خلقوا الجدل بسجالاتهم.. شخصيات سياسية أفل نجمها سنة 2018

الأولى كتب في 16 ديسمبر، 2018 - 12:20 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

رجاء الشامي _ عبّــــر

مثلما تميزت سنة 2018 ببروز أحداث وشخصيات طفت على السطح في ميادين مختلفة، عرفت ذات السنة غياب أو أفول نجم العديد من الشخصيات كانت في الماضي القريب حاضرة وبقوة في الساحة، سيما الشخصيات السياسية.

 

في هذه المقالة، ستتطرق “عبّـــر.كوم” إلى الغوص في حيثيات غياب كل من إلياس العماري، رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة والأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، وادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، وحميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الإستقلال.

 

العماري من عائلة بسيطة ومحدود التكوين إلى مربع السلطة ثم الزوال

تعودنا فيما مضى من السنوات المنصرمة ظهور إلياس العماري هنا وهناك خصوصا عندما كان زعيما لأكبر حزب معارض في المغرب، فارتبط اسمه بمجموعة من الأحداث المثيرة للجدل فتارة يبرز اسمه في قضية “اكديم إزيك” وتارة في أحداث “حراك الريف” أو تارة عن طريق تدويناته حول القضايا ومستجدات البلاد وتارة مجرد حضوره في ملتقيات ومشاريع داخل وخارج المغرب يكون الضجة نفسها، إلا أن الرجل اليوم اختفى تماما عن الأنظار والإعلام على حد سواء.

 

ابن العائلة البسيطة بقرية بالحسيمة والذي يفتخر بانتمائه إليها، استطاع أن يصنع لنفسه اسما بالرغم من عدم استكماله الدراسة، بل تمكن من الوصول إلى مربع الحكم بعد تدرجه في السياسة والعمل الجمعوي وتحركاته الذكية التي تنم عن دهاء الرجل منقطع النظير، فأصبح صديق صديق الملك ومستشاره فؤاد عالي الهمة ومن هنا أصبح الرجل من بين مؤسسي “حركة لكل الديمقراطيين” التي ستتحول فيما بعد إلى حزب إداري يتزعمه الرجل وتدعمه الدوائر المحيطة بصانع القرار بالبلاد.

 

العماري بعد فشل حزبه “الجرار” في قيادة الحكومة أمام حزب العدالة والتنمية ولأسباب أخرى قد تكون معلومة وغير معلومة، قرر الإستقالة من الحزب في غشت 2017، حيث، آنذاك، بدأت بوادر انهيار مجموعته الإعلامية “آخر ساعة” هي الأخرى تطفو على السطح، فغاب شبحه من جديد إلا من بوابة رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي و للأسف، أبان أيضا عن فشله في تدبيره للجهة خصوصا بعد تعثر مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” والذي صاحبته احتجاجات مكثفة عرفت بـ”أحداث الريف” والتي سجن على إثرها ناصر الزفزافي ورفاقه ب20 سنة سجنا ابتدائيا، واتهامه هو الآخر بالتحريض على الملك والبلاد، وهو المعروف بالشخصية “العياشة” التي انقلبت على مبادئ اليسارية واختارت التقرب من المربع الملكي. 

 

ولا يختلف إثنان لحد الساعة عن دهاء وغموض العماري ولو “ماتلو الحوت”، على حد قول المغاربة، لأن الرجل وبالرغم من غيابه عن الساحة فخطواته لا يمكن توقعها، فقد يظهر مجددا وعلى حين غرة مرتديا قبعة جديدة قد تصلح لعام 2019، إلا أنه وبالتأكيد سجل ظهورا خافتا جدا في هذه السنة التي نشرف على توديعها، لدرجة أن الناس، ربما، نسوا ملامحه وما أصبحت عليه بحكم تعدد رسم بورتريهات وجوهه.

 

لشكر محامي مشتبه فيه بإضعافه حزب “الوردة” 

على عكس العماري، لشكر المحامي الذي تلقى تكوينا أكاديميا في مجال العلوم السياسية في كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس في الرباط، تدرج مناصب عدة في السلطة ليس بفضل كفاءته فقط لكن بفضل دغمائيته وعدائيته تجاه معارضيه من نفس الحزب، الأمر الذي جعل العديد من المتتبعين للشأن السياسي يصنفونه ضمن القيادات الحزبية المثيرة للجدل في المغرب بتصريحاته و صراعاته مع منافسيه للسيطرة على المواقع القيادية داخله، بل الأنكى من ذلك، ووفق شهادات من داخل المكتب السياسي للحزب، فإن لشكر هو المتهم الأول في إضعاف مؤسسة الحزب ومبادئه ومشروعه.

 

السياسي “المحنك” ابن العاصمة  عرف أيضا بحروبه الكلامية مع التيار الإسلامي في المغرب، خصوصا في مرحلة ماعرف بـ “البلوكاج الحكومي” الذي دام زهاء خمسة أشهر في عهد بنكيران رئيس الحكومة السابق، عندما تحفظ الأخير على مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في حكومته، بعد إلحاح عزيز أخنوش أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو الأمر الذي شكل “العصا في رويضة تشكيل الحكومة” سنة 2017، وهي السنة التي سجل لشكر حضورا له على وسائل الإعلام الوطنية والدولية وكان سببا، بطريقة أو بأخرى، ومن بين أسباب عدة في إقالة بنكيران ليخلفه سعد الدين العثماني ويشكل الحكومة من ستة أحزاب بينها حزب لشكر، وأورد آنذاك العثماني لأعضاء حزبه أن قرار مشاركة حزب الوردة هو قرار سيادي.

 

حديث الألسن حول “زعيم الوردة” لم تقتصر فقط بسبب جدل تشكيل حكومة بنكيران بعد البلوكاج وإنما حتى قبل سنة من ذلك وتحديدا  صيف سنة 2016 حيث تعرض الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان (لشكر) في عهد حكومة عباس الفاسي، لانتقادات شديدة مثيرا ضجة عرفت آنذاك بفضيحة “خدام الدولة” حين ذكر اسمه في قائمة المسؤولين والسياسيين الذين استفادوا من أراض تابعة للدولة في العاصمة الرباط مقابل أسعار بخسة في إطار الريع السياسي، وهو الأمر الذي استنكره لشكر وبرر مشروعيته في تملك تلك القطعة الأرضية، نظرا  لسعرها العادل، ونافيا أن يكون للأمر علاقة بالريع.

 

لكن هذا لا يمنع أنه في وقت مضى كان نجمه يسطع بين الفينة والأخرى خصوصا في عام 2000، حيث دعم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بقوة ما عرف بخطة إدماج المرأة في التنمية، التي أثارت نقاشا مجتمعيا وسياسيا حادا آنذاك، وبادر بمقترحات إصلاح مدونة الأسرة، كما تقدم بمشروع قانون لتعديل قانون الجنسية، وإقامة المساواة بين المرأة والرجل في منح الجنسية للأطفال، وكذا دعوته سنة 2013 إلى إعادة وضع تقاسم الإرث بين الرجال والنساء في خانة مطالب المساواة على أساس حقوق الإنسان، لكن الواضح أن لشكر أصبح اليوم في خبر كان وحتى الحديث بين خصومه وحتى بين من يعرف الرجل لا يكاد يجزم إلا بأن

 

“ميكانيكي” دبر شؤون حزب الاستقلال بشعبويته وسجالاته ساهمت في تنحيته 

 

وليس ببعيد جدا عن بورتريه العماري، فحميد شباط هو الآخر ظاهرة سياسية بامتياز أسالت العديد من المداد لما أثارته في وقت سابق من جدل مثير  في الساحة السياسية و في خرجاته الإعلامية، وشراسته في العراك مع خصومه، وسجالاته الحادة خصوصا عندما هاجم يوما الاشتراكي الراحل المهدي بنبركة واصفا إياه بـ “القاتل”. واتهم مرة وزيرا بدخول البرلمان في حالة سكر، كما اتهم رئيس الحكومة السابق بنكيران بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية والموساد.

 

ولعل شخصيه شباط المتفردة هي نتيجة لما راكمه من “المدرسة الحياة” ودهاءه هو فهمه الجيد لقواعد اللعبة السياسية بالمغرب، فبالرغم من محدودية تكوينه الأكاديمي وعمله ك”ميكانيكي” لسنوات، استطاع الرجل شغل وظائف حزبية ونقابية وبرلمانية، الأمر الذي لم يستصغه غالبية خصوصمه السياسيين من علية القوم والمتخرجين من المدارس العليا من خارج أرض الوطن، الذين نبشوا في ماضيه ونعتوه غير ما مرة ب”الميكانيكي” و”الأمي” والشخص الذي لا يتسم بالرزانة وبوصلته غير ثابثة، إلا أن شباط الذكي كان يستخدم أسلحتهم ويفتخر بما كان عليه وما أصبح عليه نتيجة لعصاميته ومعرفته لخارطة الطريق التي يود نهجها.

 

تدرج شباط في مناصب مهمة، حيث على مستوى النقابي عمل ككاتب عام لنقابة الاتحاد العام للشغالين، الدرع النقابي للاستقلاليين، بعد إزاحة الزعيم التاريخي للاتحاد العام للشغالين، عبد الرزاق أفيلال، سنة 2006، ليصبح بعدها عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب في 2009، لينتقل بعدها في سنة 2012 نقلة نوعية في مساره  ليشغل مهمة  الأمانة العامة لحزب “الميزان” بعد فوزه على منافسه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم الوطني الراحل علال الفاسي، مؤسس الحزب. 

 

شباط “العمدة القوي” للمدينة العلمية فاس بدأ بريقه في الخفوت تحديدا عندما هزم على يد حزب العدالة والتنمية الذي كان يقود الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران سنة 2015 حيث تنحى من منصب “العمدة”، ليستكمل أفول نجمه بعدما هزمه نزار بركة، حفيد مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي علال الفاسي للظفر بالأمانة العامة للإستقلال في أكتوبر 2017، ليصبح الحزب كيانا سياسيا عاديا، بعدما عرف في عهد شباط بالحزب المثير للجدل نظرا لتدبير شؤونه بطريقة شعبوية، وهكذا بعد الهزيمة المرة غاب شباط عن الساحة السياسية لعام 2018 وغابت معه تصريحاته الشعبوية المثيرة للجدل.

 

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع