جهة سوس ماسة: قراران و قضية واحدة .. و الأرض أهم من البشر

عبّر معنا كتب في 3 مارس، 2020 - 13:32 تابعوا عبر على Aabbir
عبدالقادر أولعايش
عبّر

بقلم: عبد القادر  أولعايش

 

 

 

 

صدر في الأسبوع الأخير من فبراير المنتهي قراران، الأول قرار عاملي صادر عن والي جهة سوس ـ ماسة و عامل عمالة أكادير إداوتنان بتاريخ 21 فبراير، و الثاني صادر عن المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب فرع فم زكيد بإقليم طاطا يوم 24 من نفس الشهر.

 

ينص الأول على اتخاذ تدابير إضافية من أجل الاقتصاد في الماء، بينما ينص الثاني على برمجة توزيع الماء على أحياء الجماعة الحضرية لفم زكيد إبتداء من يوم 26 فبراير 2020 (ثلاث مجموعات من الأحياء تستفيد كل منها من المياه لمدة 8 ساعات )، أي أن القراران تجمعهما قضية واحدة تتلخص في أزمة مياه وشيكة.

 

هناك ثلاث ملاحظات يمكن إبداؤها حول القرار العاملي لوالي جهة سوس ـ ماسة، و هي:

  • ربطه الخصاص المائي الذي تعاني منه الجهة بسبب واحد طبيعي و هو توالي سنوات الجفاف (المادة الأولى).

 

  • لا إشارة ضمن التدابير المتخذة إلى ضرورة تقنين الأنشطة الزراعية المستهلكة للمياه خاصة في المناطق التي تعاني من جفاف بنيوي في الجهة. (المادة الثانية)

 

 

  • اقتصار اللجنة التقنية المقترحة لتتبع وضعية التزويد بالماء و تدابير الاقتصاد في الماء على تمثيلية من ثلاث عمالات و أقاليم و هي إنزكان أيت ملول و تارودانت ثم أكادير إداوتنان، كأن ثلاثة أقاليم أخرى من الجهة (شتوكة أيت باها ـ طاطا ـ تيزنيت ) غير معنية بالقضية. (المادة الثالثة).

 

 

تزامن القرارين و صدورهما في نفس التوقيت ليس بريئا، فمنطقة فم زكيد هي أكثر مناطق إقليم طاطا توسعا لزراعة البطيخ الأحمر (الدلاح)، و إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كونها تابعة لمجال تدخل مركز الاستثمار الفلاحي بورزازات، و كون هذا الإقليم كان ضمن جهة سوس ماسة درعة في التقطيع الجهوي السابق، فسندرك أن دخول هذا النوع من الممارسات الزراعية إلى فم زكيد مرتبط بتوجه إقتصادي تبنته تلك الجهة، و هو العامل المفسر لإمتداد زراعة الدلاح إلى الجماعات الواقعة بغرب طاطا في سياق تحول هذا الإقليم إلى جهة سوس ـ ماسة في التقطيع الجهوي الحالي.

 

يمكن الجزم بأن أزمة الماء في جماعة فم زكيد ما هي إلا بداية لنسخ ستتكر في باقي واحات إقليم طاطا، خاصة تزونين و أيت وابلي، و قد نبه فاعلون كثر إلى خطورة ما ينتظر الواحات المغربية بسبب الممارسات الزراعية الجديدة المستهلكة للمياه الجوفية، نجملها في ما يأتي:

  • دعوة المجلس الإقتصادي و الاجتماعي و البيئي في تقريره (مارس 2017) إلى دعم الفلاحة التضامنية و التدبير العقلاني للموارد المائية و محاربة الاجهاد المائي بمناطق الواحات.

 

 

  • ردود فعل المجتمع المدني و احتجاجه عبر مذكرات و شكايات إلى الجهات المسؤولة و منها عمالة الإقليم.
  • تنظيم ندوات علمية من قبل مراكز بحث محلية حول الموضوع منها مركز باني للدراسات و منتدى إفوس للديمقراطية التي تضمنت توصياتها، الدعوة إلى تقييم الأثار الناتجة عن الإستخدام المفرط للماء نتيجة تزايد وإنتشار زراعة البطيخ الأحمر بالإقليم، و المعادن القريبة بالواحات.

 

 

  • رفع ملتمسات من قبل بعض المجالس المنتخبة إلى المؤسسات ذات الصلة بالموضوع حول تقنين زراعة البطيخ الأحمر.

 

 

  • ردود فعل المجتمع المدني الدولي مثل منظمة السلام الأخضر التي أطلقت منذ شهر نونبر 2019 نداء لحماية الواحات المغربية لما تشهده من تغييرات جذرية في نظامها الإيكولوجي: حرارة عالية وتصحّر ونقص في الموارد المائية.

 

 

إجماع على مبلغ خطورة الإجهاد المائي بالجهة، يقابله تصلب في موقف وزير الفلاحة الذي يعتبر زراعة الدلاح قيمة مضافة و أن الفرشة المائية تأثرت بندرة التساقطات. (جواب على سؤال برلماني يونيو 2018).

 

 

يعبر رأي وزير الفلاحة و و مضمون القرار العاملي و الطريقة المتبعة لتدبير استهلاك الماء، عن نية رسمية منعدمة للوقوف على المسببات الحقيقية المتعددة المتحكمة في أزمة الماء في الجهة و في إقليم طاطا الجاف، هذا الإقليم الذي يتأثر بمخطط هذه الجهة التي لا تنظر إليه إلا كمجال و تراب محضن للثروة (48% من تراب جهة سوس ـ ماسة)، أما الإنسان فبدون قيمة تذكر (4.4% من سكان الجهة فقط)، هي إذن ملامح سياسة الأرض أولا و الإنسان أخيرا في إقليم تنهكه زراعة الدلاح.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع