الناظور.. عشرون مليون سنتيم تصرف على الأكل بكبدانة والتنمية بلا نصيب

في وقت تتعالى فيه أصوات المواطنين في إقليم الناظور طلبا لماء الشرب، ووسائل النقل المدرسي، والمبادرات الاجتماعية التي تحفظ كرامة الفئات الهشة، يواصل عدد من الجماعات والأفراد تنظيم صدقات متتالية وولائم جماعية بمبالغ طائلة في ظرف قياسي، تصرف على الطعام والشراب، دون أثر تنموي ملموس أو مردودية احتماعية حقيقية.
منطقة كبدانة، التابعة لإقليم الناظور، كانت آخر الأمثلة الصارخة، حيث شهدت تنظيم أربع ولائم متتالية في ظرف وجيز، بلغت كلفتها قرابة 20 مليون سنتيم، وهو رقم كفيل، حسب عدد من النشطاء، بحفر آبار مائية في المنطقة التي تعيش على وقع أزمة عطش، أو شراء حافلة مدرسية تقي عشرات التلاميذ مشقة التنقل إلى المؤسسات التعليمية البعيدة.
ورغم أن هذه الولائم تقام تحت شعار إكرام الساكنة ، وتستقطب الضيوف خارج الدواوير، إلا أن العديد من المتتبعين يرون فيها نوعا من الاستعراض الاجتماعي، في ظل غياب أي مشروع تنموي مرافق لها أو نتائج ملموسة على الأرض.
وصرح أحد أبناء المنطقة التابعة لجماعة رأس الماء لجريدة “عبّر”
معلقا على الولائم المتتالية “نحن لا نرفض الصدقات، لكننا نحتاج تنمية لا أطباق لحم. الطفل الذي يقطع 10 كيلومترات يوميا إلى المدرسة أولى بالصدقة من موائد لا فائدة مرجوة منها.
فيما كتب أحد الرواد في صفحته الرقمية، معبرا عن عدم رضاه “ليست الصدقة في اغراق المائدة باللحم، بل في انقاذ مريض او ايصال تلميذ، او سقي عطشان.
وتعاني عدة دواوير بالإقليم من أزمة عطش تهدد الاستقرار الإجتماعي للساكنة المتبقية التي تعتمد على الفلاحة البورية، ومن بعد المدارس عن فلذات كبدها،وهشاشة اجتماعية تستوجب المؤازرة ومد العون لها في ظل الظروف القاسية التي تعيشها في الدواوير البعيدة عن المدار الحضري بكيلومترات.
وبحسب نشطاء، فإنه رغم أن النية عند هؤلاء المحسنين لا تشكك في بعدها الخيري، إلا أن الكثيرين يرون أن شكل التبرع وأولوياته بحاجة إلى مراجعة جذرية، فالمساعدات، حسب عدد من المتتبعين، يجب أن توجه إلى مشاريع مستدامة للماء، دعم للمعوزين، تمويل للنقل المدرسي، ومبادرات تنموية حقيقية.