زواج الأم الحاضنة بين أحكام المدونة ونظرة المجتمع

الأولى كتب في 15 ديسمبر، 2022 - 10:00 تابعوا عبر على Aabbir
حضانة
عبّر ـ ولد بن موح

بالرغم مما جاءت به مدونة الأسرة من تعديلات تحارب أشكال التمييز ضد المرأة،فإن مسألة إسقاط الحضانة عن الأم بعد زواجها مازالت تؤرق العديد من النساء اللواتي يطالبن بالمساواة وبحقهن في حضانة أبنائهن.

تحكي ثريا وعلامات الحزن والامتعاض بادية على محياها : ” لم أتصور يوما أنني سأعيش بعيدة عن ابنتي الوحيدة وأن القدر سيفرقنا عن بعض.

صبرت كثيرا قبل اتخاذ قرار الطلاق حتى لا أحرمها من حضن الأب الذي كان للأسف شخصا غير مسؤول ولا ينفق علي ولا على ابنته”.

تقول ثريا التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها أنها، منذ طلاقها، كانت تتكفل بمصاريف ابنتها كاملة وأن والدها لم يكن يسأل عنها ولا يزورها ، خاصة بعد أن غادر للديار الأوروبية، وتضيف: ” كدت أجن عندما علمت بإقدام طليقي بطلب للمحكمة لإسقاط الحضانة عني مباشرة بعد زواجي وعن رغبته في أخذ ابنتي للعيش معه بإسبانيا” .

نساء عديدات طرقن أبواب المحاكم لاسترجاع حقهن في حضانة أبنائهن بعد أن سلبت منهن مباشرة بعد زواجهن .

يؤكد المحامي الخمليشي الذهبي في حوار مع موقع “عبر” : هناك ملفات كثيرة تعرض علي في موضوع زواج الأم الحاضنة وطلب إسقاط الحضانة عنها، على غرارقضية ثريا التي التمست من المحكمة رفض طلب إسقاط حضانتها لابنتها، خاصة أن طليقها هو مهاجر بالديار الاسبانية و يعيش لوحده ، ووضعه هناك لايتلائم ومصلحة المحضونة.

لكن المحكمة قضت بإسقاط حضانة موكلتي عن ابنتها ذات التسع سنوات وإسنادها لوالدها حيث اعتبرت أن مصلحة المحضونة تكمن في العيش مع الأب وتحت رعايته بعد زواج والدتها.

ويضيف المحامي أن القاضي في مثل هاته الحالات دائما ما يحتكم للنص القانوني الذي يعتبر واضحا في مسألة إسقاط الحضانة.

“بمقتضى المادة 175 من مدونة الأسرة، فإن زواج الأم الحاضنة بغير قريب أو محرم أو نائب شرعي لمحضونها الذي جاوز سبع سنوات ومن غير علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غيرها،تسقط حضانتها عنه”.
كما أن المحكمة هي التي تقرر في مثل هاته الملفات بناء لما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون،إسناد الحضانة للأم ثم الأب ثم لأم الأم وذلك وفق المادة 171 من مدونة الأسرة.

“لا أحد ينفي حق المرأة بعد طلاقها ، حتى لوكانت أما حاضنة،في خوض تجربة الزواج للمرة الثانية . كما أن من حقها العيش دون الخوف من فقدان حضانة أبنائها بعد الزواج”، تروي سلوى التي دفعها الخوف من سلب ابنها من حضنها للتخلي عن فكرة الزواج.

تقول سلوى للجريدة :” منذ طلاقي، تلقيت عدة عروض للزواج فقررت أن أعطي لنفسي فرصة ثانية، لكن طليقي منذ أن علم من خلال أقارب لنا أنني سأقدم على خطوة الزواج أصبح يهددني بسلب إبني مني وأنه لن يسمح بأن يعيش إبننا مع رجل غريب “، تتابع سلوى حديثها ” لم أستطع تحمل فكرة إبعاد إبني عن حضني، خاصة بعد أن تواصلت تهديدات طليقي لي وعزمه عن إسقاط الحضانة عني.

قررت حينها التخلي عن العريس والتضحية من أجل إبني الذي يعتبر أهم شيء في حياتي الآن”

إعادة النظر في قوانين المدونة مطلب مستعجل :

تؤكد بشرى الحقاني ، الأمينة العامة للمنتدى المغربي للمواطنة والدفاع عن حقوق الإنسان، على أن مدونة الأسرة بأكملها بحاجة لمراجعة وإعادة النظر في قوانينها حتى نتجنب التفكك الأسري وضياع الأبناء ،وتضيف على أن الحضانة يجب أن تظل لدى الأم حتى بعد زواجها ، وحرمانها من هذا الحق فيه ظلم للطفل قبل الأم.
وتضيف: “لا يجب أن نفرض على الطفل أن يعيش مع الأب .لدى، يجدربنا أن نراعي مصلحة الطفل في مثل هاته القضايا ،فالمرأة من حقها أن تتزوج بعد الطلاق وأن تحتفظ بأبنائها تحت ظل القانون الذي من المفروض أن يساعدها على احتضان أبنائها “.

وتواصل الناشطة الحقوقية حديثها قائلة :” تظل الأم هي الأحق بالحضانة ،كما أرى أن ما ينقصنا فعلا في مدونة الأسرة هو وعي الزوجين بمسؤولية الأسرة قبل الزواج وأن نعي أن الرعاية والنفقة هي أمور واجبة على الأب ودوره لا يجب أن ينتهي حتى بعد وقوع الطلاق “، وتضيف:” نحن نطالب بمراجعة القوانين غير المنصفة للمرأة و للطفل في القريب العاجل،حتى نتجنب تشتت أسر كثيرة وضياع الأبناء الذين يظلون في الأخير هم ضحايا قضايا الطلاق التي تتم بشكل سيء” .

معاناة نساء من نظرة المجتمع بعد التخلي عن حضانة الأبناء

من جهة ثانية،نرى نساء اخترن التخلي عن حضانة أبنائهن من أجل الزواج، لكنهن لم يسلمن من نظرة المجتمع ومن لوم الأقارب.

تحكي إيمان للجريدة قصتها :” عانيت كثيرا من الكلام الجارح من طرف عائلتي.
أقارب طليقي ينعتونني بالأنانية و”قاصحة القلب” بعد أن تزوجت وتركت حضانة ابنتي لوالدها.
تضيف ” أنا على تواصل دائم مع ابنتي وعلاقتنا جيدة حتى بعد زواجي، و على والدها أيضا تحمل المسؤولية، فمن حقي أيضا أن أفكر في نفسي، فالزواج هو شرع الله وليس جريمة” .

في هذا الصدد، يقول حسن قرنفل متخصص، بعلم الاجتماع،إن ثقافتنا العربية الإسلامية هي ثقافة محافظة، وسابقا ،نادرا ما كنا نرى المرأة المطلقة التي لها أبناء تتزوج، فهي غالبا تهتم بأطفالها ولا تفكر في الزواج للمرة الثانية.

لكن الآن، ومع تطور المجتمع، أصبحنا نرى حالات طلاق لنساء في مقتبل العمر، لدى فهي تقدم على خطوة الزواج مرة أخرى وللأسف فمجتمعنا المغربي المحافظ دائما ما يلوم المرأة التي تخلت عن حضانة أبنائهاويصفها بأنها ناقصة أمومة وحنان “.

ويضيف على أن مجتمعنا يلخص أدوار المرأة في تربية الأبناء فقط، وعندما تقدم على الزواج للمرة الثانية ، وهو الأمر الذي يعتبرا حقا من حقوقها ، نلومها على ذلك، في حين نرى في مجتمعات أخرى كيف أن الوالدان، بعد الطلاق، يسيران أسرتهما وعلاقتهما مع أبنائها دون أدنى مشكل .

هذا ويؤكد الأستاذ حسن قرنفل على أن القانون يجب أن ينصف المرأة بعد زواجها للمرة الثانية وأن يضمن لها حقها في الاحتفاظ بأبنائها وأن يواكب المجتمع بدوره كل التطورات الحاصلة في العقود الأخيرة والتي تمنح للمرأة عدة حقوق إسوة بالرجل.

بشرى الحضيكي

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع