عطلة الصيف: شباب بين حلم الاستجمام وكابوس عمل موسمي

الأولى كتب في 5 سبتمبر، 2019 - 12:16 تابعوا عبر على Aabbir
عمل
عبّر

فاطمة الزهراء حراز ـ عبّــر

 

يقترن فصل الصيف في أذهاننا بالعطلة، وترتسم بعقولنا مشاهد موسم الحر والرطوبة، والسفر، والاستجمام، والاستمتاع، والراحة، فالغالبية من التلاميذ والطلبة يجدونه فرصة لممارسة هواياتهم المفضلة، والاستراحة بعد موسم دراسي شاق، غير أنه إن كان كذلك في مخيلة البعض فإنه عند فئة أخرى من الشباب والأطفال، مناسبة سانحة لمزاولة عمل موسمي يمكنهم من جني بعض الدراهم لتأمين تكاليف دخولهم المدرسي.

شباب تلمس من طريقة كلامهم نوعا من العزيمة والإصرار، والشعور بالرضى والاعتماد على النفس، فالقاسم المشترك بينهم هو فخرهم بعملهم.

 

كورنيش الوداية بزوارق العدويتن

 

سلا الرباط

 

“كورنيش الرباط” وجهة لسكان المدينة ونواحيها، بل قبلة لكل من يزور المدينة، خاصة خلال العطلة الصيفية. فهو يشكل لهم “كوكتيلا” من المتعة والترفيه، ناهيك عن نسيم ينسيهم أعباء الدراسة أو العمل، ويزيل الطاقة السلبية المتراكمة في أعماق النفوس الناتجة عن ضغط الحياة والتعب اليومي طيلة السنة. لاسيما إذا تزامنت عطلة نهاية الأسبوع مع العطلة الصيفية، حيث يجد الناس الفرصة مناسبة للاستمتاع بالوقت والترويح عن النفس.

انها الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد، مجموعة من الشباب والأطفال قرروا استغلال عطلة نهاية الأسبوع في ممارسة هواياتهم المفصلة، المتمثلة في ركوب تلك الزوارق الصغيرة التي تطفوا فوق مياه واد أبي رقراق، أو الغوص في أعماقه، وهناك من يجد في صيد السمك متعة و في نفس الوقت استمتاعا بالمنظر.

 

سيارات الأطفال تسلية للصغار ومورد رزق للكبار

 

الرباط

 

وإذا تقدمت خطوات قليلة تجد في الزاوية الأخرى على الرصيف شابا غارقا في تجهيز المكان بسيارات بلاستيكية صغيرة رفقة ربة عمله، استعدادا لاستقبال أطفال المصطافين، وساكنة المدينة ونواحيها. حيث يساعدهم زكرياء على الركوب وسياقة السيارة لبضع دقائق ، مقابل 5 دراهم. هكذا يقضي زكرياء، البالغ من العمر 21 سنة والحاصل على شهادة الباكالوريا، ما تبقى من العطلة الصيفية في انتظار الدخول الجامعي، ليبدأ في كفاح من نوع اخر، يحكي زكرياء قصته مع العمل خلال العطلة الصيفية، بكل ثقة ورضا “خلال العطلة الصيفية تزدهر الكثير من المهن الموسمية، إذ يجدها العديد من الشباب فرصة مواتية للاشتغال تنقذهم مؤقتا من معاناتهم الاجتماعية جراء بطالتهم ولو لمدة قصيرة.

 

“منذ أن كان عمري 16 سنة وأنا أعمل بهذه المهن الموسمية. أنتقل من مهنة إلى أخرى حسب المناسبات، في رمضان أشتغل في بيع التمور، وفي عيد الأضحى أتنقل لمساعدة بائعي الأغنام، واشتغلت كذلك في الصباغة والبناء… . أما خلال هذه الفترة تعرف مهنة ألعاب الأطفال انتعاشا كبيرا”.

يضيف قائلا وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة “تعودت على هذا الروتين كل سنة، بالنسبة لي العمل بمثابة مفر من العديد من المخاطر التي تحيط بالشباب ، والتي من شأنها أن تؤثر على مسارهم في الحياة واندماجهم في المجتمع كالانحراف والادمان على المخدرات… . كما يساهم في تقوية الشخصية واكتساب تجارب مختلفة و”أهم حاجة الواحد كيولي اعرف الفلوس منين كيجيو و كيتعلم اتحمل المسؤولية.”

 

البرتقال البارد ملاذ الباحثين عن رشفة انتعاش

 

انها الثانية بعد الزوال حيث ترتفع الحرارة، ويتضاعف الوافدون على الشاطئ بشكل استثنائي مع عطلة نهاية الأسبوع، وتصبح الشمس حارقة ويزداد عطش المصطافين، إذ تجدهم يتجمعون حول بائع عصير البرتقال البارد الذي ظل ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. يروي أحمد ذو 19 سنة، مقبل على السنة الثانية باكالوريا، وهو يعصر البرتقال بتلك الآلة اليدوية “اليوم الجو حار شيئا ما، لذلك هناك إقبال على عصير البرتقال البارد.” وأردف قائلا بعد أن مد كأسا من العصير لأحد المصطافين “العطلة الصيفية والتي تعرف ارتفاع ذروة النشاط السياحي، إذ تعتبر بالنسبة لي مناسبة جيدة لمزاولة عمل موسمي يمكنني من جني بعض النقود لتأمين دخولي المدرسي، خاصة أن مصاريفه مكلفة، إذ تشكل عبء ماديا ونفسيا للأسر. بل هي فرصة كذلك لاكتساب تجربة واقعية من المجتمع، وروح الاعتماد على النفس، الشيء الذي يساعد الشباب على تقوية الشخصية، ويجعلهم قادرين على مواجهة الحياة والتعامل مع أصناف مختلفة من البشر”.

 

“البراسولات” ظل بثمن وفير

مظلات

 

بمجرد الاقتراب من الممر المؤدي إلى الشاطئ تجد العديد من الشباب يرددون نفس الجملة “بغيتي براسول”، ويتسابقون للفوز بزبون كلما رأوا أحد العائلات أو الأًصدقاء يقصدون الشاطئ. يتحدث حمزة وهو يحمل في يديه بعض المظلات الشمسية المطوية وكرسي بلاستيكي، ورغم التعب الظاهر على ملامحه، التي لازال يغلب عليها الطابع الطفولي، إلا أن الابتسامة لا تفارق محياه “أشتغل في هذه المهنة في كل عطلة صيفية، بغية جمع بعض الدريهمات من أجل تأمين الكتب المدرسية و بعض الملابس، و لدر أموال تقيني من بسط اليد ولو لشهور معدودة.”

 

“البيني” أكلة الشاطئ الأكثر طلب

 

البيني

 

بالقرب من حمزة تلمح أسامة بائع “البيني” طفل لم يتجاوز بعد 12 سنة، يحمل طبقا كبيرا من “البيني” على راحة يده الصغيرة ويتجول بين ارجل المصطافين الغارقين في الاستمتاع فبعضهم يطلي بشرته بواقي الشمس لحمايتها من أشعة الشمس الحارقة، فيما البعض يحتمي تحت «بارسولات» ويتأمل أمواج البحر، املا أن يوقفه أحد لكي يشتري منه ولو قطعة واحدة من البيني. يقول اسامة تعودت على المجيئ هنا يوميا بالطبع ليس للاستجمام بل للتخلص من قطع البيني التي أبيعها للمصطافين مقابل بعض الدراهم وذلك من أجل مساعدة والدي على مصاريف دخول المدرسي”.

 

بائع خبز “لالة رحمة”

خبز

بعيدا عن الشاطئ والمصطافين، وبالضبط على جوانب أحد شوارع مدينة سلا، يجلس محمد ذو16 سنة خلف عربة خبز ينتظر زبناءه، الذين اعتادوا على خبز أمه لالة رحمة. يحكي بكل هدوء “أدرس في السنة الثانية باكالوريا، اخترت مساعدة أمي في بيع الخبز من أجل تخفيف عناء العمل الذي تكبدته طيلة السنة. فهي تشتغل في المنزل حيث تسهر على عجن الخبز وطهيه، ثم تخرج لبيعه في الشارع. نهيك عن الأعمال المنزلية من طهي الطعام، غسل الملابس وتنظيف المنزل… لذلك قررت استغلال العطلة الصيفية لتخفيف بعض العبء عليها.”

 

مساعدات النكافة

 

لا تقتصر الأنشطة الصيفية والمهن الموسمية المرافقة لها على الذكور وحدهم، بل تمتد لتشمل العنصر النسوي كذلك، وليس بعيدا عن بائع الخبز في أحد الأحياء الشعبية، وبالضبط في محل لتزيين العرائس أو كما يطلق عليه بـ “النكافة” حيث تعمل أميمة شابة تبلغ من العمر 23 سنة، وتدرس في السنة الثالثة من التعليم الجامعي، هي التي تسهر على استقبال الزبناء وتزودهم ببعض المعلومات حول الخدمات التي تقدمها ربة العمل.

لم تجد ما تشغل به وقتها خلال العطلة الصيفية سوى العمل مع صديقتها هاجر من أجل تأمين مصروفها اليومي واكتساب التجربة، على حد تعبيرها، تقول أميمة “لا أستطيع الجلوس في المنزل طيلة العطلة الصيفية، أنتظر الدخول الجامعي فأنا وصديقتي تعودنا على الاشتغال خلال العطل الصيفية، نعمل في جميع الميادين، ففي السنة الماضية عملنا بمعمل للخياط، المهم بالنسية لنا هو كسر الروتين واكتساب تجارب مختلفة”.



شاهد ايضا:

سائق شاحنة ينجو بأعجوبة من فيضان قوي

كلمات جد مؤثرة من الملك محمد السادس في حق الراحلة أمينة رشيد

الشيخة الطراكس هانية وخى نموت فالكباريه..

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع