المحكمة الدستورية: انسحاب النواب من الجلسات للتعبير عن موقف سياسي لايخالف الدستور

أقرت المحكمة الدستورية في قرارها رقم 256/25 م.د، الصادر بتاريخ 6 غشت 2025، بمطابقة التعديلات المدرجة على النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، ولا سيما ما يتعلق بضبط حالات انسحاب النواب من أشغال اللجان الدائمة والجلسات العامة.
وهمّ القرار، الذي جاء عقب إحالة النظام الداخلي المعدل من قبل رئيس مجلس النواب، المواد 137 و166 و395، التي تنظم مشاركة النواب في أشغال المجلس وتُدرج حالات “الانسحاب” ضمن المقتضيات المؤطرة للسلوك البرلماني، دون ربطه بعقوبات تأديبية.
وأكدت المحكمة أن التنصيص على فعل الانسحاب في النظام الداخلي لا يتعارض مع الدستور، ما دام لا يُعد بديلاً عن الالتزام الدستوري بالمشاركة الفعلية، التي لا تقتصر على الحضور الجسدي فقط، بل تشمل الإسهام في النقاش وتقديم المقترحات والتعديلات. واعتبرت المحكمة أن السماح بالانسحاب مؤقتًا للتعبير عن موقف سياسي مشروع يندرج ضمن حرية التعبير السياسي المكفولة، شرط ألا يؤدي إلى تعطيل أشغال المجلس.
وشدد القرار على أن المقتضيات المذكورة لم تحصر الانسحاب في المعارضة كمكون أساسي، بل شملت كافة أعضاء المجلس، معتبرة أن إدراج هذا السلوك في النظام الداخلي دون اقترانه بجزاءات لا يمس بحقوق النواب، بل يندرج في صميم الصلاحيات التنظيمية للمجلس، ويخدم السير العادي لأشغاله.
ويأتي هذا القرار استنادًا إلى الفصل 69 من الدستور الذي ينص على تحديد النظام الداخلي لواجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية، وإلى مقتضيات قانونية وتنظيمية أخرى، ضمنها القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية والقانون التنظيمي لمجلس النواب.
وتعزز المحكمة بذلك مبدأ التعددية داخل المؤسسة التشريعية، مع الحفاظ على استمرارية العمل البرلماني وضمان انتظامه، حتى في حال التعبير عن مواقف سياسية عبر الانسحاب، ما دام ذلك يتم وفق ضوابط واضحة ومؤقتة.