هل ستسقط المحكمة الدستورية قانون المسطرة المدنية؟

في خطوة قضائية بارزة، أسقطت المحكمة الدستورية عدداً من المواد الواردة في مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 23.02، الذي صادق عليه البرلمان المغربي خلال الشهر الماضي، بعد أن تبين لها مخالفتها الصريحة لمقتضيات الدستور.
وأوضحت المحكمة في قرارها رقم 25/255 أن رقابتها انصبت على المقتضيات التي تمس الحقوق والحريات الأساسية، أو تخرق مبدأ فصل السلط واستقلالية القضاء، أو تخل بضمانات المحاكمة العادلة، مؤكدة بذلك دورها كحارس لسمو الدستور على جميع التشريعات.
مواد مخالفة للدستور
شمل قرار المحكمة إلغاء أو تعديل عدة مواد، أبرزها:
المادة 17: منحت النيابة العامة صلاحية طلب بطلان المقررات القضائية دون تحديد دقيق للحالات، ما اعتُبر مساساً بمبدأ الأمن القضائي.
المادة 84: أجازت التسليم القضائي بناء على الظن أو التصريح، وهو ما يخالف معايير المحاكمة العادلة.
المادتان 408 و410: منحتا وزير العدل صلاحيات تتعارض مع مبدأ استقلال السلطة القضائية.
المادة 90: لم توفر ضمانات كافية لحقوق الدفاع في حالة عقد الجلسات عن بُعد.
المادتان 624 و628: منحتا وزارة العدل سلطة الإشراف على النظام المعلوماتي القضائي، ما اعتبرته المحكمة تدخلاً في اختصاصات السلطة القضائية.
دعوة لتعديل قانون المسطرة المدنية قبل التنفيذ
وأكدت المحكمة الدستورية على ضرورة حذف أو تعديل جميع مقتضيات قانون المسطرة المدنية غير المطابقة للدستور قبل دخول القانون حيز التنفيذ، مشيرة إلى أن المواد التي لم تثر بشأنها ملاحظات واضحة تبقى خارج نطاق رقابتها في هذا القرار.
توازن بين التحديث والضمانات الدستورية
وشدد القرار على أن تحديث المساطر القضائية ومواكبة التحول الرقمي يجب أن يتم في إطار احترام المبادئ الدستورية، وعلى رأسها استقلال القضاء وضمان حقوق الدفاع، مؤكدة أن أي مقتضى قانوني يمس بهذه المبادئ يعد باطلاً ولا يمكن تنفيذه إلا بعد تعديله بما ينسجم مع الدستور.