من اجل جبهة حداثية مغربيةبقيادة المؤسسة الملكية

عبّر معنا كتب في 15 أكتوبر، 2019 - 12:35 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

 

 

بقلم: انغير بوبكر

 

تحظى المؤسسة الملكية المغربية بموقع دستوري وسياسي واجتماعي هام في المنظومة السياسية والمجتمعية المغربية. اذ ان المؤسسة الملكية المغربية لها تاريخ وطني وسياسي جد مؤثر في تاريخ المغرب وحاضره ومستقبله، لذلك فهي مؤسسة تحظى بالتقدير والاحترام لدى الجميع .

 

 

 

ولعل الادوار الكبرى الجديدة التي انيطت بالمؤسسة الملكية في عهد محمد السادس هي تحديث المجتمع ونفخ روحة الحداثة في شرايين المجتمع ومحاولة تحجيم اصوات الحداثة والتقليد وانصار معاداة الاخر ، لذلك نجد الملك محمد السادس من المدافعين الرئيسيين على حقوق المراة وعلى المساواة الكاملة بينها وبين الرجل ، وجابه اصوات المحافظين ودعاة الرجعية في عدة مواقف ومواضيع.

 

 

 

ما يجب قوله بدون شك ولا مواربة ان وعي المؤسسة الملكية بالمغرب يتجاوز المجتمع بكثير و مواقفها متقدمة في عدد من المواقف مقارنة باغالبية المجتمع و بمعظم الاحزاب السياسية المغربية ، فلو تم الاكتفاء او الاستكانة الى موقف المجتمع المغربي من حقوق المراة او لو استشير المجتمع المغربي في تعديلات مدونة الاسرة او تأنيت مهنة العدول او توريث النساء في الاراضي السلالية .. لتشبت المجتمع بتقاليد بالية ومواقف رجعية متخلفة باسم الحفاظ على الدين و الذود عن حرماته.

 

 

 

بفضل الرؤية الحداثية للمؤسسة الملكية المتشبعة برياح الغرب وحضارته استطعنا في المغرب على الاقل ان نتحدث عن قوانين ايجابية تنسجم مع روح العصر وتكرم انسانية الانسان .

 

 

 

في موضوع دسترة الامازيغية وترسيمها كذلك استطاعت المؤسسة الملكية ان تتجاوز النخبة السياسية المغربية في مطالبها ومذكراتها المطلبية واتخذت قرارا جرئا وغير متوقع من النخبة السياسية المغربية التي سمتها الانتظارية والخنوع ، بدسترة اللغة والثقافة الامازيغية رغم تخلف المتخلفين ومعارضة الرجعيين وكان موقف المؤسسة الملكية مشهودا وتاريخيا في اتجاه اقرار الحقوق اللغوية والثقافية واعطت الانطلاقة لورش مناقشة واعدة صياغة الهوية والثقافة في شمال افريقيا كلها .

 

 

 

لو انتظرنا النخبة السياسية المغربية او المجتمع المغربي في عمومه لبقينا نناقش الامازيغية هل هي لغة او لهجة ؟ و لبقينا في نقاشات مستهلكة حول الاستغلال الاجنبي للامازيغ ونوايا الامازيغ الحقيقية وحقيقة الاختراق الصهيوني للحركة الامازيغية وهي نقالشات بيزنطية تدل على الافلاس السياسي للنخبة السياسية المغربية في تعاطيها مع جميع القضايا المجتمعية الملحة …. في موضوع البعد اليهودي وضرورة انصافه كان دستور المملكة وبمباركة ملكية حاسما وجازما في اعادة الاعتبار للبعد اليهودي في ثقافتنا المغربية ، وهذا مكسب اساسي من شانه اعادة النقاش حول دور البعد اليهودي تاريخيا في بناء الحضارة المغربية وبل المغاربية .

 

 

 

لو كان القرار بيد المجتمع وقواه المحافظة لكان البعد اليهودي مغيبا والنقاش حوله ذنبا لا يغتفر من طرف نخب ثقافية وسياسية تعودت ركوب امواج الشعبوية وتتقن لغة دغدغة مشاعر الجمهور لاقتناص مواقع سياسية واقتصادية واجتماعية ولو على حساب التاريخ والحقيقة . بفضل المؤسسة الملكية ووعيها التاريخي المتقدم استطاع البعد اليهودي ان يحفظ مكانه ضمن ديباجة دستور المملكة المغربية وهذا انتصار رمزي في انتظار الوعي الجمعي بالاسهام اليهودي في بناء المجتمع الدولة المغربية الذي هو مكون اساسي من مكونات هويتنا الوطنية علىمدى القرون الغابرة.

 

ترى ما موقف الاحزاب السياسية المغربية في عمومها من البعد اليهودي والثقافة العبرية قبل الاقرار الدستوري لسنة 2011؟

 

 

ان المتتبع للنقاش العمومي والسياسي بالمغرب سيلحظ بدون عناء كبير الترهل السياسي والحزبي الذي تعرفه الساحة السياسة المغربية امام احزاب استهلك خطابها و اندحر قيادتها و عزف الشباب عن الانخراط فيها ، والسبب هو عدم قدرتها على الانتقال من ثقافة القبيلة والغنيمة و الروابط اللامدنية الى مرحلة المواطنة والاستحقاق واقتراح البدائل المجتمعية والجراة في الطرح السياسي وفي استشراف قضايا المستقبل .

 

 

 

فاحزابنا السياسية تسلطت عليها قيادات هرمة غير ديموقراطية واغلبها انتخب بالتصفيق و التدليس والمحاباة و لم تستطع مواكبة انتظارات مجتمع شاب طموح متأثر بوسائل التواصل الاجتماعي ويصبو الى عيش كريم ووطن حنون ، شباب يلهث نحو الفردوس الاخر لكي يتنفس رياح الحرية ويمارس حياته بكل تلقائية بعيدا عن ضوابط الفهم المتكلس للدين وبعيدا عن لغة المقدس والمدنس . شبابنا يئس من مجتمع تسيطر عليه قوى محافظة موغلة في الرجعية والنكوصية تشيع يوميا فكرا قدريا متجاوزا تغطي من خلاله عن عجزها اقتراح بدائل مجتمعية قابلة للحياة .

 

 

ان الحملة المغرضة التي تستهدف النشطاء والمدافعين عن الحريات الفردية ببلادنا ، تبين بما لا يدع مجالا للشك ان مجتمعنا ما يزال يحتضن عقليات مدعشنة تحن الى عصور الاسترقاق و العبودية ،لذلك فرهان الحداثيين والديموقراطيين يجب ان يكون كبيرا على المؤسسة الملكية والقوى الليبرالية و الديموقراطية الاشتراكية التي عليها الانتظام في جبهة ثقافية وسياسية في مواجهة قوى النكوص والمحافظة والثبات هذه القوى الحداثية صحيح ان واقعها لا يسر الناظرين و هي قوى مشتتة متعاركة ، لكن بمبادرات سياسية قوية ورعاية ملكية يمكن للقوى الحداثية والديموقراطية والاشتراكية ان تلعب ادورا مهمة في مغرب المستقبل ، وسيكون في هذا الامر نوع من تصحيح خطأ تاريخي كان قد وقع فيه المغرب عندما قامت الكتلة الحداثية والديموقراطية بصراع مرير مع المؤسسة الملكية فخرجت فيها القوى الحداثية والديموقراطية منكسرة مشتتة ومنقسمة واعطى ذلك فرصة ثمينة للقوى المحافظة للانقضاض على المجتمع والدولة معا ، فتخلفنا الاقتصادي والثقافي والتاريخي عموما لم يكن الا بسبب توافقات اقامتها طبقات مسيطرة تاريخية مع الجهل المقدس و مع طروحات شعبوية تخفي الحقائق العلمية والتاريخية لفائدة خطابة مكررة تحتوي خطب دينية منغرسة في التقليد وتمجيد بطولات تاريخية متوهمة.

 

 

 

لقد كان التخلف و الجهل والصراعات الدينية والمذهبية دائما الاداة الرئيسية التي يستعملها الكولونياليون ومن والهم لاستحكام قبضتهم على الشعوب ونهب ثرواتها ، فلم يعد من المقبول استمرار الرهان على تخلف المجتمع واستغلال الروح الدينية للتضييق على الحريات الفردية والجماعية ، بل ان المعركة الفكرية والثقافية والسياسية يجب ان تبدأ منذ الان لتثقيف المجتمع ودحض طروحاته المتوارثة ونشر قيم العلم والحضارة ونشر القراءة الحداثية المستنيرة للنص الديني عبر المدرسة ووسائل التنشئة الاجتماعية. المعركة طويلة وتتطلب تضحيات و محكومة بمنطق التقدم والتراجع لكن رهان الحق والعدل لابد يوما ينتصر.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع