاط بهم أو بغيرهم ممن سيحمل لهم الفيروس المعدي؛ دعاء على غير الوجه الشرعي؛ فليست العبرة بالإتيان بصورة الطاعة مقرونة بما يحرك العواطف كالبكاء…، وإنما العبرة بموافقة مراد الله في شريعته، موافقة تتوقف على العلم الذي يختص بمعرفته العلماء الذين أمرنا بسؤالهم…
و زاد المتحدث إلى أن صنيع أصحاب هذه الجهالة شبيه بصنيع من أفتى صاحب جراحة الرأس بأنه لا يحل له التيمم بل يجب عليه الاغتسال فمات بسبب جهالتهم؛ فدعا عليهم النبي ﷺ بقوله:« قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا إذ جهلوا إنما شفاء العي السؤال»…
معتبرا أن المتسبب في التَّغْرير بأرواح الناس، المؤدي بتهييجهم للخروج إلى حصول هلاكم؛ يُخشى عليه أن يكون في حكم الشرع من القتلة؛ ذلك أن المتسبب عند أهل العلم يأخذ حكم المباشر.
و في نهاية حديثه، دعا العالم الجليل، إلى تقوى الله مشددا على أن الدين ليس عاطفة جامحة دون فقه؛ بحيث تأتي على الأخضر واليابس؛ فأنتم بذلك تُحْيُون طريقة الخوارج الذين قال فيهم النبي ﷺ وهو يخاطب صحابته رضوان الله عليهم:
“تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم.. يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم؛ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية”.
اترك هنا تعليقك على الموضوع