غرامات تنتظر أولياء التلاميذ ونقابي يحذر: لا يمكن محاربة الهدر المدرسي بالقانون

مجتمع كتب في 6 أكتوبر، 2023 - 17:00 تابعوا عبر على Aabbir
غرامات لاولياء التلاميذ
عبّر

تتجه الحكومة للمصادقة على مشروع قانون يتعلق بالتعليم المدرسي، والذي يقر غرامات مالية على أولياء أمور التلاميذ لمحاربة الهدر المدرسي.

وبحسب ما تضمنه مشروع القانون الذي تمت إحالته على المجلس الأعلى للتربية والتكوين لأخذ رأيه قبل المصادقة عليه، فإنه يعاقب الأشخاص المسؤولون قانونا عن رعاية الطفل بغرامة مالية تتراوح بين 2000 درهم و5000 درهم وفي حالة العود يضاعف مبلغ الغرامة.

ويتم فرض هذه الغرامة في حق أولياء الأمور الذين لم يتقيدوا بأحكام المادتين 6 و7 من هذا المشروع التي تنص على الزامية تسجيل الأطفال بالتعليم المدرسي.

هذه الخطوة التي تعتزم الحكومة القيام بها، طرحت العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت ستحقق النتائج المرجوة، وستكون كافية وكفيلة للحد من الهدر المدرسي.

الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم FNE، غميمط عبد الله، عبر عن أسفه من كون المنظومة التربية في المغرب تشوبها مجموعة من الاختلالات نتيجة مجموعة من المخططات التي أعلنتها الوزارة انطلاقا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين مرورا بالبرنامج الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية، وأخيرا خريطة طريق.

ويوجد في مقدمة الاختلالات ومظاهر الأزمة، بحسب ما صرح به غميمط لموقع ” عبر.كوم”،  الهدر المدرسي الذي يقدر سنويا بأكثر من 330 ألف تلميذ وتلميذة الذين يجدون أنفسهم خارج المنظومة، وهذا يؤثر على المردودية الداخلية للمنظومة ويؤثر كذلك على التنمية ومصداقية المؤسسة، ولكن الأسباب الكامنة وراء ذلك ترجع أولا إلى عدم التوزيع العادل للمعرفة داخل المدرسة.

وأوضح النقابي أنه يوجد بالمغرب تعليم فيه سرعات مختلفة، حيث نجد اختلافا بين التعليم القروي والحضري، وهذا الأخير الذي يوجد في الهامش والمركز، كما نجد التعليم الخصوصي بسرعات مختلفة، وتعليم البعثات، التعليم العتيق إلى غير ذلك، في حين لا يوجد تعليم عمومي موحد من الأولي حتى الجامعي، وهو ما يجعل الهدر المدرسي في أسلاك الابتدائي والإعدادي والتأهيلي متفاوتا، حيث نجد الهدر المدرسي في الابتدائي نسبيا غير مرتفع ولكنه مرتفع جدا في الإعدادي وكذا في التأهيلي، وحتى في التعليم الجامعي توجد أرقام مخيفة من الهدر.

ومن أسباب هذا الهدر، يؤكد الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم FNE، أن المدرسة لا تستجيب لحاجيات المجتمع من ناحية تكوين الأطر إلى غير ذلك، لأن المدرسة أصبحت لها علاقة بالسوق وبالتالي فحاجيات السوق هي المفروضة على مخططات قطاع التعليم، وبالتالي يجد التلاميذ أنفسهم في العديد من الوضعيات أمام أقسام مكتظة، وبمستويات متعددة، وأقسام بأساتذة غير متخصصين حيث نجد أستاذا يدرس مادة ليست من اختصاصه، كما نجد غياب دور الأسر.

واعتبر المتحدث ذاته، أن الأسرة لها دور في الهدر المدرسي، ذلك أنه في ظل حكم الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية تجد الأسرة نفسها منغمسة في البحث عن الخبز لأبنائها وبالتالي تتبع الأبناء ومرافقتهم لا يكون بالشكل المطلوب، ما يعني ظهور انحرافات وعدم قدرة التلاميذ على الاندماج في المدرسة وتتبع البرامج الدراسية واستيعاب مضامينها. بحيث يخلق أحيانا داخل الفصل تحول بين التلاميذ بين مجموعة صغيرة تكون نسبيا مواكبة للبرنامج الدراسي ومستجداته وبين مجموعة أخرى صغيرة، ولكن نجد مجموعة كبيرة من التلاميذ بعيدة في مؤخرة الكوكبة لا تستطيع استيعاب الدروس ما ينعكس على التقويم وبالتالي عدم الحصول على نقط جيدة، وهو ما يدفع التلاميذ في بعض الأحيان إلى مغادرة بشكل طوعي.
ناهيك عن وجود ظواهر مرتبطة بالعنف داخل المدرسة، يضيف غميمط، إلى جانب الممارسات المشينة التي تكون في مجالس الأطفال التي تأخذ قرارات زجرية في حق عدد من التلاميذ الذين يتم طردهم، كما يوجد الحالة الثالثة وهي التلاميذ الذين عندما تنتهي الدراسة لا يلتحقون بالمدرسة في الموسم الموالي، لأن أسرهم ليست لديها الإمكانيات.

وشدد الكاتب العام للنقابة التعليمية، على أنه لا يمكن لا يمكن محاربة الهدر المدرسي بالقانون وأنه من المستبعد القيام بذلك، لأنه وإن بقي التلاميذ في المدرسة فسيبقون في معظم الأحيان مكرهين خوفا من معاقبة آبائهم. وفي مقابل ذلك يجب أن يكون هناك واقع مدرسي يحارب بسياسات عمومية متوازنة في قطاع التربية الوطنية، وليس بمرسوم سيفرض غرامات على الأب الذي يكون في غالب الأحيان غير مقتنع بالمدرسة.

وعدم اقتناع الأب بالمدرسة، يضيف غميمط، مرتبط بالإمكانيات المادية لمواكبة ابنه، بالتالي يجد الابن نفسه وجها لوجه أمام هذه الإكراهات وهو ما يحد من رغبته في الدراسة ليبقى وجوده في مقاعد الدراسة شكليا.

ودعا الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، إلى ضرورة توفير المناخ التربوي والإمكانيات المادية للإسر، يعني يجب أن تكون المدرسة عمومية مجانية، وعلى الدولة توفير الدعم الاجتماعي الحقيقي، وليس الدعم الاجتماعي الذي يوجد الآن والمحدد  في 100 أو 120 درهما للتلميذ، هذا يسمى ضحك على الدقون، بمعنى يجب أن يقدم الدعم الاجتماعي للأسر ويكون مهما، ويجب على الدولة أن توفر سوق الشغل للآباء ليعيش أبناؤهم في استقرار.

وأكد المتحدث ذاته، على أن مواجهة الهدر المدرسي لا تتم عبر هذه المراسم القانونية الزجرية بقدر ما يجب أن توفر لها سياسات عمومية متوازنة، أولا تضمن المقعد المجاني للتلميذ والتلميذة في الأولي، والابتدائي، والإعدادي، وفي التأهيلي، وأن لا تكون هناك أقسام مكتظة، وتوفير النقل المدرسي والتغذية للداخليات، وذلك من أجل أن يكون التلاميذ رغم ظروف آبائهم، قادرين على متابعة الدراسة وأن يكونوا مستقطبين من طرف المنظومة، لأنه وإن تم إعمال القانون سترسل الأسر أبناءها إلى المدرسة ولكن هؤلاء لن يدرسوا ووجودهم سيظل شكليا إلى أن تنهي السنة الثالثة إعدادي وسيغادر المدرسة، لكون الدولة الآن تضمن 9 سنوات فقط.

ولفت غميمط، إلى أن إبقاء التلميذ في المدرسة لمدة 8 سنوات يمكن أن يكون إجباريا ولكن لن يفيد المنظومة والمجتمع، وبالتالي يجب أن تكون لدينا سياسات عمومية في المدرسة وفي مجال الشغل، الصحة، الاقتصاد، وفي مجالات  أخرى من شأنها أن ترد المصداقية أولا للمدرسة كمجال من مجالات التوزيع العادل للمعرفة ( بحيث سيتخرج الأستاذ، والطبيب، ورجل الأمن، وغيره من المناصب التي ستيعد الثقة)، ذلك أن النظام التعليمي فقد ثقة الشباب والشابات والأسر لأنه نظام تعليمي موجه الآن للسوق، يخدم مصالح السوق الاقتصادية المحلية والوطنية ومعايير التعليم المفروضة من طرف السوق لا يمكنها أن تتحمل كلفة التدريس بمواصفات يستمر فيها التلاميذ في الدراسة وينخفض على إثرها الهدر المدرسي.

ولهذا فهذا الإجراءات هي من أجل الحفاظ على التلاميذ في تسع سنوات فقط، لأنه توجد انتدابات الحكومة والدولة في إطار خريطة الطريق ومجموعة من القروض التي تندرج في مجال التعليم والتي تؤكد على ضرورة بقاء التلاميذ تسع سنوات وبالتالي انخفاض الهدر المدرسي على مستوى الأرقام، ولكن على مستوى المضامين والواقع هذا شيء آخر.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع