النموذج التنموي والنخب السياسية

الأولى كتب في 28 يونيو، 2021 - 21:00 تابعوا عبر على Aabbir
القرض الفلاحي
عبّر ـ ولد بن موح

كمـــــال قــــروع

 

لا أعرف ما هو مبرر الغضب الذي اعترى عدد من قيادات وقواعد الأحزاب السياسية، من تصريحات مدير البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، التي شدد فيها على ضعف مساهمة الأحزاب السياسية، في الدينامية التنموية الوطنية، مؤكدا في الوقت ذاته على أن هذه الأحزاب تستنزف قوتها في الصراعات السياسوية الضيقة، عوض الانكباب على مشاكل المواطنين وقضايا الوطن.

 

تصريحات والي بنك المغرب، والتي لخصها في جملة واحدة، “واش الملك يدير كلشي”، ليست أضغاث أحلام، أو افتراء على المؤسسات الحزبية، بل هي حقيقة معاشة وإحساس جمعي بات على لسان المواطنين في حلهم وترحالهم.

 

والي بنك المغرب، وإن كان قد عبر عن موقف استقاه من خلال استقرائه للواقع، فإنه ناب عن جموع المواطنين في التعبير عن هذا الموقف، الذين لم تعد لهم ثقة في الأحزاب السياسية بالمرة، هذه الأحزاب التي تحولت إلى وسيلة للترقي الاجتماعي فقط، وحتى تلك التجاذبات والمواجهات التي تندلع بين الفينة والأخرى بين هذا الحزب أو ذاك، غالبا ما ينظر إليها المواطن على أنها مسرحيات سيئة الإخراج، وأن الحقيقة هي أن كل ذلك صراع حول اقتسام الغنائم أو الذود عن المصالح.

 

أما فيما يخص الصالح العام، فإن الأحزاب أبعد ما يكون عن مخيلتها، لذلك لم نسمع يوما عن مبادرة معتبرة قادتها هذه  الهيئات السياسية لصالح الوطن والمواطنين، وكل ما تقوم به، هو انتظار المبادرات والمشاريع الملكية، لتصفق لها وتتنافس على تبنيها بل وسرقتها وضمها إلى برامجها الانتخابية في نهاية المطاف، وهذا ما ينطبق على النموذج التنموي أيضا.

 

الغريب في الأمر، أن هذه الأحزاب التي تصدع رؤوسنا عند كل مناسبة انتخابية، بالأطر والكفاءات و الخبراء الذين تقدمهم لي الناخبين، لم يستطيعوا وبعضهم عمر في المسؤوليات العامة ردحا من الزمن، أن يخرجوا بالخلاصات التي تؤكد أن النموذج التنموي الحالي، قد استنفذ أدواره وأصبح غير قادر على الاستجابة لمتطلبات الوطن والمواطنين، بل انتظروا حتى خرج الملك ليعلن عن ذلك بنفسه، وهو ما يعضد كلام والي بنك المغرب، من أن الأحزاب السياسية بعيدة كل البعد عن الديناميكية التنموية الوطنية.

 

فالأحزاب تنصلت من مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطنين، فلا هي خدمت الصالح العام كما يرضي الله والملك والشعب، ولا خدمة الشعب كما يرضى الله والوطن والملك، بل أصبح كل دينها وديدنها، هو الصراع حول مواقع ومناصب المسؤولية، لتقسيم ما تعتبره كعكة، والاستفادة من الامتيازات المادية و الرمزية لتلك المناصب لا أقل ولا أكثر.

 

وإذا كان الجواهري، قد توقع الموت السياسي للأحزاب خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، فالمواطنون أعلنوا موتها منذ مدة، طالما أن نسبة العزوف عن المشاركة السياسية كبيرة جدا، وحتى الذين يذهبون للتصويت يوم الاقتراع، فأغلبهم لا تحركهم القناعات السياسية، ولا تستهويهم البرامج الانتخابية، أكثر من ما تحركهم العصبية أو القبلية، أو الأطماع الصغيرة الزائلة.

 

لا مندوحة أن الأحزاب المغربية، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهي تصفق اليوم للمبادرات الملكية، أن تكون على قدر المسؤولية، وتساهم فعليا في إنجاح هذه المبادرات، ليس بالتصفيق والتهليل، ولكن بالعمل الجدي الواقعي، هذا إذا كانت بالفعل تريد استعادة ثقة المواطنين المفقودة، وتستعيد دورها المحوري إلى جانب مؤسسات الوطن الأخرى.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع