ظاهرة تهور “أولاد الفشوش” بالمغرب تعود للواجهة

الأولى كتب في 8 أكتوبر، 2019 - 16:00 تابعوا عبر على Aabbir
التحقيق في تزوير
عبّر

مصطفى طه ــ عبِّـر

 

“أولاد الفشوش”، مصطلح باللهجة العامية المغربية، معناه، تغنج وتدلل أبناء الطبقة البرجوازية، الذين يتواكلون على مناصب وثراء عائلاتهم، لكن آفة تهورهم الزائد ومواجهاتهم مع باقي أبناء الشعب، تؤدي بهم أن يكونوا دائما محط تنديدات شديدة، وانتقادات واسعة.

 

هذه الفئة، من بينهم أبناء وزراء، و أعيان، ورجال أعمال، يستغلون جاه وسلطة أهلهم، ليخالفوا القانون، أو يتسببون في حوادث سير بشعة ومميتة، جراء تهورهم الغير المسؤول، كانت آخرها عملية الدهس، بطلها شخص، من مواليد 1990 مقيم بدولة الأراضي المنخفضة هولاندا، عندما كان يقود سيارته الفارهة، بسرعة جنونية رفقة فتاة قاصر، التي نبهته باللهجة العامية “عندك الجدارمي” ليرد عليها “أنا مكنعرف لا جدارمي لا…”، الذي ذهب ضحيتها شهيد الواجب الوطني، الدركي المسمى قيد حياته “عبد الله مهراز”، البالغ من العمر 29 سنة، حين كان يقوم، بمهمته المهنية، و الذي لقي مصرعه يوم الجمعة الماضي، متأثرا بجروح بليغة، بعد عملية سحل تعرض لها بالهرهورة ضواحي عاصمة الأنوار الرباط، حين لم يمتثل القاتل، لتعليمات الدركي الضحية، الذي طالبه بالتوقف، بسبب مخالفة مرورية الجاني، عند ارتكابه للحادث المأسوي الذي منع الحاضرين، من تصويره، وفضل البقاء داخل سيارته، إلى أن ألقت عليه المصالح الأمنية القبض، التي وضعته رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة المختصة، من أجل إخضاعه للتحقيق، والإستماع إليه في محضر قانوني، حيث اعترف تلقائيا بالمنسوب اليه.

 

هذه الواقعة، تذكرنا بحمزة الدرهم، ابن شقيق الرجل الثري، حسن الدرهم، ونجل عم الوزيرة، في الهيكلة الحكومية الحالية لسعد الدين العثماني، هذا الشاب الذي كان على متن سيارة فارهة، بصحبة أحد أصدقائه، قام بعملية تصوير نفسه ونشرها، وهو يحتسي زجاجة خمر، بإحدى يديه بطريقة مستفزة، بينما يقود بيده الأخرى، وهو يغني ويرقص، ويتمايل فوق مقعد السيارة، مما أدى إلى اصطدامه، بعدد من السيارات، بأحد شوارع الرباط، هذا الشاب المتهور، الذي يتابع دراسته بالديار الفرنسية، الذي تحدى بشكل صارخ، رجال الأمن بالاستهزاء منهم، حيث خضع للاعتقال للبحث، و تم التحقيق معه، من طرف عناصر الشرطة القضائية، بعد ظهوره في شريط فيديو موثق، وهو في وضعية غير طبيعية، بسبب السكر الطافح، وتسببه في حادث سير بسيارته رباعية الدفع.

 

في نفس السياق، عمدت إحدى بنات الأثرياء، وبالضبط نجلة وزير العدل السابق، المسماة مريم بنجلون، الملقبة بماريا، وذلك سنة 2003 ، حين كانت تقود سيارتها، مخترقة ممر صغير بمدينة الرباط، يمنع المرور منه، حيث كانت شرطية، تقوم بمراقبة حركة السير، هذه الأخيرة أمرت، نجلة بنجلون بالتوقف، نتيجة ارتكابها مخالفة مرورية، والتي لم تتقبل الأمر، حيث حاولت الهروب، مما تسبب في إصابة، الشابة الشرطية، بكسور مزدوجة، على مستوى يديها وساقيها، حيث نقلت، صوب المستشفى العسكري بالعاصمة، لتلقي الإسعافات الضرورية، فيما تم محاصرة “بنت الفشوش”، داخل سيارتها، من طرف المواطنين، ومنعها من التحرك، حين حاولت الهرب. هذه الواقعة، التي أصبحت قضية رأي عام آنذاك، فقد توبعت المعتدية بتهم ثقيلة، هي الضرب والجرح، بواسطة ناقلة ذات محرك، وعدم تقديم أوراق السيارة، وعدم الامتثال، والاعتداء على موظف أثناء أداء عمله، وإهانة المقدسات، لتتم إدانتها بثمانية أشهر حبسا نافذا، أما الضحية، فقد أجريت لها، عملية جراحية مستعجلة، بالمستشفى المذكور.

 

نفس المدينة، أي الرباط، شهدت حادث، كان ضحيته هذه المرة، طبيب مغربي، يشتغل بإحدى مستشفيات العاصمة، على يد نجل وزير الاتصال السابق، في تشكيلة حكومة عباس الفاسي، خالد الناصري، السفير الحالي، بالمملكة الأردنية الهاشمية، فحيثيات الاعتداء، حين دخل ابن الوزير السابق سالف الذكر، في مشاجرة كلامية مع المعتدى عليه، بالشارع العام قبالة مقر البرلمان، بسبب اصطدام بسيط بين سيارتيهما، بشارع محمد الخامس، ليوقف ابن الوزير سيارته، ويقوم بإنزال الطبيب بالقوة من سيارته حيث حاول كل واحد منهما الدفاع عن نفسه، بعد لحظة، ظهر المعتدي، وهو يحمل آلة حادة، موجها ضربة قوية لرأس الطبيب، مسببا له جروح خطيرة، هذا المشهد دفع بالحاضرين، إلى تطويق سيارة هشام الناصري، قبل أن يفاجئهم بأن والده وزير، حيث بادر شرطي مرور، كان على مقربة من مسرح الواقعة إلى تصفيده، في انتظار وصول المصالح الأمنية المختصة.

 

الغريب في الأمر، أنه بعد حضور الناصري الأب، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة آنذاك، وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى عين المكان، وهو ممتطى سيارة الدولة، أمر رجل الأمن، بتحرير ابنه، أمام أعين المواطنين الغاضبين، الذين نددوا ضد هذا الموقف غير القانوني، وهو ما رضخ له الشرطي، الذي تعرض للتهديد، من طرف المسؤول الحكومي، وأطلق سراح نجله المعتدي، في الوقت الذي ترك الطبيب، مغمى عليه على الأرض، ينزف دما.

 

وفي مدينة القنيطرة، يذكرنا بمالك سيارة من نوع “بورش”، الذي دوام على سياقة مركبته، بطريقة جنونية، في الشوارع الرئيسية لعاصمة الغرب، حيث تسبب في دهس شخصين في مقتبل العمر، وهما يمتطيان دراجتهما النارية، هذا الابن المدلل، الذي يتحمل والده المنتمي لخانة الشخصيات النافذة في المدينة، بحل كل مشاكله، وطيها قبل أن تصل إلى ردهات المحاكم.

 

هذا التسيب المرفوض قانونا، أبطاله “أولاد الفشوش”، المتواجدين في كل مكان خاصة في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط ومراكش، والذين يستفيدون، من سلطة أبائهم المادية والمعنوية، من خلال مناصبهم، في عالم السياسة والمال والأعمال، لكي يمارسوا القوة، والشطط كما يحلوا لهم، لذا يجب ردعهم، ويتعامل معهم بمنطق القانون، الذي يجب أن يسري على الجميع، وحسب المختصين في علم النفس والاجتماع، فإن الشخص الأناني، الذي لا يهتم، إلا بمصلحته الشخصية، و لا يعير اعتبارا للغير، قد يكون لنشأته، في ظل ظروف اجتماعية، دور داعم لهذه النزعة لديه، أما سلوكيات التبخيس والتقليل، من شأن الغير، وبخاصة، عندما يكون هذا الغير، من طبقات اجتماعية أقل مستوى، من الناحية الفئوية، فهذا الاستصغار واحتقار الغير، هي سلوكيات، تلتصق بالنمط النرجسي، هذه الاخلاقيات الأنانية، مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية، من حيت التساهل التربوي، في أدوار مسؤولية الآباء، وحماية الأسرة الزائدة للطفل، وهي الحماية التي تمتد إلى مختلف مناحي الحياة اليومية، حتى ينعدم لهذا الشخص، الوعي الكافي للتمييز، بين ماله وما عليه.

 

شاهد ايضا:

بلاغ للديوان الملكي.. تعرض الملك محمد السادس لالتهاب رئوي حاد

 

الأمير مولاي الحسن يمثل جلالة الملك في جنازة الرئيس الفرنسي جاك شيراك

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع