وزير الشغل أمام أعضاء مجلس المفاوضة الجماعية: الدورة مناسبة لإعطاء دينامية وانطلاقة حقيقية للنهوض بالمفاوضة الجماعية وتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية

مجتمع كتب في 29 ديسمبر، 2020 - 13:39 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر ـ ولد بن موح

عبّر-الرباط 

 

أكد محمد أمكراز وزير الشغل والإدماج المهني أن أشغال الدورة الحادية عشرة لمجلس المفاوضة الجماعية المنعقدة صباح اليوم الثلاثاء تنعقد في سياق خاص يطبعه اجماع القوى الحية بوطننا، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، سواء من أجل مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتفشي جائحة كوفيد-19، الناتجة عن الركود الاقتصادي وضعف الطلب وصعوبة التسويق، أو في ما يتعلق بمستجدات قضيتنا الوطنية التي تعرف انعطافا ايجابيا نحو التسوية النهائية.

وأضاف الوزير في كلمته الافتتاحية أن المغرب اختار ،وبإشراف مباشر من صاحب الجلالة نصره الله وأيده، ومنذ تسجيل أولى حالات العدوى محليا بتاريخ 2 مارس 2020، (اختار) نهج أسلوب تشاركي، من أجل بحث كيفيات مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الجائحة، مبرزا أن الحكومةعملت أيضا على إشراك الشركاء الاجتماعيين في تدبير هذه الفترة من خلال آلية اللجنة العليا للتشاور والتي تعتبر إحدى أهم المكتسبات التي تم تحقيقها بمقتضى الاتفاق الاجتماعي الثلاثي ل 25 أبريل 2019، حيث عقدت هذه اللجنة ثلاث اجتماعات، بالإضافة إلى جولة خاصة للحوار الاجتماعي، شكلت كلها فرصة للاستماع لمقترحات الشركاء الاجتماعيين حول مختلف التدابير المتعلقة بإجراءات الطوارئ الصحية، والاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي، مشددا على ان هذه الممارسة محل ترحيب دولي خاصة لدى منظمة العمل الدولية، التي أشادت بالتجربة المغربية في اعتماد الحوار الاجتماعي لتدبير فترة الأزمة الناتجة عن الجائحة.

أمكراز أبرز من جهة أخرى أن المجالس والهيئات الثلاثية التركيب، باعتبارها فضاءات للحوار الموضوعاتي، تشكل أبرز صور التشاركية، التي باتت تعتبر اليوم أحد المبادئ التي لا غنى عنها في تفعيل وأجرأة البرامج الكفيلة بتنزيل السياسات العمومية والقطاعية، مشيرا إلى أنهم في وزارة الشغل والإدماج المهني، حرصوا على عقد هذه الدورة من أجل التداول في شأن مختلف النقط الواردة في جدول الأعمال، لاسيما بعد نشر المرسوم رقم 2.19.455 المؤرخ في 30 يناير 2020 بتحديد عدد أعضاء مجلس المفاوضة الجماعية وكيفية تعيينهم وطريقة تسيير المجلس، والذي جاء بمجموعة من المستجدات، أهمها تلك المتعلقة بكيفية سير المجلس وطريقة اتخاذ القرارات والتوصيات وتوقيع التقارير والمحاضر.

خصوصا،يضيف الوزير أن الدستور المغربي لسنة 2011، نص في فصله الثامن على أهمية الأدوار المنوطة بالمنظمات النقابية للأجراء، والمنظمات المهنية للمشغلين، والغرف المهنية، في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، مؤكدا على واجب السلطات العمومية في تشجيع المفاوضة الجماعية باعتبارها وسيلة وأداة لتنظيم العلاقات بين الشركاء الاجتماعيين، وتطوير ثقافة القانون التعاقدي للشغل.

الى ذلك شدد أمكراز على أن المفاوضة الجماعية بمختلف مستوياتها تحظى بأهمية بالغة ليس فقط لكونها آلية إرادية لمعالجة مختلف القضايا الاجتماعية والمهنية والتدبيرية للمقاولة وإحدى سمات التدبير الجيد للعلاقات المهنية، بل لكونها تجسد مستوى متقدم من الحوار الاجتماعي والمشاركة النشيطة والفاعلة للأطراف الاجتماعية في تدبير العلاقات الشغلية، وتؤكد على أهمية دورهم في تطوير التشريعات الاجتماعية من خلال القانون التعاقدي للشغل، باعتباره وسيلة لا محيد عنها لوضع القواعد الاتفاقية خاصة في الظروف الطارئة والأزمات الاستثنائية كما هو الحال مع جائحة كوفيد-19، خاصة فيما يتصل بالقواعد المتعلقة بسبل الوقاية من العدوى داخل فضاءات العمل، وكيفيات تنظيمه لتفادي الأزمات والمعيقات الناتجة عن الجائحة، خاصة فيما يتعلق بكيفيات العمل عن بعد، والعمل بالتناوب، وسبل الحفاظ على مناصب الشغل، وهو الأمر الذي اكدته منظمة العمل الدولية في مجموعة من الوثائق الصادرة عنها خلال فترة الجائحة، لاسيما مذكرتها الاخبارية ليوليوز 2020 حول المفاوضة الجماعية في ظل جائحة كوفيد-19.
فعلى الرغم من الطابع الإرادي للمفاوضة الجماعية بين أطرافها، فإن أهميتها تنبع من أهمية النتائج المترتبة عنها، طالما أن ضمان استدامة تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي يبقى رهينا بخلق الشروط الكفيلة بتحقيق التوازن بين الحاجيات الاقتصادية والمطالب والمكاسب الاجتماعية، وبالتعاون المسؤول والبناء بين مختلف الفاعلين، ومن خلال تعزيز الحكامة القانونية، عبر مأسسة المفاوضة الجماعية بمختلف مستوياتها بشكل فعال، واحترام دورية إجرائها وتنفيذ نتائجها، وهو الأمر الذي سيسمح بتحقيق السلم الاجتماعي واستدامته.

في السياق ذاته أوضح الوزير أن حرص وزارة الشغل والإدماج المهني، ومن خلالها الحكومة على التفعيل والتنزيل السليم للمقتضى الدستوري الهام الوارد في الفصل الثامن من الدستور والمتعلق بواجب السلطات العمومية في تشجيع المفاوضة الجماعية، هو ما دفعها إلى اعتماد البرنامج الوطني للنهوض بالمفاوضة الجماعية، وجعله أحد الأوراش المهيكلة التي يتم أجرأتها وتنفيذها وطنيا وجهويا، في إطار المقاربة التشاركية القائمة على مبدأ الثلاثية، حيث تم اعتماد هذا البرنامج خلال الدورة الثامنة لمجلس المفاوضة الجماعية، سنة 2017، كما تم الشروع في تنفيذه وفق نفس المقاربة، على امتداد أربع سنوات، شهد خلالها عدد اتفاقيات الشغل الجماعية باعتبارها ثمرة المفاوضات الجماعية الناجحة، طفرة نوعية حيث بلغ عدد اتفاقيات الشغل الجماعية منذ سنة 2017 وإلى غاية اليوم ما مجموعه 37 اتفاقية شغل جماعية تم إيداعها لدى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، في انتظار إيداع مجموعة من الاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخرا ومنها ثلاث اتفاقيات جماعية تم توقيعها الجمعة الأخير ولأول مرة (في الاقاليم الجنوبية) بمدينة العيون، حاضرة الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأشار الوزير إلى أن أشغال هذه الدورة ستشكل، بالنظر إلى غنى مواضيعها، مناسبة لإعطاء دينامية وانطلاقة حقيقية للنهوض بالمفاوضة الجماعية وتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، والتفكير الجماعي بشأن أنجع الوسائل للنهوض والارتقاء بمستويات التفاوض الجماعي، خاصة في ظل الظروف الطارئة والأزمات الصحية، بالإضافة إلى النقطة المتعلقة بالبث في رأي المجلس بخصوص مقترح تفسير بعض بنود اتفاقيات الشغل الجماعية والتي ستشكل تفعيلا لأول مرة لأحد الاختصاصات الأصيلة للمجلس، والتي سيكون لها الوقع الإيجابي على دمقرطة منظومة العلاقات المهنية وتعزيز حكامة تدبيرها ، باعتبارها مدخلا أساسيا لتعزيز صرح بناء دولة الحق في الميدان الاجتماعي.

الوزير أشار في دات السياق أن مسألة أن تفعيل أدوار هذا المجلس وغيره من الهيئات الثلاثية ليست مسؤولية طرف دون غيره ،بل هي “مسؤولياتنا جمعيا كسلطات عمومية وكشركاء اجتماعيين، ومن تم يجب أن نواصل مجهوداتنا وحرصنا على إضفاء مبدأ الحكامة الجيدة على عمل هذه الهيئات والرفع من مستوى أدائها، من خلال الحرص على التقيد بمقتضيات المرسوم الجديد المحدد لعدد أعضاء المجلس وكيفية تعيينهم وطريقة تسيير المجلس، وتفعيل الدليل العملي المتعلق بكيفية سير هذه الهيئات، والذي تمت المصادقة عليه واعتماده خلال أشغال الدورة التاسعة لهذا المجلس”.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع