في المغرب فقط.. 500 مليار على الملاعب وخزائن فارغة: هل حان وقت محاسبة فوزي لقجع؟

في مفارقة صارخة تهز الرأي العام المغربي، تتواصل عمليات ضخ المليارات في البنى التحتية الرياضية استعداداً لاستضافة كأس إفريقيا وكأس العالم، بينما لا تزال خزائن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فارغة من لقب قاري غاب لأكثر من 45 عاماً. ومع تولي فوزي لقجع، رئيس الجامعة، منصب الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، تتعالى الأصوات المطالبة بفتح ملف الإنفاق الضخم على الملاعب، وربطه بالنتائج الهزيلة على أرض الواقع.
الملاعب تلتهم المليارات من الميزانية… والألقاب الكبرى حلم مؤجل
خلال الأشهر الأربعة الأخيرة فقط، كشفت الأرقام عن حجم الإنفاق الهائل على تجديد الملاعب المغربية. فقد تم رصد ميزانية بلغت 46 مليار سنتيم لملعب أدرار بأكادير، و56 مليار سنتيم لملعب مراكش الكبير، و33 مليار سنتيم لملعب البريد بالرباط، بالإضافة إلى 39 مليار سنتيم لملعب الأمير مولاي الحسن. هذا بالإضافة إلى المشروع العملاق لإصلاح مركب مولاي عبد الله بالرباط الذي سيكلف لوحده 300 مليار سنتيم، ومبالغ أخرى ضخمة في فاس ومدن أخرى.
بمجموع يقارب 500 مليار سنتيم من أموال دافعي الضرائب، يجد المغاربة أنفسهم أمام ملاعب بمعايير عالمية، لكن في المقابل، يواجهون حقيقة مرة تتمثل في غياب الإنجازات. فبعد 11 عاماً من تربع فوزي لقجع على عرش جامعة الكرة، يبقى الإنجاز الأكبر هو الوصول لنصف نهائي مونديال 2022، وهو الإنجاز الذي لخصه الحارس ياسين بونو بعفوية حين قال: “كنا غا قصارين لقينا راسنا فالنصف…”، في إشارة إلى أن الطموح لم يكن يتجاوز حدوداً معينة، بينما يبقى اللقب الإفريقي الغائب الأكبر.
تضارب المصالح: فوزي لقجع رئيس الجامعة هو نفسه وزير الميزانية
تكمن الطامة الكبرى في كون الشخص الذي يترأس الجامعة المسؤولة عن كرة القدم، هو نفسه الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في حكومة المملكة. هذا التداخل في المناصب يطرح أسئلة مشروعة حول تضارب المصالح، وكيفية تخصيص هذه الميزانيات الضخمة لقطاع يشرف عليه بنفسه، في وقت تعاني فيه قطاعات حيوية أخرى كالتعليم والصحة من نقص حاد في الموارد. إن صرف 128 مليار سنتيم على أربعة ملاعب فقط في ظرف أربعة أشهر يضع أولويات الحكومة المغربية على المحك.
محاولة لتكميم الأفواه وتوجيه الإعلام
لمواجهة الانتقادات المحتملة، تشير المعطيات إلى أن فوزي لقجع عقد اجتماعاً مع مجموعة من الإعلاميين لتوجيههم نحو دعم المدرب وليد الركراكي والوقوف إلى جانبه، مع تجنب انتقاد الجامعة أو قراراتها. خطوة اعتبرها الكثيرون محاولة استباقية لتحصين نفسه وفريقه من أي مساءلة إعلامية أو شعبية حول الفجوة بين حجم الإنفاق وحصيلة الإنجازات.
دروس من البرتغال: حين تكون الأولوية للشعب لا للملاعب
في الوقت الذي يدافع فيه البعض عن هذا الإنفاق باعتباره استثماراً للمستقبل، يأتي الموقف البرتغالي، شريك المغرب في تنظيم مونديال 2030، ليعري حقيقة الأولويات. فقد صرح المسؤولون البرتغاليون بشكل واضح أنهم لن ينفقوا يورو واحداً على بناء أو تجديد الملاعب، مؤكدين أن الأولوية القصوى هي للبنى التحتية والمؤسسات العمومية التي تخدم المواطن مباشرة.
إن إنفاق ما يعادل 500 مليار سنتيم، وهو مبلغ قادر على بناء مئات المستشفيات والمدارس وتوفير آلاف فرص الشغل، على قطاع رياضي لا يزال يتعثر في حصد الألقاب، هو أمر يستدعي وقفة جادة. لقد حان الوقت لتغليب صوت الحكمة ووضع المال العام في مكانه الصحيح، والأهم من ذلك، تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في شخص فوزي لقجع الذي، بحسب منتقديه، “عثا في أموال المغاربة فساداً” دون حسيب أو رقيب.