النظام العسكري في الجزائر بين التطبيع والتضبيع

الأولى كتب في 19 أغسطس، 2022 - 21:00 تابعوا عبر على Aabbir
الجزائر
عبّر ـ ولد بن موح

عندما يرفع النظام العسكري المسيطر على مقاليد الحكم والسلطة في الجزائر شعارات العداء للمغرب تحت ذريعة تطبيعه العلاقات مع إسرائيل، فإن ذلك يقتضي أن هذا النظام يتبنى القضية الفلسطينية بشكل يتساوق مع زخم الشعارات التي يرفعها في هذا الشأن، وبالتالي فهو يؤسس علاقاته الدبلوماسية مع الدول الأخرى خاصة العربية والإسلامية وفق مبدأ الموقف من إسرائيل ومن القضية الفلسطينية.

لكن الوقائع الموضوعية التي تعيشها الساحة العربية والدولية تفند كل تلك الإدعاءات، وبالتالي لا تعدوا أن تكون شعارات رفض التطبيع والموقف من القضية الفلسطينية مجرد بروباغندا فارغة للاستهلاك الإعلامي ودغدغة عواطف الشعب الجزائري والبحث عن شرعية مفقودة عبر سياسية تضبيع مفضوحة ومكشوفة للجميع.

فسياسية التضبيع التي يمارسها نظام الجنرالات في الجزائر، تتبدى من خلال الوقائع والأحداث التي يعرفها العالم المتقلب، لذلك وتماشيا مع المنطق الذي يتحدث عنه جنرالات الجزائر و من يدور في فلكهم من ساسة وإعلاميين، يجب على المتحكمين في قصر المرادية إعلان موقفهم من إعلان تركيا استئناف العلاقات الديبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، وقد نقبل ببيان استنكار أو إدانة من الجنرالات لقرار أردوغان وذلك أضعف الإيمان.

الأدهى من ذلك، أن النظام العسكري المتحكم في مقدرات الشعب الجزائري، لم يعلق حتى الآن حول مشاركة ثلة من لاعبي المنتخب الجزائري في مباراة لكرة القدم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار الدور التمهيدي لكأس عصبة الأبطال الأوروبية، حيث من المنتظر أن يشاركوا في مباراة فريقهم، ضد فريق مكابي تل أبيب.

وإلى هذه اللحظة لم نسمع لرجال الصحافة المأجورة من أمثال حفيظ دراجي ركزا ولا همسا حول هذه المباراة، وهو دليل على أن القضية الفلسطينية ليست إلا مطية بالنسبة لهؤلاء، يتكئون عليها ويهشون بها على الشعب الجزائري ولهم فيها مآرب أخرى.

لذلك فلا يمكننا أن نتوقع اليوم، من حفيظ دراجي وأمثاله، ولا من قيادات العسكر الجزائري وساسته، أن يتخذوا موقفا لا من مشاركة لاعبي منتخبهم في مباراة كرة القدم في تل أبيب، ولا من استئناف تركيا لعلاقاتها مع إسرائيل بشكل كامل.

يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قد أعلن أمس الأربعاء 17 غشت 2022، أن حكومته ستستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تركيا بعد سنوات من التوتر بين الدولتين، في حين سارعت أنقرة إلى القول أنها “لن تتخلى عن القضية الفلسطينية”، في موقف واضح منسجم مع الذات ومع ما يفرضه الواقع الموضوعي في المنطقة، عكس القيادة العسكرية في الجزائر، التي وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه، فلا هي قادرة على التراجع عن تصريحاتها ضد المغرب وقراره استئناف علاقاته مع إسرائيل، ولا هي قادرة على استنكار والتنديد بتطبيع الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع تل أبيب.

لذلك فسياسة التضبيع التي نهجها الجنرالات تجاه الشعب الجزائري باتت مفضوحة، وبالتالي أصبح الرهان على القضية الفلسطينية لتغذية العداء ضد المغرب منهاج لن يؤتي أكله، أولا لأن الشعب الجزائري ذكي كفاية ليفهم غباء الجنرالات وحمقهم السياسي، وثانيا لغياب الانسجام التام بين شعارات العسكر وسلوكياتهم ومواقفهم على أرض الواقع.

ولد بن موح-عبّر

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع