” الوحش “

عبّر معنا كتب في 11 فبراير، 2021 - 22:42 تابعوا عبر على Aabbir
زينة اقللوش
عبّر

 

زينة اقللوش*

لا حديث هذه الأيام سوى عن الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي والذي ينص على أن ” كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية تكون جريمة الفساد، ويعاقب عليها القانون بالحبس من شهر واحد الى سنة”.
في هذا المقال لن اتحدث عن السبب الذي أجج هذا المطلب وطرحه للنقاش، ولن اتحدث عن الصراع الموجود بين المدافعين عنه والرافضين له الذين ينتقلون من منشور الى اخر ومن مجموعة الى اخرى للتعبير عن غضبهم وسخطهم لأنصار هذا المطلب حيث اعتبروا انه دفاع عن الزنى الذي حرمه القرآن .
لكني سوف اتحدث عن الوحش الذي يجعل الكثير من الناس ترتعد وتغضب وتلعن وتسب لمجرد سماعه انه ” الجنس ” الوحش المخيف الذي يشبه الوحش في حكاية “الجميلة والوحش” لأنه مسخ وزيف بتعويذات مجتمعية متخلفة غلفته بغلاف الذنب والخوف والعار ليتم توجيهه الى مسارات غير صحيحة وتصريفه في غير محله .
إن الفضائح الجنسية داخل المجتمع يرجع بالأساس الى ما تم توريثه من مغالطات حول الجنس فهو في اعتقاد أغلب الناس ميني على ازدواجية فإما ان يتم كبت الطاقة الجنسية وتجاهلها كأنها غير موجودة خوفا من العار، واما ان يتم تصريف هذه الطاقة بشكل يترك لها الانسان الحرية لتقوده ليكون بذلك اشبه بالحيوان والمشكل هنا ليس في الطاقة الجنسية طبعا بل في كيفية تعامل صاحبها معها.
إن ما يجهله اغلب الناس حتى الذين يعتقدون أنهم أسوياء تماما ويعرفون كيف يصرفون طاقتهم الجنسية هو أن هذه الطاقة يمكن تحويلها واستثمارها لأنها طاقة الخلق والابداع والابتكار، وهي الطاقة الني استغلها الكثير من عباقرة العالم ليحققوا انجازات عظيمة ، ما لا يعرفه حتى الذين يعتقدون انهم اسوياء هو ان القيام بعلاقة جنسية حتى وان كانت في اطارها المشروع ليس السبيل الوحيد لتصريفها فعباقرة العالم خصوصا من الرجال تجنبوا القدف عند كل رغبة لاستغلال هذه الطاقة في تطورهم الاجتماعي والاقتصادي …في حين أن الذين يلجؤون الى القدف كلما احسوا بطاقة جنسية هم في الغالب أناس ضعيفون ذهنيا وطاقيا وروحيا واجتماعيا ..لأنهم لا يعرفون كيفية تغدية ارواحهم وعقولهم بهذه الطاقة الابتكارية الهائلة التي منها يتناسل الكون بكل ما فيه وليس الانسان فقط، فدور الطاقة الجنسية ليس مقتصرا فقط على تعمير الأرض بالجنس البشري بل تعميرها كذلك بكم هائل من الابداع والجمال اللامحدود… ، فهي كنز لمن يعرف قيمتها والسبيل الى استغلالها في الرقي بدل الانحطاط ، انها خير عظيم للذين يستطيعون الحديث عنها بتصالح دون ان تنقبض قلوبهم او يضيق تنفسهم ..للذين يستطيعون التحكم بها في اللحظة التي تريد فيها الهروب منهم في اتجاه اول اغراء خارجي ، للذين يعانقوها ويجعلونها تسري في اجسادهم دون قمع او كبث …
ان ما يجب أن نعيه جيدا هو ان الغاء الفصل 490 أو تركه لن يغير شيئا في ظل غياب وعي مجتمعي بمعنى الجنس القيمي. وما نحتاجه فعلا هو توفير المعلومة الصحية الصحيحة بتدريس الثقافة الجنسية ، وتصالح الاجيال القادمة مع اجسادهم وتقدير رغباتهم بشكل يجعلهم لا يتشاركونها مع من هب ودب ، وتغيير الفكرة النمطية حول الجنس والتي ترى ان الجنس ليس له سوى طريقين اما تصريفه او كبته وفتح حدود ذهنية جديدة لهم تجعلهم يطلقون العنان لهذه الطاقة لتحلق بهم عاليا.

 

*مساعدة اجتماعية وكاتبة

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع