بقايا من أحلام

عبّر معنا كتب في 25 أغسطس، 2019 - 11:53 تابعوا عبر على Aabbir
نعيمة تشيشي
عبّر

بقلم: نعيمة تشيشي

 

صرختنا الأولى عند الولادة، تعبر عن رفضنا للعيش في واقع حكم عليه بالإعدام، دون حضور شاهد عيان ودون سلاح للجريمة هي محاكمة كانت في منتصف الليل وفي قاعة مظلمة.

أول كذبة نسمعها ونحن أطفال، هي كذبة الأستاذ الذي كان يخصص لنا خمس دقائق من بعض الحصص، ويسأل التلاميذ عن ماذا تريد أن تصبح في هذه الحياة؟وبأصوات مرتفعة كالعادة، طبيب محامي قاضي طيار… إلى أن يرن الجرس.

 

كما كانت أحلامنا كبيرة آنذاك، بل تفوق عمرنا…والسؤال هنا هل تحققت تلك الأحلام التي جمعنها في حقائبنا الوردية منذ الصغر؟ لا بل وتكدست.

لنقل بعض من هذه الأحلام تحقق ، أو كما سميتها أنا “بشبيهة الأحلام”. فحتى أحلام الطفولة الساذجة تلك،كانت بالنسبة لنا مستحيلة، كنا نحلم بشراء مسدس أو دمية عندما نرها في أحد المحلات، ولا نكف بالإلحاح الشديد على آبائنا الذين هم بدورهم تخلو عن العديد من الأحلام لأجلنا،وفي الغد نجد اللعبة بالقرب منا ولا تكون نفس التي رأينها وحلمنا بها، ولكن نبتسم أملين أن تتحقق في مرة أخرى.

 

إن ما نعيشه اليوم في هذا الواقع المر الذي تدمى عليه القلوب، يجعل حقيبة الأحلام تلك تضطر في كل خريف أن تعدم حلما بداخلها حتى تعود للفراغ من جديد.

أخطر سلاح قد يعرض حياة الإنسان للخطر، هي أحلامه ونحن بطبيعتنا،وتكويناتنا لا نكف عن هذه الأحلام، الكل يحلم ويحلم… وكم سمعنا عن حالات أشخاص، لازالوا في ريعان شبابهم لم يتحملوا أن يروا أحلامهم تعدم أمام أعينهم، فتركوا هذه الحياة غير راضين بالعيش على بقايا الأحلام.

 

 

فعامل النظافة لم يكن حلمه في يوم من الأيام، أن يجمع قمامات الناس وأن يرضى بالعمل في ظروف قاسية لكن الحياة أجبرته على ذلك، فلكي يستمر في هذه الحياة، اختار أن يعيش على أحد الأحلام التي لم تكن يوما في ذهن أحد.

 

فأحلامن تختلف بإختلاف مرحلنا العمرية، وكلما تقدمنا بالعمر كلما رمينا أحدها في القمامة لأنه لاسبيل لتحقيقها.

فالطالب الجامعي كانت من بين أحلامه حصوله على شهادة الباكالوريا، بمعدل يخول له الالتحاق بالجامعة التي يريد، لكن ظروفه المادية لم تمكنه من إضافة دروس الدعم، فلم يتمكن من الحصول على المعدل الذي أراده فيغير وجهته نحو اتجاه لم يرغب فيه.

 

 

ومع ذلك نسج شبكة من الأحلام الكبيرة والتي سرعان ما بدأت في التلاشي بعد السنة الأولى من الجامعة، وما يحصل عليه في في معظم الأحيان من معدلات غير منصفة، فيكمل كفاحه ويضل متشبثا بتلك الخيوط التي لازلت عالقة من تلك الشبكة، وفي الأخير يحصل على شهادة الإجازة،فتترأى له الأحلام الوردية ويخطى من جديد، وتبدأ مرة أخرى تلك الأحلام في الظهور، بل وكل يوم يستيقظ بحلم جديد وروح جديدة، حتى يجد نفسه على أبوب الثلاثينيات من عمره، فيكره كل شيء من حوله فما الذي بقي له الأن من غير البحث في قمامة الأحلام تلك.

 

 

أتعلمون أن تلك الأحلام التي تخلى عنها الجميع، أجل تلك الأحلام التي لم يفكر أبناء الأغنياء في التفكير فيها يوما ما، سيكون ذلك الشخص مجبرا على اختيار واحدة أو الكثير منها، لأن العشرات من هذه الأحلام قد لا يساوي الحلم الصغير لذلك الغني.

 

اه.. لماذا لم يخبر الأستاذ ذلك اليوم؟ بأن تلك الأحلام مخصصة لأصحابها؟ لماذا لم يخبرنا ذلك الأستاذ بأن نحلم حلما يتساوى مع ما نملك؟ لماذا لم يخبرنا ذلك الأستاذ يوما عن قمامة الأحلام تلك؟.

فماذا نفعل إذن؟ أنعيش على بقايا أحلامهم؟ أنرضى بذلك أم هو محتوم علينا؟أنترك العنان مرة أخرى لأحلامنا؟ أم لن نرضى لها أن أن تجهض قبل أن تخرج لهذه الحياة .

 

 

شاهد ايضا

الملك يفاجأ ساكنة طنجة بزيارة غير رسمية

لقطات طريفة عفوية للأمير مولاي الحسن في خطاب الملك محمد السادس

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع