“الكهف والرقيم” لمحمد البريني: حقيقة الانتهازية وسراب النضال

الأولى كتب في 28 ديسمبر، 2018 - 14:46 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

محمد المذكوري

أصدر محمد البريني، الصحفي القدير الذي أشرف على إدارة جريدة الاتحاد الاشتراكي مدة ليست هينة من القرن الماضي كتاب “الكهف والرقيم” وهو عبارة عن مذكرات يشرح فيها وقائع ماجرى خلال صيف 1995، عندما اندلعت أزمة سياسية في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ابتدأت بتقديم الكاتب الأول للحزب، عبد الرحمان اليوسفي، لاستقالته من تسيير الحزب و الاستعداد لاستقبال رجوع الفقيه البصري للمغرب بعد العفو الملكي على مجموعة من المنفيين.

وكتبت المذكرات بأسلوب شيق تؤرخ لتلك المرحلة المهمة من تاريخ أقوى حزب سياسي سابقا، كما تؤرخ لنوع خاص من العمل السياسي، يمكن من خلال تمحيصه، فهم بؤس واقع النضال السياسي الحزبي حاليا وفشله في خلق نخبة سياسية يمكنها أن تؤهل البلاد وتنمي العمل السياسي.

ويعتبر الكتاب وثيقة مهمة لتاريخ فترة مهمة من الصحافة الحزبية بالمغرب، تلك الصحافة التي ساهمت في تنوير الراي العام وحشد المناضلين وتثبيت خطاب خاص بها، قبل ان تتحول الآن لمؤسسات ريعية تعيش على دعم الدولة، بدون قراء، وبوجود صوري في الساحة الاعلامية تعيش على الماضي الذي يتم استغلاله لانتزاع امتيازات وظيفية وريعية.

فالقارئ يدرك من خلال صفحات الكتاب أن الديموقراطية المنشودة ظلت غائبة في تسيير أكبر حزب سياسي بالمغرب، تلك الديموقراطية التي يطالب ويبشر بها المجتمع.

وقد يجد كذلك الملاحظ السياسي بالمغرب ضالته في فهم ظاهرة العزوف السياسي للشباب بالمغرب وعدم مشاركنه في العمليات الانتخابية وابتعاد المواطن بشكل عام عن النشاط السياسي، عند قراءته لاستنتاجات الكاتب الذي وبحسن نية آمن بفكرة العمل الحزبي وبفكرة دوره في تطوير البلاد والمساهمة في خلف مناخ ديموقراطي يستجيب لمتطلبات المغاربة.

في تلك الفترة، كما يسرد الكاتب، تم اتهام السيد محمد البريني بأنه خذل القيادة الحزبية و.. وساير جناح من الحزب ضد جناح آخر، في تغطية الجريدة لعودة الفقيه البصري ولأنشطة ومواقف سياسية أخرى القيادة الحزبية، وتم اتهامه بأنه متآمر على الحزب بهدف نسفه (نظرية معروفة داخل الحزب تهدف تصفية كل من يخالف الراي بانه عميل ومسخر من طرف…)، فتم دفعه الى مغادرة الجريدة التي عمل على تطويرها وتهميشه لكي تستتب الأمور للمجموعة التي ستحظى بعد ذلك بالاستفادة، بشكل مباشر أو غير مباشر، من ريع ما سمي بحكومة التناوب التوافقي فيما بعد.

“الكهف والرقيم” وثيقة أخرى لفهم أسباب ضحالة العمل السياسي والحزبي بالمغرب، ويعتبر شهادة أخرى عن التضحية بالمبادئ من أجل الجاه والتموقع واللهث وراء سراب الزعامة.

عن موقع الأول بتصرف

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع