وفاء جمالي مديرة الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي

صفقة كراء سيارات بمليار و127 مليون.. هل تستنزف وكالة الدعم الاجتماعي المال العام؟

نشر في: آخر تحديث:

أثارت صفقة جديدة أعلنت عنها الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي موجة جدل واستياء واسع، بعد نشرها إعلان طلب عروض مفتوح دولي تحت رقم 08/ANSS/2025، يتعلق بـكراء طويل الأمد لـ15 سيارة من نوعي سكودا وداسيا، بدون توريد الوقود، وبتكلفة سنوية تفوق 2.25 مليون درهم، أي ما يعادل ملياراً و127 مليون سنتيم على مدى خمس سنوات.

الصفقة المرتقبة، والتي من المقرر فتح أظرفتها يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 بمقر الوكالة بالرباط، أصبحت محور نقاش واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل الأوساط الرقابية، خاصة أن الوكالة مكلّفة بصرف الدعم الاجتماعي المباشر للفئات الهشة، وهو ما يضاعف من حساسية وطبيعة قراراتها المالية.

صفقة وكالة الدعم الاجتماعي.. كراء سيارات أم تبديد موارد؟ خبراء ينتقدون المقاربة

بحسب تقديرات عدد من خبراء تدبير الصفقات العمومية، فإن اقتناء نفس السيارات موضوع الصفقة بشكل مباشر كان سيكلف الدولة حوالي 600 مليون سنتيم فقط، مع احتفاظها بملكية الأصول، ما يُتيح لاحقاً إعادة بيعها أو إعادة توظيفها في مصالح عمومية أخرى.

لكن، في المقابل، فإن اختيار صيغة الكراء طويل الأمد سيُكلف خزينة الدولة ضعف المبلغ تقريباً، دون تحقيق أي عائد ملموس أو أصول قانونية تعود ملكيتها للدولة، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول منطق الجدوى والكفاءة في اتخاذ هذا القرار.

غياب الرؤية الاقتصادية والفعالية في الإنفاق

واعتبر متابعون للشأن العام أن هذه الصفقة تعكس مؤشراً مقلقاً على غياب الرؤية الاقتصادية وترشيد النفقات داخل مؤسسة يُفترض أن تُجسد التوجه الاجتماعي للدولة، لا سيما في ظرفية اقتصادية دقيقة تمر بها البلاد، تستدعي تكريس كل درهم لصالح الفئات الاجتماعية الهشة.

وأكد عدد من المعلقين على أن هذا النوع من التدبير غير الرشيد لا يُعزز ثقة المواطن في السياسات العمومية، بل يُعمّق الإحساس بـ”اللامساواة في الأولويات”، خاصة حين يتعلق الأمر بتخصيص مبالغ ضخمة لتدبير تنقلات إدارية، عوض تعزيز خدمات الدعم والرعاية الاجتماعية المباشرة.

مطالب بتحقيق عاجل وشفافية في تدبير المال العام

في انتظار ما ستُفضي إليه نتائج فتح الأظرفة، تعالت الأصوات المطالبة بـفتح تحقيق عاجل من طرف الهيئات الرقابية الوطنية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، للوقوف على خلفيات هذا القرار، وتقييم جدواه المالية واللوجستية.

كما دعا فاعلون مدنيون إلى ضرورة تعزيز الشفافية في صفقات المؤسسات العمومية، وفرض مبدأ المحاسبة في حال ثبوت وجود سوء تدبير أو تضارب مصالح أو هدر للمال العام، لاسيما داخل مؤسسات تحمل طابعاً اجتماعياً مباشراً.

اقرأ أيضاً: