بسبب موجات الحر .. مكيفات الهواء تتحول إلى ساحة للصراع السياسي بين الأحزاب الفرنسية

أصبح أجهزة تكييف الهواء، المستخدمة لتبريد المباني خلال موجات الحر، موضوعًا ساخنًا للنقاش السياسي بين الأحزاب الفرنسية، وذلك مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة سنويًا في جميع أنحاء أوروبا.
وتشير البيانات إلى أن حوالي 25% فقط من المنازل الفرنسية مجهزة بتكييف الهواء، وهو معدل يقارب نصف المعدل في الدول المجاورة مثل إسبانيا وإيطاليا. ويعود ذلك إلى ارتفاع تكاليف الطاقة وصعوبة تركيب هذه الوحدات في المباني القديمة أو التاريخية، وخاصة في المدن المكتظة بالسكان مثل باريس.
استغلت الرئيسة اليمينية المتطرفة مارين لوبان قضية تكييف الهواء خلال حملتها الانتخابية، متعهدةً بتركيب مكيفات الهواء في جميع أنحاء البلاد في حال فوزها.
كما أيد نواب حزب المحافظين مشروع قانون يجعل تكييف الهواء إلزاميًا في بعض الأماكن العامة.
في المقابل، سخرت مارين تونديلييه، رئيسة حزب الخضر، من هذه الفكرة، واقترحت بدلًا من ذلك التركيز على تخضير المدن وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني، معتبرةً استخدام تكييف الهواء عبئًا بيئيًا.
امتد النقاش من البرلمان إلى مكاتب التحرير، حيث دافعت صحف محافظة، مثل صحيفة “لوفيغارو” ذات الميول اليمينية، عن أهمية تكييف الهواء في مكافحة موجات الحر وتخفيف الضغط على المستشفيات.
في الوقت نفسه، تؤكد صحف يسارية، مثل “ليبراسيون”، أن تكييف الهواء يمثل انحرافًا بيئيًا لأنه يطرد الهواء الساخن إلى الشوارع ويستهلك طاقة ثمينة.
يعتبر مؤيدو تكييف الهواء، وخاصة اليمينيين، هذه الانتقادات البيئية غير منصفة، مجادلين بأن فرنسا تعتمد بشكل أساسي على الطاقة النووية منخفضة الكربون لتوليد الكهرباء، وأن مكيفات الهواء الحديثة تستخدم مبردات أقل تلويثًا من الماضي.
خلال أسوأ موجة حر في يوليو الماضي، أُجبرت أكثر من 1800 مدرسة على الإغلاق، مما خلق إجماعًا واسعًا على الحاجة إلى تكييف الهواء في الأماكن العامة مثل دور رعاية المسنين والمستشفيات والمدارس، على الرغم من أن الطلب المنزلي لم ينتشر على نطاق واسع بعد.
بينما تشهد فرنسا حاليًا موجة حرّ قياسية، حيث تجاوزت درجات الحرارة 41 درجة مئوية في بعض المناطق الجنوبية خلال الأيام الأخيرة، يؤكد الخبراء أن الحاجة إلى تكييف الهواء ستزداد عامًا بعد عام، مع ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا مقارنةً بما كانت عليه قبل 40 عامًا. فقد ارتفع عدد الأيام التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 30 درجة مئوية في جنوب أوروبا من 29 يومًا في ثمانينيات القرن الماضي إلى 63 يومًا اليوم.