بيان رابطة الريسوني..خطأ في الرؤية و تحميل ما لا يحتمل

الأولى كتب في 2 أبريل، 2019 - 14:52 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

محمد بن حساين-عبّر

 

لعل أهم ملاحظة يمكن استخلاصها من بيان ما يسمى برابطة العلماء المسلمين، هي تلك الحدة التي كتب بها ذلك البيان، والذي غلب عليه الطابع السياسي رغم أن الذين صاغوه قاموا باستدعاء ما أمكن استدعاؤه من النصوص الدينية لدعم موقفهم من الزيارة البابوية للمغرب والأحداث و المواقف التي تخللتها، و استبعاد ممنهج لما يعضدها من وقائع و آثار في الثقافة الاسلامية و نصوص السيرة النبوية.

 

رابطة العلماء التي تصنفها بعض الدول ضمن المنظمات، لم ترى من الزيارة التاريخية للبابا إلا واقعة ترديد ألفاظ الآذان بالتزامن مع ترديد الترانيم المسيحية، و اليهودية، على الرغم من أنه ليس هناك أي نص قرآني أو نبوي ينهى عن ذلك، إلا أنه صور الأمر و كأن المغرب تنازل عن دين التوحيد وانقلب  إلى النصرانية أو اليهودية.

 

ففي الوقت الذي كان على رابطة علماء المسلمين، أن تبرز انعكاسات الزيارة البابوية على عموم المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها، و خاصة في البلدان غير الإسلامية، كدعوة للتعايش والتسامح ونبذ العنف ونشر ثقافة التسامح والرحمة بدل ثقافة الحرب، خاصة وأن المسلمين هم الأكثر معاناة من هذه الثقافة ولا أدل على ذلك ما وقع في نيوزيلندا، تناست الرابطة التي كان يرأسها إلى عهد قريب، يوسف القرضاوي، وهو من كان يجول أوروبا من مؤتمر إلى آخر في إطار ما سمي بالتقريب بين المذاهب و حوار الأديان.

 

فهل دعوة الملك محمد السادس للبابا إلى زيارة المغرب، والرسائل التي وجهها في خطابه إلى العالم، لا تعتبرها الرابطة سعيا من جلالته لترسيخ منطق حوار الأديان، وثقافة التسامح وقبول الآخر التي تعتبر من أهم تعاليم ديننا الحنيف، وأليست هذه هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم و نهجه في الدعوة إلى الله، تصديقا وامتثالا لقوله تعالى “تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين”، دون أن ننسى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأن حلف الفضول، وماذا أخبر عنه عليه الصلاة والسلام، مع أنه كان تجمع للكفار والمشركين وعبدة الأصنام وليس الكتابيين من اليهود والنصارى.

 

فالحضور في قداس النصارى أو الاستماع للترانيم اليهودية، ليس بالضرورة اعتراف بصحة هذه الشرائع، و ليس بالضرورة نفي لهيمنة الدين الإسلامي عليها، و إنما يدخل ذلك في إطار الواجبات الدينية للملك محمد السادس كأمير للمؤمنين، تجاه المسلمين عبر العالم من جهة، الذين يعانون من موجة الإسلاموفوبيا، و ثقافة اليمين المتطرف والعنصرية، وتجاه الإنسانية جمعاء من جهة ثانية.

 

كما أن النصوص التي أوردها بيان الجمعية المذكورة، حمل الواقعة أكثر مما تحتمل، فترديد الأذان بالتزامن مع ترديد الترانيم المسيحية واليهودية، لا يقتضي أن مرددها مؤمن بما يناقضها أو لا ينكره، كما أن مردد الترانيم المسيحية أو اليهودية بالتزامن مع ترديد كلمات التوحيد لا يعني أنه موحد، وهذا  أمر يعرفه القاصي والداني، ولكن منتسبي الرابطة المذكورة وكعادة بعض ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين وعلى العامة كما يصفون عامة المسلمين، يضعون أنفسهم موضع حراس العقيدة وكأن الله لم يهدي سواهم.

 

وعوض أن تستغل هذه الرابطة الفرصة السانحة التي صنعها الملك محمد السادس، من أجل توحيد الجهود والبدء بنفس جديد نحو دعوات جديدة للحوار بين الأديان، ارتأى هذا التنظيم أن يحمل معاول الهدم والإساءة للإسلام، من خلال زرع عوامل التباعد والتنافر بين المسلمين وغيرهم، بدل تبني مواقف البناء وتثمين المبادرات المطروحة على الساحة.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع