المحام الوغد…في نسخة مزيدة ومنقحة

الأولى كتب في 11 نوفمبر، 2020 - 13:14 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

محمد بالي ـ عبّــر

 

 

حققت رواية “المحام الوغد” Rogue Lawyer لجون غريشام نجاحا كبيرا وانتشارا واسعا بعد صدورها سنة 2015. أتصور لو أن غريشام أضاف جزءا آخر إلى أجزاء الرواية الستة، وأرى أن يحمل الجزء السابع عنوان “محام استبد به الخرف”، وأن يستبدل سيباستيان رود Sebastian Rudd شخصيته الرئيسية بمحمد زيان، فسيكون بذلك عمله الروائي هذا عملا توثيقيا لشخصية حقيقية وليس عملا روائيا خالص الخيال، وسيزيدها خرف محمد زيان تشويقا وإثارة ومتعة للقارئين، وستحقق روايته بحلتها الجديدة أكبر المبيعات التي لم يحققها عمل روائي من قبل. فلمحمد زيان من الأدوار الغريبة ما يثير الغثيان ومن المواقف المتناقضة ما يثير الاستغراب ومن الخرجات البهلوانية ما يثير الضحك والاشمئزاز في نفس الآن، ومن الدسائس المفضوحة ما يثير الشفقة.

 

 

لكي تكون متناقضا وتافها، يكفي أن تكون وزيرا لحقوق الإنسان في حكومة رجلها الأول هو إدريس البصري، ويكفي أن تترافع ضد نوبير الأموي الكاتب العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، بتهمة القذف وسب وزراء الحكومة، ملتمسا من المحكمة تشديد العقوبات وإن أسعفه القانون الجنائي لطالب بالحكم بالإعدام وتنفيذه، وأن تكون العملة المطلوبة لكل من يريد “تغْرَاقْ” الشقف بالمناضلين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. ولن يطوي النسيان، مهما حاولت، حبكك لسيناريو تجريد أبراهام السرفاتي من جنسته الأصلية وانتماءه المغربي وقذفت به إلى ماوراء البحار واليابسة. ويكفي أن نمسح الغبار عن سجلاتك الإجرامية وملفاتك الفاسدة لنتذكر جميعا ما طبع فترة توليك لوزارة حقوق الإنسان من اضطراب بل صدام بين الدولة والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان. ألم تصفك وقتئذ المنظمات الحقوقية بمزين الوجوه القبيحة؟

 

 

بعدما لم يعد أحد يطرق باب مكتب محمد زيان، هرع هذا الأخير يعرض خدماته في المزاد، تارة لمؤازرة معتقلي الأحداث الاجتماعية وتارة أخرى للدفاع عن معتقلي الخلايا الإرهابية، وثالثة لتبرئة تجار المخدرات، وأخرى لقلب التصورات والمفاهيم والتمثلات، فخلاصة مرافعاته أمام المحكمة وخارجها في قضية بوعشرين كان هاجسها كيف يمكن تطويع القانون والوقائع للقبول بالاتجار بالبشر كعمل مشروع والاغتصاب والاستغلال الجنسي كواجب مهني.
فلنتجاوز مسألة عرض الخدمات في المزاد واعتراض سبيل المتقاضين، ولكن رجاء أن تجيبنا عن سؤال مؤرق، وهو: ما الذي يجعل وكلائك يطالبون بانسحابك الفوري من فريق دفاعهم أكثر من انشغالهم بموضوع الخصومة والنزاع الأصلي أمام المحكمة؟ غير انكشاف ما بنفسك من حقارة ومكر وخبث ظاهر ودسائس بائنة وضعف دراية ووضاعة كفاءة.

 

 

في اليونان القديمة مهد مهنة المحاماة كانت الأماكن المقدسة هي مقر عملهم، فإذا حان وقت البت في المنازعات رش المكان بالماء النقي دلالة على طهارة الاعمال وصفاء الأقوال. وعلا شأن المحاماة في عهد الرومان حتى أن أحد ملوكها “أفطيموس” أصدر قانونا ساوى فيه بين المحامين ورجال الجيش. ومع محمد زيان للأسف وأستسمح لشركائه في المهنة هبط بها إلى مستنقع الإسفاف في القول والفجور في العمل.

 

 

تعلمنا في الرياضيات، وبالضبط في دروس علم المنطق شيئا اسمه البرهان بالخلف، أي الإثبات عن طريق المعاكسة. وعليه، واختصارا للوقت والمسافات، إذا أردنا أن نحدد معنى المحاماة عند محمد زيان فيكفي أن تخالف معناها في قواميس اللغة. وبذلك تصير عند محمد زيان سفالة وسمسرة ومطية وخيانة ووضاعة.

 

 

لن أخفيكم أنني أجد حرجا كبيرا في الحديث عن محمد زيان، ليس لاسمه ولكن لصفاته، والتي ترامى عليها عنوة وسلبها نبلها. يتملكني خجل كبير أن أروي سردية حادثة السير التي جعلت منه وزيرا، والصدفة غير المرغوب فيها التي خلقت منه محاميا. ولحسن الحظ أن الأيام تتكفل بكشف معادن الناس، وكان التاريخ بذلك كاشفا فاضحا لسريرة المندسين في البدلة السوداء لا هم أتقنوا المهنة ولا هم أدوا الرسالة وبلغوا المراد.

 

 

هناك مثل أمريكي يقول “إذا كان كل ما تملك مطرقة فستتهيأ كل الأشياء في صورة مسمار”، إذا كنت سيئا فاسد القصد خبيث النية، فطبيعي أن تستغل بشكل مقصود منبر الدفاع وتضر بالمهنة وتمس بالمنتسبين إليها وتأتي باسمها كل محضور وكل فعل عاهر داعر.

 

 

يحكى أن زوجت رونالد ريغان وهي ترحب بالمدعوين في حفل عشاء في البيت الأبيض لفت نظرها رجل أسود وهو مايلز ديفيس، اقتربت منه بلطف خبيث وقالت له: «سيدي، هل لي أن أعرف ماذا فعلت لتستحق هذه الدعوة إلى العشاء؟ رد عليها: «لقد غيرت مسار موسيقى الجاز خمس مرات…وأنت، ماذا فعلت لتصبحي السيدة الأولى غير أنك ضاجعت الرئيس عدة مرات؟ وفي سياقنا، ماذا فعل محمد زيان لينال حظوة غير مستحقة سابقا ويحوز ازدراء وخزيا لاحقا وفي أرذل العمر، غير أنه كان مقامرا بالليل وناسكا بالنهار فانكشف طبعه الذي كان مستورا.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع