المغاربية يريدون الفن لا العفن

الأولى كتب في 15 نوفمبر، 2019 - 19:14 تابعوا عبر على Aabbir
مغاربة
عبّر

 

 

كمال قروع 

 

 

 

لا مندوحة أن حرية التعبير و التفكير، مكفولة للجميع، لكن هذه الحرية محددة بضوابط و شروط لا يمكن تجاوزها و إلا استحال الأمر إلى فوضى و اعتداء على حريات الآخرين، و إذا كانت هذه الحرية هي أساس الإبداع الفني عموما، فإن هذا الإبداع يجب أن يحترم بدوره عدد من المقتضيات المجتمعية و العقدية و الوطنية، و أن يكون دوره بالأساس توجيه رسائل بناء حول الواقع الموضوعي و البيئة المنتجة لذلك الفعل الإبداعي.

 

 

مناسبة الحديث في الموضوع، هو ما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة، حسن عبيابة، يوم الخميس 14 نونبر الجاري، كون أي أغنية كيفما كانت، يجب أن تحترم حقوق المغاربة والمواطنين، والثوابت والمبادئ التي تربى عليها المغاربة، مؤكدا أن الفن هو وسيلة للتعبير والفرجة وليس لأمر آخر، وبالتالي نحن دولة الحق والقانون، وغير مقبول أي سلوك أو تصرف يكون خارج القانون.

 

 

هذا التصريح الذي جاء عقب التشوه السمعي البصري، الذي طال الساحة الفنية و الغنائية في الآونة الأخيرة، بعد أن قدم بعض ممن يسمون أنفسهم زورا بالفنانين، بعض الأعمال التي يزعمون أنها فنية، فيما هي لا ترقى حتى إلى الدرك الأسفل من الإبداع، و الحديث هنا عن أغنية “عاش الشعب” التي أطلقها من وصفو أنفسهم بفناني الراب الزنقواي، و هي أغنية إن جاز تسميتها بذلك وظفت فيها ألفاظ و كلمات تنهل من معين البارات و البورديلات لا تصلح أن تكون كلمات لأغنية يؤديها أناس أسوياء.

 

 

فتجميع كلمات سوقية بذيئة على لحن نشاز، ليس فنا بالمرة، إلا إذا كان من يقدمه ألف أن يؤدي ذلك الفن بين قوصين، في الخمارات حيث يكون الجميع غائب عن الوعي صم بكم عمي فهم لا يشعرون.!

 

 

فهذه الأعمال التي تسمى زورا بالفنية و التي لا ترقى إلى الذوق فني، أصبحت من مظاهر التلوث السمعي البصري، الذي يظهر بين الفينة و الأخرى على الساحة، فهي لا تستجيب لأدنى شروط الإبداع بشكل يجعلنا غير قادرين على تسميتها بالفن أصلا، خاصة عندما تتجاوز هذه الأعمال عدد من الخطوط التي تحولها إلى مادة للانتقاص من المعتقدات الدينية أو الثوابت الوطنية، و هو أمر لا يمكن القبول به أبدا، فكل شعوب العالم لا ترضى أن يأتي من هب و دب لينال من قيمه و ثوابته و هويته باسم الفن أو باسم الإبداع، لأن هذا يتنافى مع مفهوم الإبداع و يتناقض مع مبدأ الحرية الذي هو مكفول للجميع.

 

 

و كمثال على ذلك فالولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم الليبرالي الحر و المتحضر، تمارس رقابة شديدة على الأعمال الفنية حماية لأمنها القيمي و الثقافي، و هو أمر تقوم به جميع دول العالم دون استثناء.

 

 

و مثال آخر هو ما قامت به نقابة الموسيقيين في مصر التي رفضت الترخيص لبعض مطربي الشوارع، الذين تناسلوا و شوهوا الساحة الفنية في مصر، عبر أغانيهم التي لا تحمل أي معاني و لا تعالج أي قضية، و لا تقدم أي شيء يمكن اعتباره فنا.

 

 

لذلك فالمسؤولية قائمة على النخب المثقفة في بلادنا، لمحاربة هذه الظاهرة و كشف مساوئها على الذوق الفني المغربي خلقيا و اجتماعيا، فالشعب عاش و سيعيش بالفن و ليس بالعفن.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع