تقرير يحذر من تحويل الصوت الانتخابي إلى سلعة تفاوضية

كشف تقرير مركز المؤشر للدراسات والأبحاث المعنون بـ “من الانحباس السياسي إلى سيناريوهات ما بعد 2026” أن السلوك الانتخابي المغربي يشهد تحولا بارزا من الولاء الإيديولوجي إلى منطق الفرصة مما يطرح إشكالات عميقة مرتبطة بضعف التأطير وتراجع الثقة في المؤسسات.
وأوضح التقرير أن “منطق الفرصة الذي يحكم اليوم جزءا كبيرا من التوجهات الانتخابية، ساهم في تكريس صعود وجوه سياسية جديدة لا تنتمي بالضرورة إلى الحقل الحزبي التقليدي وإنما جاءت من خلفيات مهنية أو اجتماعية، واستطاعت أن توظف مواردها الرمزية أو المادية للتموقع داخل المشهد”.
واعتبرت الوثيقة التي اطلعت عليها جريدة “عبّر” الإلكترونية، أن هذه الظاهرة، التي شهدت تفاقما في الانتخابات الجماعية والتشريعية الأخيرة، تثير إشكالا بنيويا يتعلق بمسألة التأطير السياسي، مؤكدة أن الصعود السريع لبعض الفاعلين الجدد غالبا ما يتم دون المرور عبر قنوات التنشئة الحزبية، مما يخلق خللا على مستوى الانسجام البرامجي والهوية السياسية للمؤسسات المنتخبة.
وتطرق التقرير إلى ماوصفه بـ “الانزلاق نحو التصويت العشوائي أو الزبوني”، معتبرا أنه قد يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي. مبرزا في الوقت ذاته أن “غياب العرض السياسي المقنع، وضعف التواصل المؤسساتي وتنامي الخطاب الشعبوي، كلها عوامل ساهمت في تسليع الصوت الانتخابي، وتحويله إلى سلعة تفاوضية أكثر من كونه تعبيرا سياسيا”.
وأوضح التقرير أن نسبة متزايدة من الناخبين باتت تختار على أساس الأداء الملموس والقدرة على تقديم حلول عملية بدل الارتباط المرجعي بالأحزاب وهو ما جعل التصويت الأداتي والبراغماتي يتقدم على الاعتبارات الفكرية.
وسجلت الوثيقة أن انتخابات 2021 عرفت حضورا لافتا لفئة الناخبين العائمين التي قدرت بنحو 45 بالمئة من المشاركين حيث يحدد هؤلاء موقفهم في الأيام الأخيرة مما يعكس هشاشة الانتماء الحزبي.
كما أشار التقرير إلى أن تراجع الثقة في الأحزاب لم يتجاوز 13 بالمئة سنة 2022 وفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط الأمر الذي غذى أنماطا من التصويت العقابي ضد أحزاب بعينها بدل التصويت لصالح بدائل واضحة.
ولفت المركز إلى صعود وجوه جديدة من خارج الإطار الحزبي التقليدي مستفيدة من مواردها الرمزية أو المادية للتموقع السياسي وهو ما يثير مخاوف من غياب الانسجام البرامجي داخل المؤسسات المنتخبة.
وأكد التقرير أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت الفضاء الرئيسي لتشكيل القناعات الانتخابية خاصة لدى الشباب مقابل تراجع دور الحملات الميدانية والخطاب المباشر مما أحدث تحولا في آليات التأثير السياسي.
واعتبرت الدراسة أن استمرار هذا المسار سيجبر الأحزاب على مراجعة خطابها وأدواتها التنظيمية والانفتاح على الكفاءات القادرة على استعادة الثقة لأن المستقبل الانتخابي لم يعد يبنى على التاريخ الحزبي بل على القدرة على تلبية الحاجات المتغيرة للمجتمع.