سوق الأحد بمكناس..العرض فاق الطلب وانتشاء للمواطن بالثمن وفي كل سنة مواقف

الأولى كتب في 11 أغسطس، 2019 - 18:30 تابعوا عبر على Aabbir
العدالة والتنمية
عبّر

كبيرة بنجبور ـ عبِّــر

 

لحمة غريبة تحوم بالمكان، إحساس يختلط فيه الحزن بالفرح ووجوه متربصة تسأل بتردد لتعبر إلى بائع آخر وتجد عنده ما تبحث عنه بترقب، نساء ورجال وأطفال يلهثون ويختلطون بالماشية في مكان كان قبل أسبوع فضاء آخر تحول اليوم لزريبة كبيرة تستقطب الراغبين في اقتناء أضحية العيد.

 

عطاوني كذا ثمن” “صادقتك” “قاولني” وعباراة أخرى تتردد خلال المساومة

 

الساعة الثامنة صباحا المكان سوق الأحد بمكناس شاحنات محملة بالأغنام تصل للبوابة تنتظر لدقائق كي تعبر للداخل، الطريق شبه مقفلة رغم الإشراف على تدبير الحركة خاصة بمدخل السوق، نظرة خاطفة تكتشف من خلالها وفرة العرض خلال هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية، تسأل عن ثمن خروف اقتناه صاحبه يأتيك الرد المفرح وتأخذ فكرة أولية قبل بدء المساومة، امتلأ السوق عن آخره شاحنات محملة وكسابة يقفون على خرفانهم والكلمة الموحدة بينهم “عطاوني كذا ثمن”، في انتظار ثمن أكثر، جولة أولية تتأكد معها بوجود أحجام وأنواع الغنم وغزارة العرض الذي يرضي كل الأذواق ويجس نبض الجيوب ويزيد من خفقان القلوب اللاهتة وراء شراء أضحية بثمن مناسب.

 

كساب..”عام عليكم وعام ليكم وهذا عامكم”

 

بوجه بشوش وابتسامة عريضة استقبلنا أحد الكسابة عند استفسارنا عن أحوال السوق، “موجود الخير هاد العام تبارك الله..السنة الماضية توجه أغلب الفلاحين والكسابة لمناطق أخرى كطنجة ولمدن الشمال وتدفقوا بغزارة هناك وهو ما تسبب في احتكار كبير بسوق الأحد بمكناس، واختل الميزان بين العرض والطلب فارتفعت التكلفة”.

وأضاف الكساب في تصريح له لـ “عبِّــر.كوم” أن الأخبار تنتشر وأن أن أحوال السوق غير المفرحة خلال السنة الماضية داعت بين الباعة وهو ما دفعهم للقدوم لهذا السوق بهذه الكمية، بالإضافة إلى أن “العام زين والعلف موجود والكسيبة زينة”، كلها عوامل تظافرت لصالح المواطن ليجد ما يبحث عنه وما يتناسب وقدرته الشرائية.

 

الشناقة يحولون السوق لمزاد ويرفعون التكلفة والضحية المشتري

 

تتردد عبارة “عطاوني كذا ثمن” عند كل الكسابة سألنا أحدهم “شكون عطاك” فرد ” لي جاو قبل منكم وصادقوني” عبارات وألفاظ معنوية تعكس تشبثا كبيرا بالعقد الشفهي بين البائع والمشتري وحضور العبارات وتداولها بشكل كبير في تناقض بين عدم الوفاء بالعهد وبالكلمة وبين ارتباط الكسابة في معاملاتهم بهذه المواثق، والتي يعتمدونها بنسبة كبيرة كجواب بديهي يختبؤون وراءه ويتخذونه مطية تدفع المشتري لاقتراح ثمن أكثر يرضيهم.

إلى جانب الكسابة والمشترين لاحظنا وجود فئة ثالثة وهم ما يعرفون بـ “الشناقة” لنجد إجابة عن سؤال “عطاونا كذا ثمن” وهم الأشخاص الذي يجولون السوق طولا وعرضا ويقترحون ثمنا للأضاحي به يساوم الكسابة والباعة المشتري، ويتعمد ” الشناقة” رفع الثمن ويدخلون أحيانا بين البائع والمشتري ويحاولون شراء الخروف المساوم عليه وضيفونا ثمنا أكثر خاصة عندما يرون تعلق المشتري بالأضحية واستعداده لدفع ثمن أكثر ليتحول السوق معهم إلى “سوق الدلالة” أو المزاد ويجد المشتري نفسه حلقة وسط دائرة غالبا وا يستوعبها بعد وقوعه في الفخ.

 

“الحمَّالة” “الكروسة” بائعي الحبال أصحاب ” البيكوب” و”التريبورتور” مهن موازية

لا تنتهي رحلة التسوق باقتناء الخروف بل تبدأ مرحلة جديدة تنتعش بها بعض المهن الموسمية فما إن تضمن خروفك حتى تبحث عن حبل وتجد شباب وغالبا أطفالا قاصرين يبعون حبالا ويتنقلون وسط السوق بجنبات الباعة، ويظهر إلى جانبهم الحمالة يقترحون حمل الأضحية إلى خارج السوق ووضعها بوسيلة النقل، ومن المواطنين من يفضل حمل الأضحية على متن عربة “كروسة” حفاظا على سلامة الخروف وتخوفا من السرقة فغالب الحمالة يركضون بسرعة ومع امتلاء السوق وصعوبة تعقب الحمال تؤدي أحيانا لفقدان الخروف.

 

وأعرب أحد المواطنين الذي حل بفضاء التسوق قادما من آزرو عن ارتياحه لوضع السوق ولثمن الأضحية، ولجودة الأغنام ووفرة أنواعها، مشيرا إلى أن كل مشتري سيجد أضحيته وأن الكل سيعيِّد المسكين والغني؛ منوها بمبادرات بعض الجمعيات والمحسنين وتكفلهم بالأسر المعوزة، ” أكاد أجزم أنه الحمد لله اليوم أصبح الكل يعيِّد وأن روح التضامن متجدد مع شباب اليوم ومتواصل ولن ينقطع”.

 

في كل سنة مواقف..

استوقفتنا السنة الماضية الوجوه المنكسرة لأشخاص ولجوا السوق بأمل في العثور على أضحيتهم، وخاب الأمل ومعه الرجاء ودمعت فيه عيون الرجال القوام، ممن وقف عندهم الثمن حجر عقبة، وتذكروا أبناء لهم في الانتظار، وقصر ذات اليد التي لم تجد لها موطئا بين الخرفان، حرارة صيف السنة الماضية كان بردا قارسا أمام الأسعار، جحظت عيوننا أمام مشهد امرأة منكسرة خرجت مهرولة من باب السوق ووقعت جاثية تبكي تحلق حولها الناس يسألونها عن حالها وبعضهم يعلمون سبب الدموع، ويدارون ذلك، لم تحملها قواها عن الإفصاح واكتفت بعبارة “والو” ليأتي الرد من أحد الكسابة الذي لحق بها وحاول تهدأتها وألح عليها بالعودة لتأخذ الخروف، أرملة هي وأم لطفلين غادرها الزوج باكرا تاركا إياها بدون معيل هجرتها العائلة ونكرها الأحباب وتعففت عن طرق الأبواب فادخرت من المال 600 درهم لشراء نعجة تكبح بها لهفة الأطفال الذين لا يستوعبون أنها ليس لها المال بقدر ما يستوعبون أن المناسبة تفرض شراء خروفهم، المبلغ ضئيل والسوق ملتهب ولم تجد حتى ما تسد به لهفة الأطفال فغالبتها الدموع التي اختلطت بعد دقائق بدموع الفرح حيث علت قيم التضامن في مشهد تقشعر له الأبدان، إذ تضامن الرجال حتى من باعة الحبال وممن حضروا المشهد بمساهمات قليلة وضمنوا لها شراء الخروف وحملوها لها إلى السيارة ودفعوا ثمن النقل.

 

الفرحة فرحة الصبية والعيد بريئ من التكلفة

 

جري وركض وهتاف متواصل صرخات السعادة تنطلق من أجساد صغيرة تلاحق سيارة “البيكوب” التي اختلط فيها الناس بخرفانهم بعد اقتناء أضحية العيد، بمجرد أن يترجل الخروف يتحلق حوله الصبية ويقودنه إلى المنزل مرفقين هتافاته بعبارة ” شحال هاد المبروك”، سعادة داخلية وفرحة تغمر الأجواء، رغم إحساس غياب الفرحة وتدهورها وانتزاعها لأسباب تلاحق هذا العصر كاللعنة رغم ذلك لا تخلو الفرحة من عيون الصغار الذين يفرحون بقدوم عيد وقدوم خروف أقرن يتبارزون معه ويغبطونه عناية واهتمام ويودعونه يوم العيد في انتظار سنة أخرى مقبلة.

 

span style=”color: #ff0000;”>شاهد ايضا

 

الملك يفاجأ ساكنة طنجة بزيارة غير رسمية

لقطات طريفة عفوية للأمير مولاي الحسن في خطاب الملك محمد السادس

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع