قلبوا أوراق الماضي لتصحيح المسار!

الأولى كتب في 13 يوليو، 2019 - 11:18 تابعوا عبر على Aabbir
رونار
عبّر
عبد اللطيف المتوكل رئيس الرابطة المغربية للصحافيين الرياضيين

بقلم: عبد اللطيف المتوكل

يعتقد البعض أن إشغال الناس بمسألة رحيل المدرب الفرنسي هيرفي رونار أو بقائه، هو الكفيل بامتصاص غضبهم، وتحويل أنظارهم عن القضايا الهامة والكبرى، والمتمثلة أساسا في تفعيل دور مؤسسة رياضية اسمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بمكتب تنفيذي (مديري) قوي بكفاءاته وقدراته ومكوناته، ويشتغل بشكل جماعي، ويغلب منطق التشاور والحوار والحكمة والتبصر في إدارة شؤون اللعبة الشعبية الأولى في بلادنا، بل ويمكن أن نذهب بعيدا، ونعتبرها اللعبة الجماهيرية “الوحيدة”، بالنظر إلى واقع التهميش والضعف والبؤس الذي يخيم على غالبية الأنواع الرياضية الأخرى، مكتب تنفيذي يقدر معنى المسؤولية ويمارس أعضاؤه صلاحياتهم بنشاط وهمة والتزام، وفي توافق تام مع المصلحة العامة والعليا لكرة القدم الوطنية.

 

الظرفية الحالية بتحدياتها الآنية والمستقبلية، تستوجب مكتبا تنفيذيا بارعا في عمله وتدبيره واختياراته، وفي الدفاع عن استقلاليته في اتخاذ كل القرارات، حتى يحاسب عليها من منطلق تفعيل المبدأ الدستوري: “ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
لذلك، رجاء لا تحاولوا إلهاءنا بمسألة مفهومة ولا تحتاج إلى عناء كبير في التفكير والإدراك، لأن منطق الأشياء، وشروط تصحيح المسار، يفرضان فك الارتباط مع هذا المدرب، خاصة بعد استحضار أسلوب عمله وحصيلة ثلاث سنوات ونصف التي قضاها على رأس المنتخب الوطني.

 

فالمدرب الذي يبحث عن تشكيل منتخب لنفسه، وعلى مقاسه، ويحول بعض اللاعبين إلى “سوبرمانات”، ولا يعطي أي قيمة لمبدأ الانضباط والسلوك القويم، هو جزء هام من الأزمة الشاملة.

 

تضييع الوقت في حسم هذه النقطة، نعتبره إعلانا صريحا على استمرار مظاهر سوء التسيير، ودخول كرة القدم الوطنية مرحلة جديدة من العبث وهدر المال والضياع.

 

من هنا، تكمن أهمية إعادة ترتيب أوراق الجامعة، لفتح الباب أمام أجهزة وهياكل ذات تمثيلية حقيقية ومصداقية، تشتغل بروح عالية، وتفكر وتقترح وتتواصل، وتلتزم بالقانون وتتقيد بضوابطه ومقتضياته، وتدافع عن قضايا شريفة.

 

ولكن لابد أن نعترف بأنه من الصعوبة بمكان، أن نتطلع لمكتب جامعي بهذه المواصفات في ظل الواقع المرير الذي تعيشه الجمعيات الرياضية على مستوى التسيير، وسيادة عقلية الهيمنة والتسلط وشراء الذمم، وإغلاق الأبواب أمام الطاقات والكفاءات الشابة، وفي ظل تغييب الدولة لأدوارها المحورية والرائدة في إصدار قانون محفز للاستثمار في الرياضة، وتهييء الأرضية المتينة والصلبة، والمناخ السليم لإنشاء الشركات الرياضية، وانخراطها في تنشيط وتنمية الحركة الرياضية ككل، ولتكون كرة القدم هي القاطرة التي تجر باقي الأصناف.

 

في هذا السياق، يتعاظم دور الدولة، في تجويد القانون المنظم للرياضة، وفي تفعيل دور أجهزة ومديريات قطاع الشبيبة والرياضة لتوفير منشآت رياضية وثقافية وتربوية واجتماعية من خلال علاقات تشاركية مع الجمعيات الرياضية الجادة، والجماعات الترابية، وفي تشجيع وتحفيز القطاع الخاص ورجال المال والأعمال للإقبال على الاستثمار في الرياضة.

 

وإلى أن تستشعر الدولة بمؤسساتها الحكومية والتشريعية، وبمكونات حركتها الرياضية، الأدوار الطلائعية التي يجب أن تضطلع بها في هذا المجال، من الضروري أن نلمس تغييرا في طريقة التدبير داخل جامعة كرة القدم، وأن نكون أمام مكتب جامعي يجيد قراءة التاريخ (الماضي) ليستلهم منه الدروس وروح التجديد والابتكار، لتصحيح مسار الحاضر وغرس بذور التخطيط لجني ثمار مستقبل جميل ومشرق.

 

نريد مكتبا جامعيا شبيها بمدرسة النجاح، يضع مخططا شموليا وطموحا وواقعيا، يكون فيه المنتخب الأول لبنة من ضمن لبنات أخرى، تستفيد من نفس الاهتمام والمواكبة والدعم المالي.

 

ولهذا من الضروري مراجعة النظام المتبع في مختلف المسابقات والبطولات، وارساء معايير شفافة ومنصفة في التحفيز والمراقبة، وتخليق المشهد الكروي، وتفعيل دور الإدارة التقنية لتكون رافعة للتخطيط والاختيارات الصحيحة، في التكوين والتوجيه وحماية المواهب المحلية من الضياع.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع