عبّر- وكالات

 

مع أن “هوية” لا يعتبر الحزب اليميني الوحيد في “إسرائيل” المتوقع فوزه في انتخابات الكنيست (البرلمان) المقبلة، لكن بنود برنامجه السياسي تشكل صدمة مرعبة، وفق مراقبين، كونها تدعو لإلغاء الوجود الفلسطيني.

 

هجرة طوعية للفلسطينيين، وطرد للسلطة، وفرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى وبناء كنيس فيه.. مقترحات يتبناها الحزب اليميني قد تقفز من برنامجها النظري وتجد طريقها نحو التفعيل، ما يطرح تعقيدات غير مسبوقة على وضع لم يهدأ يوما.

فعلى نحو مفاجئ، برز حزب “هوية” المتشدد خلال الأسبوعين الماضييْن، ضمن قائمة الأحزاب المرشحة بقوة لدخول الكنيست، بالانتخابات المزمعة في التاسع من إبريل/ نيسان المقبل، ليرسم بذلك ملامح الخارطة المستقبلية للكنيست، وللقضية الفلسطينية عموما.

ويرأس الحزب، القيادي السابق قي حزب “الليكود”، اليميني موشيه فايغلين.

وتتوقع استطلاعات، حصول الحزب على 4 مقاعد في الكنيست؛ وفي حال تشكيل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الحكومة القادمة، فمن المرجح أن يكون “هوية” من بين التشكيلات السياسية الممثلة فيها.

** “دولة واحدة لشعب واحد”

في برنامجه السياسي الذي اطلعت عليه الأناضول، يضع الحزب خطة سياسية من 5 خطوات، يقول إنها “تُنهي مفهوم أوسلو”، في إشارة لاتفاق السلام الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

ويقترح الحزب خطة سياسية بديلة تسمى “دولة واحدة لشعب واحد”، حيث يرتكز البرنامج على الولاء للهوية اليهودية للدولة.

وبناء على ذلك، فإن “أرض إسرائيل هي ملك لشعب إسرائيل بمفرده بقرار إلهي”، بحسب ما يزعم برنامجه السياسي.

ويضيف: “يعترف القانون الدولي بأن إقليم يهودا والسامرة (الضفة الغربية) مخصص لدولة يهودية”، دون أن يشير إلى حقيقة كاشفة أو قرار أممي أو خلافه بهذا الخصوص.

وتابع أن “الاتجاه الديموغرافي يمضي لصالح اليهود، وبحلول عام 2035، من المتوقع أن يعيش 80 بالمائة من اليهود في إسرائيل، من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن”.

وفي إشارة إلى فكرة “تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية”، زعم الحزب أن “معظم العرب (فلسطيني الضفة) يريدون الهجرة، والكثير منهم بالفعل يفعلون ذلك”.

ولتحقيق ذلك، يقترح الحزب خطة من 4 مراحل، تبدأ بـ”إلغاء اتفاقات أوسلو واستعادة الوضع القانوني إلى ما كان عليه قبل الاتفاق”.

أما في المرحلة الثانية، فـ”سيُعرض على الإرهابيين انسحاب سلمي، على غرار انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982″، في إشارة إلى عناصر السلطة الفلسطينية.

وتنص المرحلة الثالثة على أن “الجيش الإسرائيلي سيسيطر على المنطقة (الأراضي الفلسطينية) كما فعل في عملية الدرع الواقي (إعادة احتلال مدن الضفة عام 2002)، وستطبق دولة إسرائيل سيادتها الكاملة على جميع أنحاء البلاد”.

كما أنه “لا يسمح بحمل السلاح إلا للجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية، والمدنيين المأذون لهم (المستوطنين)”.

أما المرحلة الرابعة فتتضمن “تقديم عرض لغير اليهود المقيمين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) يحتوي ثلاثة خيارات: الأول يشمل المساعدة في الهجرة، حيث ستمكّن الدولة السكان المهتمين ببيع ممتلكاتهم، وستساعدهم على الهجرة إلى الوجهة التي يختارونها”.

فيما يتعلق الثاني بـ”الإقامة، وأولئك الذين يرغبون في البقاء والإعلان عن ولائهم (لإسرائيل) بشكل علني، سيحصلون على وضع المقيمين الدائمين في الدولة اليهودية”.

ثالثا، “الجنسية: أولئك الذين يرغبون في أن يكونوا مواطنين مخلصين ويخدمون في الجيش (مثل الطائفة الدرزية على سبيل المثال)، سيتمكنون من الحصول على المواطنة الكاملة بعد مسار امتحانات طويل وشامل”.

ويعتبر برنامج الحزب أنه “عندما يتبنى شعب إسرائيل هويته الحقيقية، ويتوقف عن اعتبار نفسه قوة احتلال في بلده، فإن بقية العالم سيترك الصراع خلفه ويقبل سيادتنا القانونية”.

تجدر الإشارة أن الأسرة الدولية تنحو مؤخرًا نحو تبنى “حل الدولتين” لإنهاء الصراع، وتقوم فكرته على أساس دولة إسرائيلية على أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، وأخرى فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، مع اعتبار القدس عاصمة للدولتين.

** القدس و”الأقصى”

برنامج الحزب يتضمن أيضا مواقفا متشددة تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى الذي يسميه اليهود المتشددون “جبل الهيكل”.

ويزعم أن “القدس بشكل عام وجبل الهيكل على وجه الخصوص، هي في جوهر الوجود القومي اليهودي عبر الأجيال”.

واستنادا إلى ذلك، فإن “غير اليهود الذين سيبقون في القدس هم أولئك الذين سيقبلون بسيادة إسرائيل، وفي ضوء ذلك، سيكون من الممكن توسيع حدود المدينة إلى الشرق والشمال، من أجل خلق (القدس الكبرى)”.

و”ستضم مدينة القدس الكبرى كل من بيت لحم و(مستوطنات) غوش عتصيون في الجنوب، وبيت شيمش وموديعين في الغرب، ومدينة رام الله في الشمال، ومعاليه أدوميم وأريحا في الشرق”.

ويقول الحزب إنه “سيسعى جاهداً لتحويل المجمع الحكومي ومبنى الكنيست والمحكمة العليا من غرب المدينة، إلى البلدة القديمة (في القدس) في المناطق المحاذية لجبل الهيكل”، في إشارة إلى المسجد الأقصى.

وليس ذلك فقط، وإنما يطرح الحزب أيضا فرضية السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

ويزعم بهذا الخصوص أنّ “جبل الهيكل ليس مركز الصراع الديني، بل القلب النابض للأمة بأكملها، هناك صلة مباشرة بين خسارة إسرائيل سيطرتها على الجبل، حيث تم تسليمه بالفعل إلى الوقف الإسلامي، وفقدان الشرعية الدولية لدولة إسرائيل”.

كما يدعي أنه “يرى عودة السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الجبل، كهدف وطني على أعلى مستوى”، على حد تعبيره.

ويتابع: “بناءً على ذلك، نعتزم إبعاد الأوقاف، أو أي كيان أجنبي آخر لا يخضع للسيادة الإسرائيلية، من جبل الهيكل (المسجد الأقصى)”.

ودائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.

وفي هذا الصدد يقول برنامج الحزب المتطرف: “ستتمركز الشرطة الإسرائيلية بشكل دائم على الجبل (المسجد الأقصى) وليس على مداخله، كما هو الحال في الوقت الراهن”.

و”ستكون الزيارات إلى جبل الهيكل ممكنة في جميع ساعات النهار دون قيود، وسيتم ضمان أمن مواطني إسرائيل على الجبل، مع تجنيد جميع قوات الشرطة الضرورية، وسيتم السماح لليهود بالوصول إلى جبل الهيكل دون أي تحفظ”.

ويتابع البرنامج السياسي للحزب: “بموجب قانون الحفاظ على الأماكن المقدسة، يعتزم الحزب تسليم جبل الهيكل إلى الحاخامية الكبرى، والتي ستكون قادرة أيضا على تنظيم صعود وصلاة اليهود على الجبل في إطار القانون اليهودي”.

كما “سيتم بناء كنيس يهودي على الجبل، بالإضافة إلى ذلك، سيتم فتح جبل الهيكل للبحث الأثري دون القيود الحالية”.

** من هو فايغلين؟

ولد رئيس ومؤسس حزب “هوية” موشيه فايغلين، عام 1962 بمدينة حيفا (شمال)، وهو عضو كنيست سابق عن حزب “الليكود”.

وفي 1994، ترأس فايغلين حركة “هذه أراضينا” بهدف منع تطبيق اتفاق “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، قبل انضمامه لحزب “الليكود” عام 2000.

أسس القيادي المتطرف حزب “هوية” في 2015، بعد أن أخفق في الحصول على موقع مضمون في قائمة حزب “الليكود” للانتخابات العامة المقامة بالعام نفسه.

ويقف فايغلين على رأس قائمة المرشحين الانتخابات العامة القادمة، والتي تضم العديد من ناشطي اليمين، أبرزهم عضو الكنيست السابق عن حزب “شاس” الديني، حاييم أمسالم