حرق الأعلام إعلان حرب و ليس شكلا نضاليا

الأولى كتب في 31 أكتوبر، 2019 - 15:30 تابعوا عبر على Aabbir
مجلس الجالية
عبّر

 

 

 

سعد النصيري-عبّر 

 

 

بعد حدث حرق العلم المغربي في عاصمة الأنوار، تذكرت أول ما تذكرت خطبة ذرفت فيها عين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث عن غزوة مؤتة يقول فيها أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ عَلَيْهِ وَمَا يَسُرُّنِي أَوْ ، قَالَ : مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا، وَقَالَ : وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ، وللمرأ يفهم لما سيضحي قائد جيش بنفسه من أجل أن تبقى خرقة من قماش عالية في السماء.

 

 

 

فإن تلك الخرقة هي لباس الأمة وهيبة الدولة، كما للفرد في لباسه هيبة، وأي مس بها فهو مس مباشر لسيادة الدولة وشعبها، وهذا ماقصدته عمدا الجهة التي جنحت إلى الفعل المشين، والذي أثار حفيظة الأمة.

 

 

 

حرق العلم أبعد من أن يكون تصفية حسابات سياسية او شكلا نضاليا للدفاع عن حق، بل هو على العكس تماما، بل هو إذن صريح بالتخلي عن حق المواطنة، وإعلانا للحرب على الوطن في شموليته، حتى أن أصحاب الحقوق تلقائيا يحملون العلم للدفاع عن حقهم وليس حرقه.

 

 

ردود الفعل المعبر عنها من قادة سياسيون وفاعلون جمعويون وناشطون في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، والرأي العام بصفة عامة، عبر عن وعيه وعمق دلالة العلم في وجدانه، فالعلم يعني لهم كل الحقوق المكتسبة والآمال التي من أجلها يكدحون كل يوم، المناضلون الحقيقيون يرفعون درجة الوعي وينهلون من مجد التاريخ لتجاوز تحديات المرحلة.

 

 

العلم المغربي امتداد لتاريخ طويل جمع كل مكوناته إلى ابعد الحدود، وحمل كل الثقافات، وعبر عن عبقرية الشخصية المغربية الغنية بتركيبتها المبنية على التآزر والتقدير والمشاركة في كل الملاحم الوطنية تحت اواصر اللغة أوالدين أو الأرض …والعلم ترجمة لهوية الامة وعنوان مقدساتها، وهذا سنجده واضحا في سيرة تشكل العلم المغربي منذ الدولة الادريسية إلى اليوم.

 

 

الراية المغربية كما استقر شكلها ولونها عند الدولة العلوية الشريفة وكما لخصها العلامة المنوني بقوله: “وكان لون الراية العلوية الخاصة هو الخضرة، وكانت تحف بها راياتٌ كثيرةٌ حمر”.

 

أو كما ذكر وصفها الشاعر المغربي الكبير محمد بن الطيب العلمي في قصيدته التي يمدح بها السلطان العظيم الشأن المولى إسماعيل، وهي مذكورة في الأنيس المطرب ومطلعها:

لك العز والتأييد والفتح والنصر***أيا ملكا يصبو له البر والبحر

هزمت جيوش الكفر في كل معرك***وشيدت ركن الدين فانتقض الكفر

وفككت أسر المسلمين من العدا***ومنك الأعادي لا يفك لهم أسر

إلى أن يقول:
فكم راحة بيضاء تحمر بالدما***إذا انعقدت للحرب ألوية خضر.

 

 

وإذا كان معلوما أن الراية أو العلم رفع ‘لى اسنة الحراب وحضر في الحروب تأكيدا لحضور الدولة وهيمنتها وسيادتها، فقد أصبح الان يرفع أيضا في المحافل الدولية سياسية او ثقافية اورياضية، فحيثما رفع كان عنوانا للتحدي والتفوق، ولحظة رفع يتبادل الشعب قاطبة لحظة الفرحة، ويستمد طاقة العمل والتقدم، ومتى نكس عم الألم وسرت طاقة الخيبة بين الناس. وصارت بمثابة هزيمة في حرب.

 

 

يعبر كثير من المتظاهرين بحرق أعلام بعض الدول عندما يحصل إجماع ورفض أممي، فقط عندما تقوم هذه الدول باحتلال وشن حروب دموية يكون ضحيتها الأبرياء من الناس، وتسلب فيها الثروات عنوة، وتنتهك سيادة الشعوب قسرا، يعبر حينها المتظاهرون عن كون إدارة هذه الدولة تجاوزت سيادة أمتها، أو أنها لاتملك صفة دولة كما يحدث أحيانا كثيرة أثناء حرق العلم الاسرائيلي.

 

 

بغض النظر عن الحكم القانوني ضد من ارتكب فعل يمس سيادة الدولة في رموزها، فإن حدث حرق العلم المغربي فقد أزهر في كل المحافل وخلق مبادرات لرد الاعتبار أهمها مبادرة 2يونيو للعلم المغربي، ولايحيق المكر السيء إلا بأهله.

 

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع