المغاربة و التحرش و نظرية الخنزير النتن

عبّر معنا كتب في 20 سبتمبر، 2018 - 11:36 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر ـ ولد بن موح

رضوان جراف-عبّر

خلفت قضية التحرش التي رفعتها إحدى الفتيات بمدينة الدار البيضاء، عدد من ردود الفعل غير المفهومة من طرف البعض، خاصة من بني جنسها اللطيف، فالقضية على الرغم من أنها تحولت إلى حديث العام و الخاص، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن هذه أول سيدة تجأر بالشكوى ضد متحرشين بها، فإن ردود الفعل تباينت بين الدعم المبدئي لكل ضحايا التحرش، و بين من اعتبر الأمر مزايدة من الفتاة لتحقيق الشهرة الوهمية خاصة و أنها تشتغل في مجال الإعلام.

 

إلا أن الموقف الغريب في هذا كله، هو أن فآم من الناس، ضربوا القضية المحورية و هي واقعة التحرش عرض الحائط، و وجهوا سهام مفاتيح حواسيبهم إلى مظهر السيدة المشتكية، و الأغرب من ذلك هو أن هذه السهام كانت أغلبها من بني جنسها وهن الفتيات أمثالها، معتبرات أن السيدة ليست بالقدر العالي من الجمال حتى يتم التحرش بها، و كأن التحرش يكون قصرا بالجميلات، و هذه دعوة ضمنية للتحرش، هذا دون أن ننسى أن البعض انخرط في حملة تشويه لهذه السيدة، لا نعرف لحد الآن علة هذه الحملة أو الهدف منها.

 

هذه الصورة التي رسمتها لنا قضية هذه السيدة التي لا يمكن إلا أن نتعاطف معها ونساندها في محنتها، تكشف عن المنطق الذي يحكم تفكير قطاع واسع من أبناء هذا الوطن، وهذا المنطق قريب جدا من نظرية “الخنزير” التي يضرب بها المثل في الكيفية التي يتم بها صرف أنظار الناس عن القضية الجوهرية إلى القضايا الهامشية.

 

نظرية “الخنزير”، مفادها أن شخص كان مسجونا ظلما في زنزانة ضيقة وكان يشتكي دائما من ضيقها، فقام السجان ووضعه في زنزانة أصغر و أضيق، فزادت شكوى السجين و تعالت صرخاته، فما كان من السجان إلا أن أتى بمحبوسين آخرين ووضعهم معه في تلك الزنزانة الضيقة، فاشتكى السجناء من ضيقها واختناقهم فيها، فما كان من السجان إلا أن أتى بخنزير ووضعه معهم في الزنزانة، و بعد أن بدأ السجناء يشتكون من ضيق الزنزانة و قلة تهويتها، بدؤوا يطالبون فقط بإخراج الخنزير النتن من زنزانتهم، و بعد مدة استجاب السجان لشكواهم و أمر بإخراج الخنزير من الزنزانة، و شكروه على ذلك، و نسو أن قضيتهم ليست الخنزير و إنما ضيق الزنزانة، و نسي السجين الأول أن قضيته ليست الخنزير، و أنما الظلم الذي أوصله إلى تلك الزنزانة الضيقة ومنها إلى الأضيق منها وصولا إلى الخنزير النتن.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع