خبير في العلاقات الدولية لعبّر: هذه هي الخلفيات النظرية للقرار الأمريكي بخصوص قضية الصحراء المغربية

الأولى كتب في 26 ديسمبر، 2020 - 10:30 تابعوا عبر على Aabbir
المبعوث
عبّر

رضوان جراف ـ عبّــر 

 

أكد الأستاذ حميد بلغيت، أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، يأتي في سياق التحولات الجديدة التي طرأت على نظرة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه النزاعات الإقليمية في عدد من مناطق النزاع حول العالم.

 

واعتبر بلغيت، في حديثه لـ”عبّر.كوم”، أن هذا القرار إفراز لنظرة مدروسة بعناية تقف خلفها توجهات نظرية متماسكة، كانت هاجس مراكز التفكير في السياسة الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ مدة.

 

وقال بلغيت أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن تحرك الولايات المتحدة الأمريكية، تجاه قضية الصحراء، يندرج في إطار أطروحة “الجمود المؤدي” لبعض النزاعات الدولية، التي أبدعها المفكر الأمريكي، الخبير في الشؤون الأفريقية، وليام زارتمان، والذي سبق له أن اختبر و فكك العديد من النزاعات التي تعرفها القارة الإفريقية، حيث كان هذا المنظر في السياسة الدولية، أحد أفراد جنود القاعدة الأمريكية في مدينة القنيطرة في خمسينات القرن الماضي، أي أنه كان يعرف المغرب بشكل دقيق و يعرف شمال إفريقيا و يعرف نزاع الصحراء بشكل عميق، وصاغ هذا المفهوم لتفسير سلوك المتحدة الأمريكية الرامي إلى تسوية عدد من النزاعات الدولية و من بينها قضية الصحراء.

 

و شدد بلغيت على أن هذا التأطير النظري، ضروري لفهم الإطار الذي تتحرك فيه الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، و الذي لا يتصل حسب “بلغيت”، بشكل مباشر بربط هذه الدول لعلاقات مباشرة أو غيرها مع إسرائيل، و إنما هو قرار مرتبط بمصالح الولايات المتحدة الأميركية الحيوية.

 

وأردف المتحدث، إلى أن الحياد الذي كانت تنتهجه أمريكا إزاء عدد من النزاعات أصبح مكلفا بالنسبة لها، و جعل حدود تدخل الأمم المتحدة لتسوية هذه النزاعات هو تدبير الأزمات أكثر من الذهاب بهذه الأزمات إلى أبعد مدى في اتجاه إيجاد حل و مخرج نهائي لها، وصار هذا الأمر واضحا بخصوص تدبير الأمم المتحدة لقضية الصحراء، حيث ظل هاجس الأمم المتحدة منذ سنوات هو صيانة الوضع القائم، و ليس البحث عن مخرج نهائي دائم للنزاع.

 

و عليه فإن الموقف الأمريكي، يقول بلغيت سيحفز الأمم المتحدة على تغيير قواعد تدبيرها لقضية الصحراء، و بالتالي فمن الخفة أن نعمد لإقامة علاقة مباشرة بين استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية و قرار الولايات المتحدة الأمريكية الداعم لمغربية الصحراء، ذلك بحكم أن لأمريكا الآن مصلحة كبيرة في هذا الاعتراف وفي سعيها لتسوية هذا النزاع.

 

وزاد المتحدث، أن هذه المصلحة تدخل في إطار اشتداد التنافس الدولي حول عدد من أقاليم العالم بين الولايات المتحدة الـأمريكية من جهة و روسيا و الصين من جهة ثانية، و إذا ما تم النظر إلى السلوك الروسي خلال العشر سنوات الأخيرة، فنجد أن مصالح روسيا تمتد على خط مناطق يوحدها معطى وجدود نزاع أو انعدام استقرار سياسي أو أمني خطير.

 

لذلك فإذا رجعنا لمساحة امتداد المصالح الروسية، نجدها تتسع بامتداد النزاعات على المستوى الدولي، مما يعني أن مصالح روسيا وعدد من القوى الإقليمية في الشرق الأوسط و لاسيما إيران، تتسع باتساع رقعة النزاعات و تمتد على خطوط جبهات النزاع ووجود أزمات منفجرة و أخرى كامنة، و هذا ما تجلى في عودة روسيا إلى أوروبا الشرقية عبر بوابة أزمة شبه جزيرة القرم في 2014، و عادت إلى آسيا الوسطى، عبر بوابة أفغانستان، و الحرب بين أرمينيا و أذريبدجان حول إقليم ناغورنو كاراباخ، و عادت إلى الشرق الأوسط عبر بوابة النزاع في سوريا، والآن تحاول أن تجد موقعا لمصالحها على مستوى شمال إفريقيا، عبر البوابة الليبية.

 

وهذا ما يعني، بالنسبة للأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس، أن مصالح روسيا تمتد باتساع رقعة النزاع على المستوى الدولي، وبذلك باتت مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، مرتبطة بتحييد عدد من النزاعات الناضجة، لأن مجرد وجود نزاع سيشكل فرصة لامتداد المصالح الروسية على حساب المصالح الأمريكية، خاصة تلك النزاعات الموروثة عن حقبة الحرب الباردة، والتي من بينها النزاع حول الأقاليم الجنوبية.

 

و تشكل استدامة هذا النوع من النزاعات، فرصة لتسلل قوى صاعدة منافسة و تعاظم مصالحها في المنطقة وهذا الأمر يمس بالمصالح التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية في شمال إفريقيا والقارة ككل.

 

من خلال هذا الأساس النظري الذي يحكم سلوك الولايات المتحدة الأمريكية في تدبير هذا النزاع في هذه المرحلة يبدو بأنه مسار و ليس تصرفات معزولة ولا تحكمها سياقات خاصة، و الموقف الأمريكي الآن من قضية الصحراء هو حلقة ضمن رؤية ومسار مفكر فيه، و ليس موقف عبثي من رئيس قاربت ولايته على الانتهاء.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع