ماكرون يرسم ملاح حرية تفكير البؤساء الجديدة

عبّر معنا كتب في 24 أكتوبر، 2020 - 13:45 تابعوا عبر على Aabbir
الغرامات عوض سجن
عبّر

سعد الناصيري

 

 

رسم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ملامح جديدة لمعنى حرية التفكير والتعبير، بعد إقدامه أمس الجمعة إلى تبني بشكل رسمي للصورة المتخيلة تقدح في خاتم الأنبياء والرسل والذي يعتبر إماما للمسلمين، وذلك بنشر الصورة في مبنى… بشكل متعمد لاستفزاز المسلمين وإذلال الفرنسيين منهم على الخصوص، كإجراء انتقامي عقب قضية مقتل أستاذ تاريخ بسبب إقحام الصور المسيئة للرسول في المقرر المدرسي.

 

 

لقد عمد إرهابي قطع رأس أستاذ التاريخ، وعمد ماكرون إلى قطع رأس التاريخ نفسه، بتطاوله على أمة من ملايير الناس منهم الفرنسيون من بني جلدته، بشكل أظهر أن فرنسا في الألفية الثالثة أنتجت رئيسا لايدبر أزماتها بسياسة، وإنما بعصبية وكراهية، في قضية يدعي أنها قضية دفاع عن حرية التعبير.

 

 

ومايفعله ماكرون بتصريحاته ليس عملا سياسيا لمحاربة الإرهاب كما يدعي، وإنما هو من وجهة أدق توضيح أكثر لمعنى حرية التعبير كما يتصورها، وبما تناسب خلفيته، ولأنه اختار أن يمارس التعبير عن كراهيته للمسلمين الفرنسيين كرئيس لفرنسا، بدل أن يمارس تدبير الأزمات السياسية للشعب الفرنسي، وذلك بعد تفضل سيادة المناضل عن حرية التعبير ليعلن أن فرنسا سوف تستمر بنشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد (ص)، وان الأستاذ الضحية أصبح يجسد الجمهورية.

 

 

حرية التعبير عند ماكرون لا تعني إنتاج أفكار ومواقف متميزة لاحتواء التنوع الثقافي، وتأطير المواطن في إطار منظومة فكر إنساني شامل، بقدر ما تكرس العداء للاختلاف وتشحن المشاعر بالسب والقذف والتنقيص، في الوقت الذي كانت حرية التعبير تشحن العقل بقيم التسامح والتعايش والتعاون.

 

 

حرية التعبير عند ماكرون لا تتورع عن الاستفزاز ولا تفقه شيأ عن أخلاق الحوار، ولا تحرص على وضع اعتبار للآخر الذي يختلف عنه في الرأي، كونه في العمق هو مرآة لفكرته، وهذا ما تجلى بالفعل باستفزاز مشاعر حقد مماثلة أدت لمقتل ضحية.

 

 

حرية التعبير عند ماكرون غير منصفة، كون ماكرون يمثل السلطة السياسية، بينما التعبير حق الجميع كمواطنين بدون احتكار أي وسيلة تسلط، وهذا التسلط ما ناضل ضده المثقفون والسياسيون الأحرار لقرون، باعتبار حرية التعبير والتداول الحد الفاصل لعناوين الاستبداد والعنف والارهاب والحروب البدائية.

 

 

حرية التعبير التي لا تحترم وجود الآخر ولا تمنحه الحق المماثل، حرية تسلب قيمة نفسها وتضرب عرض الحائط الإرث الثقافي لدولة البؤساء.

 

 

حرية التعبير كما رسمها ماكرون أنتجت رد فعل رمزي سينتشر عبر العالم، تبدأ بمقاطعة البضائع الفرنسية، وستنتهي بحفظ الملف السيء لتجربة ماكرون في التوصيف السياسي لحرية التعبير، ومعاداته للأديان السماوية، وأزمته السياسية في استيعاب حقوق مواطني فرنسا المسلمين.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع