المغرب و القضية الفلسطينية..الثابت و المتحول

الأولى كتب في 11 ديسمبر، 2020 - 15:30 تابعوا عبر على Aabbir
برقية
عبّر ـ ولد بن موح

رضوان جراف

بعيدا عن الجدل العقيم الذي رافق إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، والتفاهمات التي رافقت هذا الاعتراف خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن المملكة المغربية حققت انجازا غير مسبوق في تاريخ صراعها ضد المؤامرات الأجنبية التي تحاول النيل من استقرارها ووحدة أراضيها، و هذا الإنجاز لا يرتبط فقط بالقرار الأمريكي مساء الخميس 10 دجنبر 2020، و إنما أيضا بالعملية التي قامت بها عناصر القوات المسلحة الملكية على الحدود مع موريتانيا على مستوى معبر الكركرات، هذه العملية جعلت الكفة ترجح لصالح المغرب بنسبة كبيرة ذلك أنه استطاع مد حزامه الدفاعي في منطقة الكركرات ليصل الحدود الموريتانية مغيرا بذلك معادلة النزاع بشكل جذري، الأمر الذي مكنه أيضا من تغيير الوضع شمال الصحراء، و مد حزامه الدفاعي بضعة كيلومترات أخرى من جهة المحبس ليصل المعبر الحدودي الموريتاني مع تندوف كما فعل في الجنوب، و هو الأمر الذي وضع الجارة الشرقية في مأزق كبير، الذي من خلاله ستتحول قضية البوليساريو إلى مشكل داخلي جزائري، و هو الذي يفسر حالة الغضب التي اعترت العسكر بعد هذه التطور الاستراتيجي.

و عودة إلى موضوع المغرب وموقفه من القضية الفلسطينية واستئناف العلاقات مع دولة الاحتلال، التي عجت به مواقع التواصل الاجتماعي داخل المغرب و خارجه بعد الكشف عن فحوى الاتفاق المغربي/الأمريكي، فإن الأمر لا يتعدى العودة إلى وضع قائم قبل سنة 2002، حين كان لإسرائيل مكتب اتصال بشارع المهدي بن بركة بالعاصمة الرباط، كما كان للرباط مكتب اتصال بمدينة “تل أبيب”، و حينها أكد المغرب أن تبادل التمثيلية مع دولة الاحتلال كان بهدف الدفع بعملية السلام و تشجيع الأطراف المتفاوضة آنذلك على إيجاد حل متوافق عليه يحقق السلام الشامل و العدل و ينهي معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ أزيد من 70 سنة.

فالملك محمد السادس، سواء من خلال حديثه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، و قبله مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أكد على أن تسوية ملف الصحراء لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، التي يعتبرها المغاربة قضية وطنية لا تقل أهمية عن قضية الصحراء المغربية، و أن موقف المغرب الداعم للشعب الفلسطيني ثابت لا يتغير، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل للقضية الفلسطينية.

موقف المغرب الذي عبر عنه صراحة الملك محمد السادس، والذي شدد من خلاله على الوضع الخاص لمدينة القدس و أماكنها المقدسة، ينسجم بشكل كبير مع الموقف الذي تبنته القيادات الفلسطينية، بما فيها قيادة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تعتبر أكبر تنظيمات المقاومة الفلسطينية و أكثرها راديكالية.

فحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، لم تتهم من طرف أبناء الشعب الفلسطيني بالخيانة أو بيع القضية، عندما أعلنت في وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي أصدرتها عام 2017، والتي أكدت من خلالها قبولها بحل الدولتين، وموافقتها على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، أي دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، مؤكدة بذلك أن هذا هو المشروع الوطني الفلسطيني المتوافق عليه في هذه المرحلة.

وثيقة “حماس” شددت على أن القدس عاصمة فلسطين، وأن المسجد الأقصى المبارك حق خالص للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، ولا يجب بأي حال من الأحوال تغيير معالمها أو طمس هويتها الإسلامية، ونفس الموقف الذي عبر عنه الملك محمد السادس، عندما أكد على ضرورة حماية الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة وحرمة المسجد الأقصى.

وتأسيسا عليه فإن نظرة المغرب للقضية الفلسطينية وحق شعبها في الإنعتاق و الحرية، ثابت لم يتغير، وأن جوهر القضية وهو رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني ليس موضوع مساومة أو مقايضة، و إذا كان المغرب سيسمح بفتح مكتب اتصال لدولة الاحتلال بالعاصمة الرباط، فإن هذا لا يعني أنه دعم لهذه الدولة وموافقته على ما تقوم به على الأراضي المحتلة، بل قد يكون وسيلة للدفع بمسلسل السلام المتوقف إلى الأمام، و أيضا للضغط  أكثر على هذا الكيان لوقف أعمالة غير القانونية على أرض فلسطين.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع