خنيفرة..جوهرة الأطلس المتوسط تحتضر

تقارير كتب في 17 فبراير، 2021 - 09:00 تابعوا عبر على Aabbir
خنيفرة
عبّر

مصطفى طه

 

خنيفرة عاصمة الإقليم، تقع ضمن جهة بني ملال خنيفرة، بين جبال الأطلس المتوسط، على ارتفاع 826 م فوق سطح البحر، تصنف كعاصمة قبائل زيان الأمازيغية، إذ يشهد لها التاريخ، بمقاومتها الشرسة ضد المستعمر الفرنسي، وذلك في بداية القرن الماضي، حيث ظل اسم هذه المدينة يتردد في الكثير، من المراجع والوثائق التاريخية، لكن المدينة اليوم فقدت الشيء الكثير من عمادها، وأضحت دون هوية، تنتشلها من مخالب الإهمال والإقصاء، والبدو الممنهج.

 

عند ولوجك لمدينة خنيفرة، تلاحظ بالملموس، ضعف وهشاشة المسالك الطرقية، التي توجد في حالة يرثى لها، حيث صارت تشكل عائقا خلال فصل الشتاء، بالإضافة إلى غياب مرافق الشباب كالملاعب وغيرها، أما دينامية النهوض بالبنيات التحتية، والاجتماعية، والتربوية، والثقافية، والصحية، فحدث ولا حرج، هذا التهميش التي تعرفه المدينة المذكورة، ينتزع النوم من جفون ساكنتها المحلية، بالإضافة إلى أنها، لازالت تنتظر انجاز مشاريع، سبق لكثير من المنتخبين السياسيين، خاصة المتعاقبين منهم على عمالة خنيفرة وجماعة المدينة، أن تحدثوا عنها، ووعدوا بإنجازها، غير أنها لازالت لم تفارق حيزها الورقي، مما جعل الأمر يثير كثيرا من الأسئلة لدى الرأي العام الخنيفري، وعن استغرابه للتهميش والإقصاء المضروبين على المدينة، إلى درجة أن الأمر يوحي وكان هناك مخططا محكما، ترعاه جهات ما، من أن تظل خنيفرة مشلولة ومتأخرة، عن إدراك التنمية، التي تهدف كل المدن تحقيقها.

 

الساكنة تطالب بتنمية محلية حقيقية

 

أحد ساكني مدينة خنيفرة، أكد على أن مدينتهم، تعرف تراجعات خطيرة منذ سنوات، وعلى جميع المستويات، في الوقت الذي تعرف فيه مدن أخرى، نقلة نوعية، حيث تتوفر على أهم مكونات الحياة الحضرية، المتحدث بعينه كشف أن المدينة، تشهد تواطئا غير مسبوق، بين بعض المسؤولين، وعدد من الجمعيات والفعاليات المدنية، على تعطيل وشل حركة الإصلاح والبناء بالمدينة، التي أصبحت عاجزة عن المساهمة، في التنمية المحلية والجهوية، على غرار المدن المجاورة، حسب تعبيره.

 

المواطن ذاته، شدد على أن التنمية غائبة بمدينة خنيفرة، مفيدا أن المجلس الجماعي الحالي، لم يشتغل كثيرا على البحث عن استثمارات وطنية وأجنبية، لخلق مناصب شغل، مباشرة وغير مباشرة لشباب المنطقة العاطل، في ظل غياب وحدات صناعية، حيث يتساءل كيف أن المدينة، بقيمة موقعها الجغرافي، وغنى مجالاتها الاقتصادية، وتنوع الفضاءات السياحية المحيطة بها، ومؤهلاتها الطبيعية، والثقافية، وتراثية المتنوعة، تفتقد لعرض تنموي، وعدم إيلاء السياحة المحلية بعدها الإستراتيجي التي تستحقها، الذي يعتبر القطب الأساسي، في كل تنمية مستدامة وشمولية، رغم كل هذه الإيجابيات، فخنيفرة لا تتوفر على مندوبية إقليمية للسياحة.

 

العبق الحضاري…قتل ذاكرة مدينة

إذا كان تدبير، العديد من القطاعات والمرافق خنيفرة، تشهد شلالا واضحا، فإن الجهات القائمة على شؤون هذه المدينة، أهملوا مآثرها التاريخية، وقلاعها، وحصونها، ومدنها الأثرية الحضارية، كمدينة “فازاز” بأروكو، و”أغرم أوسار”، والزوايا “كالزاوية الدلائية” وحسب بعض المستشرقين سموا بالدلائيين انتسابا لمنطقة “أيت إديلا” المتواجدة بين منابع نهر ملوية وخنيفرة، وصارت المدينة اليوم، بدون هوية تاريخية، تعيد لها مجدها وبريقها.

فهذا الموروث التاريخي الشامخ، الذي يختزل بين طياته، جزء من تاريخ مدينة ضاربة في القدم، حيث صار عرضة للزوال والاندثار، بعدما تبخرت كل الشعارات المجانية، التي أطلقها المسؤولين على الشأن العام المحلي، الذين اختاروا حروبا هامشية، عوض الترافع عن قضايا المدينة، وترجمة مشاريع حقيقية على أرض الواقع.

 

قلة الفضاءات الرياضية تجر شباب المدينة إلى الانحراف

لم تستفد مدينة خنيفرة، من فضاءات رياضية، على غرار المدن المجاورة، حيث تم الاكتفاء بإحداث بعض الملاعب المحسوبة على رؤوس الأصابع، في إطار سياسة ملاعب القرب، التي تنهجها وزارة والشباب والرياضة، حيث تم التركيز على وسط المدينة، دون الأحياء الشعبية، التي يتكاثر فيها الأطفال والشباب، والذين يمارسون رياضتهم المفضلة، بساحات أحيائهم رغم المطالبة بإنشاء ملاعب بها.

 

مصادر جمعوية، أنه حتى الملاعب المحدثة، كان مؤخرا يفرض القائمون عليها، مبالغ مالية لممارسة رياضة كرة القدم، حيث يتم كراؤها ب100 درهم للساعة، مع أن الوافدين عليها، غالبا من الفقراء والمحتاجين.

 

الصحة …قطاع مريض

 

الصحة، حق من حقوق الإنسان، حيث ظلت ساكنة مدينة خنيفرة، تمن النفس بالمستشفى الإقليمي، عله يقدم العلاج الضروري لمرضى المدينة، لكن لا شيء من ذلك تحقق، بحكم أن المعايير الدولية في المجال الصحي، بهذا المستشفى ضعيفة، خاصة على مستوى التجهيزات والطاقة الاستيعابية، لأن هذه المؤسسة الاستشفائية، تستقبل عددا كبيرا من المرضى، الوافدين من المدينة والنواحي، ما يؤدي إلى الاكتظاظ على مستوى جميع المرافق والتخصصات، أمام نقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات، وضعف الخدمات، ما يضطر العاملين بالمشفى سالف الذكر، إلى توجيه المرضى، صوب المستشفى الجهوي ببني ملال.

 

العديد من التقارير الحقوقية، تطرقت عن الفوضى والعشوائية، بمستشفى صار قبلة لمجموعة من السماسرة والوسطاء، وتعالت الأصوات والاتهامات، بالإهمال واللامبالاة، والتقصير بالمستشفى الإقليمي لخنيفرة، الداخل إليه مفقود، والخارج منه مولود.

 

إذا كانت بعض المدن المغربية، ربحت سباق القدرة على التنافسية الاقتصادية، وتمكنت من توفير أبسط ضروريات الحياة الكريمة، فان مدينة خنيفرة رغم قوتها التاريخية والحضارية، ومؤهلاتها الطبيعية والسياحية، وتنوعها الثقافي، لم تنل من السياسات الحكومية المتعاقبة، إلا حالة الفوضى الخلاقة، التي تنتشر في فضاءاتها، ومجالها الترابي، مما يضيق عليها قوة تأثيرها، في الميدان السياحي والاقتصادي، حتى مشاريع التأهيل الحضري بالمدينة، خرجت مشوهة، وذلك جراء جشع المنتخبين السياسيين، المسؤولين على الشأن العام المحلي.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع