المناعة النفسية والاجتماعية ضد كورونا(1)

عبّر معنا كتب في 23 مارس، 2020 - 14:00 تابعوا عبر على Aabbir
المناعة النفسية والاجتماعية ضد كورونا
عبّر

عبد العالي الشرفاوي ـ عبّر

 

 

 

الكلمة اليوم لعلماء الفيروسات والأوبئة لفهم طبيعة فيروس كورونا المستجد، وتحديد طبيعة التعامل معها، والإنصات لهم عين الحكمة وأصل الكلام لبقية المعنيين من الأطباء والمختصين في الصحة، و على أساس ذلك تتأسس المواقف والقرارات التي تهم الدولة والمجتمع، وأي خروج عن هذا الأصل رعونة واستهتار، وجناية على النفس والغير والعالم، وأي رأي لايتأسس على علم من أهل التخصص حمق وبذاءة.

 

 

لايعني ذلك ألا نتكلم عن الفيروس، فالكل معني بالظاهرة المرضية، وحديث الجميع عنها ظاهرة صحية وتسهم في محاصرة الفيروس، إلا أن الحديث يجب أن يستند إلى أصله، ومناسبة القول عن المناعة النفسية والاجتماعية تستند إلى تحذيرات الأطباء المختصين، الذين مافتؤوا يؤكدون أن الفيروس خطير  ولا يفكر إلا في تدمير خلايا الجهاز التنفسي للإنسان، وطالما اكدوا أنه ليس أنفلونزا عادية، وإنما هو فيروس يدخل الكثير من المصابين إلى غرف الإنعاش، وطالما نبهوا إلى ان الفيروس حاليا لايتوفر على علاج محدد، وكل مايمكن ان يعتمد عليه ما يتوفر من علاجات للاعراض، ومايتمتع به الجسم من مناعة.

 

 

هذه الحقيقة التي على أساسها يشتغل الأطباء لعلاج المرضى، والمختبرات لاكتشاف دواء مضاد، وهي الحقيقة المتوفرة حاليا وتفترض أن يواكبها تقدير وتجند الجميع  من أجل محاصرة الفيروس، وذلك لايتأتى إلا بالوعي المبكر بخطورته، وأي استهتار سيحصد الأرواح، ويدخل البلد في أزمات ليست على صحة الجسم فحسب، بل ستتعداها كل القطاعات والمرافق.

 

 

واكتساب المناعة ضد مرض محدد يستوجب التشديد على وجوب وعي مسبق باكتساب مناعة عامة، وهي مايقصد بها مصالحة بين جسم الانسان ومحيطه البيئي، وهو الأمر الذي افتقد منذ أكثر من قرنين عندما اعتقد الإنسان بألوهيته وهيمنته المطلقة على الطبيعة، ومذ ذاك لم يبالي البتة بالمشاكل البيئية مصدرا مشاكلها إلى الأجيال اللاحقة، واستمر في استنزاف ثروات المستقبل مقابل رفاهية اللحظة، وهون من أجراس الخطر التي تدقها عدد من الظواهر البيئية كالاحتباس الحراري وثقب الازون، والثلوت، والحرائق، والكوارث الطبيعية، في الوقت الذي اعتقد الانسان أن الطيبيعة عاجزة عن دالدفاع عن نفسهاـ  وأن عليها فقط الاستجابة  والخضوع لنزواته، وهو المسيطر والمتحكم بالعلم والتكنولوجيا.

 

حتى أظهرت الجرثومة أن الانسان أضعف من الطبيعة، وتذكره أن منشأه ومرده إلى عنصرها الأول وهو التراب، وأنه جزء من عناصرها لا أكثر، وأن مصدر تميزه، هو نفسه مصدر تميزها، وأن لامفاوضات معاها إلا باحترام قانونها كاملا وليس انتقائيا.

 

المناعة هنا تعني احترام قواعد أخلاقية اتجاه الطبيعة، والطبيعة عادة وفية لقواعد الاتفاق، ومن خلالها يتم الجزاء بالنسبة للانسان، في كسب حريته وسعادته، أو شقائه وتعاسته، والمرض شكل من أشكال ردود فعل الطبيعة على سلوك الانسان اتجاهها.

 

وتنزيلا لذلك نعرف أن المناعة سابقة عن العلاج، وكسب قوة إعادة تصحيح علاقة بين الانسان باعتباره هيئة مسؤولة، وهي مناعة جسد ونفس ومجتمع.

 

ومرحلة المناعة هي المرحلة التي يكون الانسان مالك لحرية الاختيار، بين أن يحافظ على ما تحت مسؤوليته من خيرات، أو إهمالها وانتظار العقاب، الذي تجلى لنا حاليا في المرض. على مستوى الجسم، أو تداعيات ذلك على مستويات أخرى مترابطة تهم سلامة المجتمع، تماما كما سبق ان فعلت الأوبئة في مجتمعات ودول في قرون سابقة.

 

 يتبع 

 

 

 

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع