امتداد مزارع “الكيف” في الريف يسائل الحكومة عن بدائل لﻹقتصاد في شمال المغرب

الأولى كتب في 21 يناير، 2019 - 16:36 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

فؤاد جوهر- عبركوم

 

يواجه غالبية مزارعي مادة الكيف او “الذهب الأخضر” بشمال المغرب ظروف صعبة تستمد مآسيها من الفقر، وغياب تنمية اقتصادية بديلة لهذه الزراعة المحفوفة بالمخاطر، وفق برامج تشاركية تضمن حقوق المزارعين في العيش الكريم.

 

امتدادات مجالية وجغرافية سريعة ل”العشبة الخضراء” تجتاح أعالي جبال الريف دفعت بالدولة الى سن مجموعة من القوانين الصارمة بغرض التصدي ﻹنتشاره الواسع بالمنطقة منذ عقود، باعتبار أن البلد مدرج ضمن البلدان الرائدة في انتاج القنب الهندي، و يمثل نقطة عبور للمهاجرين السريين حسب تصورات اﻹتحاد الأوروبي.

تختزل مملكة “الكيف” الممتدة من أقاصي أرياف القصر الكبير، مرورا باقليم وزان تاونات وتازة الى حدود قبيلة تمسمان التي تقع بين الحسيمة والناظور، مآسي اجتماعية كبيرة، أبرزها الفقر والملاحقات القضائية التي تشكل مصدر قلق دائم لعائلات المزارعين المجبرين على زراعة النبتة المحرمة شرعا وقانونا، أمام انعدام بدائل اقتصادية واقعية من قبل الحكومة وادماج المنطقة مع سيرورة التنمية التي تتماشى بها جهات أخرى من البلاد.

 

ويربط مزارعو الكيف انحسار هذه النبتة في شمال المملكة بنوعية التربة والمناخ، الذي يتلائم مع نجاحها بشكل كبير، خصوصا في المرتفعات الشمالية التي تضمن منتوج خالص وذي جودة عالية، يفضله “البزناسة” المستفدين بحصة الأسد من مداخيل هذه النبتة المعمرة والحولية.

يقول الشاوني لجريدة “عبركوم”، وهو من المزارعين القدامى في منطقة كتامة، بأن الكيف ليس سببا في انهيار المجتمع، وهلاك صحة المستهلك، والعشبة حسب ما يقتنع به هذا المزارع هو نعمة ربانية أنقذت غالبية ساكنة “جبالة” من الفقر المدقع، ويضيف بسبب هذه النبتة تمكن المزارعين من تعليم أبنائهم، وتربيتهم، وتكوين مستقبلهم لعقود مضت.

 

وزراعة العشبة هي مورد رزق رئيسي ﻵﻵف العائلات الريفية، خصوصا وأن المنطقة تعيش أزمات اقتصادية خانقة، وتفتقر لمشاريع تنموية، ووحدات صناعية هامة، حيث أنها لم تحظ بنصيبها من التنمية اﻹقتصادية وتعيش تهميشا حادا على جميع الأصعدة.

يقول حسين ل”عبركوم” أن المزارع البسيط هو حلقة جوهرية في اﻹقتصاد المحلي للريف، وفي المقابل يعتبر الطرف الأضعف، والأقل استفادة من العائدات الدورية التي بالكاد تسدد ديون السنة المتراكمة، وتوفر بعض الحاجيات البسيطة لعائلته، ويضيف بأن شبكات التهريب الدولي وتجار المخدرات هم المستفيدين الأساسيين من عملية زراعة الكيف بالشمال المغربي.

 

وأمام غياب مبادرات حقيقية من قبل الحكومة المغربية لتنمية الأقاليم المحاصرة بنبتة “الكيف” من قبيل ادماجها في مناطق صناعية مهيكلة، فإن مزارعي النبتة لا يستسيغون الكلام حول تنمية أقاليم الشمال بتوقيف زراعة القنب الهندي، معززين ذلك بكون الأراضي الشاسعة الممتدة من تاركيست الى باب برد في اتجاه تطوان ومن تاركيست الى تاونات في اتجاه فاس، لا تصلح لشيئ غير زراعة الكيف أو العشبة المنقذة من ويلات الفقر ومن الحياة القاسية، بسبب مذكرات البحث والملاحقات القضائية الصادرة بحق اﻵف المزارعين، ما يولد لهم ولعائلاتهم شعور دائم بالخوف.

 

يروي رفيق من باب برد لجريدة “عبر كوم” بأن العشبة الخضراء تتوسع مساحتها عام بعد عام في الشمال، لتشمل عدة مناطق باقليمي تاونات وشفشاون، بعدما كانت مقتصرة هذه الزراعة على منطقة “كتامة” لمدة طويلة، ويضيف بالدارجة المحلية “مكان والو العايل في “جبالة” الى مزرعناش العشبة الخضراء والله تانموتو بالجوع والفقصة”.

 

الى ذلك، تنادي فعاليات من المجتمع المدني بالريف، بضرورة اطلاق الحكومة الحالية لحوار وطني شامل حول الموضوع المقلق والمغلق مع تبني مشاريع اقتصادية وتنموية عملاقة تكون أكثر جرأة وواقعية، تخرج المنطقة المحاصرة ب”النبتة الخضراء” من كل الجهات، و التي أيضا يحاصر البحر المتوسط شبابها الحالم الى بلوغ الضفة الأخرى من السبات اﻹقتصادي، بدل اﻹختباء وراء مطالب دول اﻹتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، التي ما فتئت تصدر تقارير أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها سوداء عن المغرب في مجال زراعة القنب الهندي، ما يتم تترجمه السلطات المحلية الى حملات موسمية ضد المزارعين.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع