الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية..حديث ذو شجون

الأولى كتب في 15 ديسمبر، 2020 - 10:00 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر ـ ولد بن موح

رضوان جراف

لعل أهم شيء يسترعي انتباهنا و نحن بصدد الحديث عن القضية الفلسطينية، هو ذلك التقارب الاجتماعي الذي يزداد بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل مستديم، والذي يقابله من الناحية الأخرى ارتفاع مضطرد في منسوب التباعد سياسي، وعلة ذلك أنه في الوقت الذي يزداد ارتباط أبناء الشعب الفلسطيني بالمستوطنين على مستوى يسارع الكيان المحتل لتوسيع عملية الاستيطان وهضم المزيد من حقوق الشعب الفلسطيني دونما اعتبار للمنتظم الدولي الذي كان سببا رئيسا في خلق هذا الكيان وزرعه في تلك المنطقة بشكل يتجاوز كل القيم الإنسانية.

لذلك والحال هذه فإن عدد من المتتبعين لشؤون الشرق الأوسط، باتوا مقتنعين أن حل الدولتين الذي قبل به العرب من قبل و استندت عليه إسرائيل لبسط سطوتها بدعم من القوى العظمى أصبح بعيد المنال، وهو أمر يعتقد البعض أنه يتنافى مع الأهداف التي من اجلها أوجدت هذا الكيان.

فإسرائيل بخلاف ما يعتقد الجميع هي أداة في يد الغرب، و خلقت لتحقيق أهداف معينة، منها أن تضمن له السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وإسرائيل تعي هذا الشيء جيدا، لذلك فهي و من خلالها يمينها المتطرف، تعمل على ابتزاز القوى العظمي، من خلال مجموعة من السلوكيات التي تقوم بها على الأرض.

إسرائيل اليوم أصبحت بالإضافة إلى أدوارها التاريخية، بمثابة ثعلب سباق حمى التسلح في المنطقة، على الرغم من معرفتنا المسبقة أن تحقيق التفوق العسكري على  إسرائيل أمر لا يمكن تصوره مادامت الدول العظمى تزودها بأحدث التقنيات العسكرية،  هذا مع الاخذ بعين الاعتبار أن إقدام الدول العربية على شراء الأسلحة لا يرتبط بمبدأ توازن الرعب مع إسرائيل و إنما أيضا مع إيران و ربما تركيا بالنسبة لبعض الانظمة، و هذا يجعل تجار الأسلحة في العالم يسعون دائما إلا استدامة الصراع في الشرق الأوسط و اذكاء نعرات التدابر فيها، وهذا يشبه إلى حد كبير الدور الذي رسم للجزائر فعله في منطقة المغرب العربي، التي تعتبر قطب الرحى في استدامة النزاع المفتعل في الصحراء، و ذلك تحقيقا لمصلحة عدد من المنتفعين من استمرار هذا الصراع، سواء تعلق الامر باطراف داخلية في المغرب او الجزائر او اطراف خارجية تقتات على الام معاناة شعوب المنطقة.

بعيدا عن كل هذه القضايا، فالمغرب كما يعتقد البعض، فهم هذه المعادلة، وعلم من باب مسارات الصراع في الشرق الأوسط والمرحلة التي وصل إليها، والتطورات التي تشهدها قضية الصحراء المغربية،  والتلكؤ الذي تبديه هيئة الأمم المتحدة في حل هذا النزاع، لذلك قرر أن يلعب على الحبلين وفق مبدأ الربح و الخسارة، فهم من ناحية سيحسم الصراع في الصحراء لصالح حقوقه المشروعة التي تعضدها الحقائق التاريخية و الجغرافية و الثقافية و العرقية، و من جهة ثانية فتح قناة جديدة للضغط لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، و العمل على إحياء مسلسل السلام و إعادة بعث مشروع حل الدولتين كما وافقت عليه الأطراف.

و هذا الأمر الثاني يجد تجلياته من خلال المكالمة الهاتفية التي أجرها الملك محمد السادس، مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، و أيضا مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، لذلك وجب أن نضع القرارات الأخيرة للمغرب في سياقها الطبيعي.

وهذا السياق يقتضي أن نقع في فخ الربط بين اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، بمغربية الصحراء، واستئناف الاتصال مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعلة ذلك أن القول بهذا الرأي سيجعلنا في موضع التماهي مع موقف خصوم الوحدة الترابية، الذين يروجون لمقولة أن تبادل “الاعتراف” بين المغرب و إسرائيل، أنما هو تبادل اعتراف بين دولتي “احتلال”، لأن الأمر بالنسبة لنا وكما شدد الملك محمد السادس، في اتصالاته مع الرئيس ترامب، والرئيس أبو مازن، على أن القضية الفلسطينية هي على قدر أهمية و أولوية قضية وحدتنا الترابية، مؤكدا أن موقف المغرب من حقوق الشعب الفلسطيني ثابت لا يتغير.

لا شك أننا كمغاربة نعيش وضعية دقيقة مفعمة بالتناقضات، فقلوبنا معلقة بالأرض المباركة، موطن أولى القبلتين و ثالث الحرمين، وأيضا نحن أمام مرحلة تاريخية تتعلق بمسلسل النزاع في صحرائنا التي ارتوت بدماء أجدادنا و آبائنا، وهذا يتطلب منا نوع من التريث و التعقل، وأن نمهل الزمن زمنا، حتى نتلمس المسار التي ستؤول إليه الأمور، مستحضرين دائما مبدأ الربح و الخسارة، بما سيحقق لنا وطن آمن مستقر غير مقطع الأوصال، ولأخوىننا في فلسطين ما تتشوف إليه الأمة العربية والإسلامية وهو فلسطين حرة و مستقلة عاصمتها القدس الشريف.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع