اليأس يخيم على الشباب المقهور بتندوف

الأولى كتب في 26 ديسمبر، 2018 - 05:01 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

 

عبّر ـ صحف

 

خلفت النتائج المخيبة لمسلسل السلام، بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية والاجتماعية المزرية، حالة من اليأس وسط أغلب الشباب المطحون بمخيمات الألم غرب تندوف الجزائرية، والتي اكتشف بها، أخيرا، حقلان للغاز الطبيعي.
والحتمي أن السلطات العسكرية الجزائرية ستمنع على سكان المخيم مجرد التخمين في ولوج سوق العمل بهذه الحقول، كما جرت العادة مع شركات البناء والتشييد التي فتحت الباب أمام الصحراويين للعمل، بطريقة غير شرعية، لتجد نفسها ممنوعة من إكمال الأشغال، ويتم سحب توكيلها بتنفيذ المشروع، لأنه تم العثور على صحراوي واحد بين عمالها.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الذين أسعفهم الحظ في الحصول على أوراق ثبوتية جزائرية، ويتم حصرهم في وظائف محدودة ومعروفة من قبيل حارس مدرسة أو مصالح البلدية، التي تقوم بتنظيف الشوارع وبعض الأشغال العمومية، ويُمنع منعا باتا تثبيتهم في وظائف تمكنهم من الاستفادة من الضمان الاجتماعي، في سياسة مكشوفة لإبقاء الوضعية المعيشية للاجئين بالمستوى نفسه، لضمان استمرارية الدعم الإنساني الذي بدأ يتناقص بشكل رهيب خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم شفافية هلال الجبهة، ما أدى بالعديد من المنظمات الدولية العاملة بالحقل الإنساني إلى الانسحاب من المخيمات. وأرجعت العديد منها دواعي هذا الانسحاب لوجود تلاعب مكشوف بكميات الأغذية الموجهة للاجئين الصحراويين بتندوف.

آخر المنسحبين هو المجلس النرويجي لسياسات الشباب، الذي كان يقدم، طيلة سبع سنوات، مبالغ مالية للشباب بتندوف لإقامة مشاريعهم الخاصة، وتحسين أوضاعهم المزرية، إلا أن هؤلاء الأجانب لم يسلموا أيضا من ابتزاز مسؤول الهلال ووزير ما يسمى “التعاون”، اللذين فضحهما المجلس النرويجي، إذ صرح مسؤولوه أنهم “يفرضون على الشباب المستفيد دفع نسبة قد تصل إلى 40 في المائة للهلال الأحمر الصحراوي، من المبلغ المتوصل به في إطار إنجاز مشاريعهم الخاصة”.

توالي هاته الإحباطات خلق جيلا من الشباب الحانق والغاضب على كل ما له علاقة بالجبهة أو مصطلح الثورة، التي يُجمع الشباب بتندوف على أنها الكذبة التي تبخر بموجبها آمال وطموح سكان المنطقة في مستقبل أفضل بعيدا عن الحسابات الإقليمية، التي مازالت إلى اليوم تصر على إطالة معاناة صحراويي المخيمات لمصلحة قيادة وصل جشعها حدودا غير أخلاقية.

هذا التراكم في الفشل هو ما يدفع أغلب الشباب إلى سلك طرق غير شرعية، وغير آمنة، في كسب قوت عائلاتهم، كالاتجار بالمخدرات والمحروقات، أو حتى الانضمام إلى التنظيمات الجهادية، التي باتت تضم في صفوفها المئات من سكان مخيمات تندوف٬ إذ تفضل الصحراويين عن غيرهم، نظرا لجاهزيتهم لحمل السلاح بالنظر إلى التدريبات التطبيقية والنظرية في المدارس العسكرية لـ “بوليساريو” والجزائر، التي تنظم دورات تكوينية لفائدة المسلحين الصحراويين، الذين تؤدي بهم حالة الإحباط واليأس إلى اللجوء لأي مهنة تضمن لقمة عيشهم، حتى وإن كانت بين صفوف المتطرفين، خصوصا أن الطريق إلى معقلهم بمدينة غاو مفتوح، إذ لا تبعد عن مخيمات تندوف إلا بحوالي 1200 كيلومتر عبر فيافي خالية من أي مراقبة جدية.

إن عدم جدية الجزائر و”بوليساريو” في الانخراط في مسلسل البحث عن حل واقعي متفق عليه من جهة٬ وتمادي الحليف في عدم تمتيعهم بحقوقهم بصفتهم لاجئين، وعدم احتوائهم ودمجهم في مشاريع أو سياسات لتحسين أوضاعهم المعيشية، يجعلهم عرضة لتجاذبات فكرية ومادية تعرض الأمن في المنطقة المغاربية ككل إلى خطر داهم يصعب التنبؤ بنتائجه٬ لأن هذه الأخطاء السياسية التي ترتكبها الجزائر وجبهة “بوليساريو” هي ما يغذي قواعد التطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود في منطقة الساحل والصحراء.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع