جدل دستوري وتشريعي يرافق تعديلات مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة

جدل دستوري وتشريعي يرافق تعديلات مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة
المجلس الوطني للصحافة

يثير النقاش البرلماني الدائر حول التعديلات المقترحة على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، موجة جديدة من الجدل الدستوري والسياسي، لا سيما بعد اقتراح بعض الفرق النيابية منح عضوية داخل تركيبة المجلس لهيئات دستورية لم تُفعّل بعد، ما يطرح تساؤلات قانونية ومؤسساتية عميقة.

المجلس الوطني للصحافة.. تمثيلية نظرية لمؤسسات غير موجودة

في تفاصيل التعديلات المعروضة أمام لجنة الثقافة والاتصال بمجلس النواب، اقترحت فرق التقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، والعدالة والتنمية، إضافة ممثلين عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، ضمن فئة “المؤسسات والهيئات”. غير أن المؤسستين، رغم تنصيص الدستور عليهما، ما تزالان غائبتين عن المشهد المؤسسي، ما يجعل التمثيلية المقترحة مجرد وجود نظري في انتظار التفعيل.

فالمجلس الوطني للغات، الذي نص عليه الفصل الخامس من دستور 2011، وأُطر بقانون تنظيمي صدر في مارس 2020، لم يُعلن عن تشكيله رسميًا بعد. أما “هيئة المناصفة”، المنصوص عليها في الفصلين 19 و164، فلا تزال رهينة الوعود الحكومية المؤجلة، رغم الإعلان سنة 2022 عن بدء إجراءات تعيين أعضائها.

المجلس الوطني للصحافة.. مقاعد فارغة وتقويض لمبدأ التمثيلية

هذا الوضع يثير أسئلة حقيقية حول مآل المقاعد المخصصة لهذه الهيئات في حال التصويت النهائي على مشروع القانون بصيغته المعدّلة. فتمثيل مؤسسات غير قائمة واقعياً قد يُفضي إلى مقاعد فارغة داخل مؤسسة تنظيم ذاتي مثل المجلس الوطني للصحافة، كما حصل في نسخته السابقة مع المقعد المخصص لمجلس اللغات، ما يؤدي إلى اختلال في التوازن المؤسسي ويضرب مبدأ التمثيلية الفعلية الذي يفترض أن يؤطر تركيبة مثل هذه الهيئات.

ويحذّر متابعون للشأن الدستوري من أن هذا “الإقحام الشكلي” لمؤسسات غير مفعّلة قد يفضي إلى تطبيع مؤسساتي مع التأخر في تنزيل مقتضيات الدستور، بدل أن يكون لحظة تصحيح وبناء مؤسساتي متكامل.

بوانو يطعن في شرعية الانتداب ويطالب بإحالة القانون على المحكمة الدستورية

في سياق متصل، أثار عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، جدلاً إضافيًا خلال اجتماع لجنة الثقافة والاتصال، من خلال طعنه في آلية الانتداب التي جاء بها المشروع الجديد فيما يخص فئة الناشرين، معتبراً أن هذه الآلية “تمس بمبدأ الانتخاب والتعددية”، ودعا إلى إحالة مشروع القانون على المحكمة الدستورية للتأكد من مدى توافقه مع أحكام الدستور.

وفي معرض رده على تبريرات وزير الثقافة المهدي بنسعيد، الذي ربط الانتداب في المجلس الوطني للصحافة بالجانب الاقتصادي للمقاولات الصحافية، تساءل بوانو بسخرية: “إذا كان المال هو المعيار، فلماذا لا نمنح حق الانتداب أيضاً للصحافيين الذين يملكون المال؟”، محذرًا من أن هذه المقاربة قد تُفرغ العملية الانتخابية من محتواها الديمقراطي وتُكرّس هيمنة مالية غير صحية في قطاع الصحافة.

مخاوف من انزلاق تشريعي

ويخشى فاعلون حقوقيون ومهنيون أن يشكل هذا التوجه نوعًا من الانزلاق التشريعي بخصوص المجلس الوطني للصحافة، حيث يتم تمرير تعديلات تُكرّس التفاوتات بدل تقليصها، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة لدى الحكومة بشأن تفعيل المؤسسات الدستورية ذات الحساسية الرمزية، كمؤسسة المناصفة وحماية التنوع الثقافي واللغوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار