السيناريوهات المحتملة لرفع الحجر الصحي وكلفته على الإقتصاد الوطني

الأولى كتب في 15 مايو، 2020 - 18:00 تابعوا عبر على Aabbir
السيناريوهات المحتملة لرفع الحجر الصحي
عبّر

عبّر-خالد أنبيري

 

 

 

مع اقتراب انتهاء الشهر الثاني من الحجر الصحي الذي يدخل ضمن اجراءات حالة الطوارئ التي فرضتها السلطات المغربية، للحد من انتشار وباء كورونا والتصدي له، شرعت لجنة اليقظة في الإنكباب على بحث السيناريوهات الممكنة لرفع الحجر الصحي بعد 20 ماي الجاري، حيث تروج في الكواليس مجموعة من السيناريوهات التي من الممكن اعتمادها للرفع التدريجي للقيود المفروضة بالبلاد منذ شهرين، فما هي إذن هذه السيناريوهات؟ وما هي كلفة الحجر الصحي على الإقتصاد الوطني؟

 

 

 

السيناريوهات المحتملة لرفع الحجر الصحي:

 

إن من بين السناريوهات المحتملة التي يتم ترويجها، هو السيناريو الذي تدفع وزارة الصحة في اتجاه اعتماده والقاضي بتمديد فترة الحجر الصحي على الأقل لـ15 يوما اضافيا، بسبب عدم استقرار الحالة الوبائية بالمملكة في ظل تسجيل مجموعة من حالات الإصابة بفيروس كورونا والإرتفاع المتباين فيها بين الفينة والأخرى، مما يجعل الخطر قائما، ويجعل المجهودات التي بذلت والنتائج التي تم تحقيقها لحدود الساعة بفضل الإجراءات الإحترازية والوقائية التي تبنها المغرب منذ بداية هذه الأزمة مهددة بالتلاشي في حال رفع الحجر الصحي في هذا الوقت، خصوصا وأن المختصين والباحثين في الميدان يحذرون من موجة ثانية من الإصابات أكثر توهجا من سابقتها.

 

 

 

وعلى النقيض من ذلك فإن وزارة الإقتصاد والمالية تسير في اتجاه تبني سيناريو يقضي بالرفع التدريجي للحجر الصحي وإعطاء الضوء الأخضر لبعض الأنشطة الإقتصادية لإستئناف عملها، باعتبار أن الكلفة الإقتصادية للشهرين الماضيين من الحجر الصحي أثرت بشكل سلبي على الإقتصاد بالبلاد، وأن تبني سيناريو الرفع التدريجي مع الإحتفاظ باجرءات التباعد الإجتماعي وكل الإجراءات الوقائية الأخرى التي تدخل ضمن حالة الطوارئ الصحية، سيجنب البلاد الدخول في أزمة اقتصادية قد يكون لها ما لها على الوضعية الإقتصادية والإجتماعية لعدد من الأفراد الذي يعتمدون في مدخولهم اليومي على الأنشطة الإقتصادية أو التجارية أو الصناعية التي يقومون بها.

 

 

 

وبين سيناريوهات وزارتي الصحة والإقتصاد، تسير وزارة الداخلية في اتجاه البحث عن سيناريو وسط يقضي باعتماد توجيهات وزارة الصحة ووزارة الإقتصاد، من خلال تبني سيناريو يقضي بالرفع التدريجي لإجراءات العزل الصحي جهويا، بمعنى منح الضوء الأخضر للولاة والعمال على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم التي لم تعرف تسجيل اية حالة اصابة بفيروس كورونا، وأيضا تلك التي تعرف استقرار الوضعية الوبائية بها، وفق خطة واستراتيجيات يتم من خلالها إشراك كل المتداخلين في الموضوع من أجل التطبيق السلسل لهذا القرار، دون العودة لنقطة الصفر، مع إلزامية استمرار حالة الطوارئ الصحية وكذا احترام كل الإجراءات التي تم الإعلان عنها سلفا، من قبيل ارتداء الكمامات الوقائية واحترام مسافة الأمان في إطار التباعد الإجتماعي.

 

 

 

كلفة الحجر الصحي على الإقتصاد الوطني

 

لا يختلف اثنان في القول بأن فيروس كورونا استطاع أن يوقف الاقتصاد العالمي، بل إن اقتصادات كبريات الدول التي كانت إلى الأمس القريب تعتبر قوى عظماء تأثرت بشكل كبير جراء هذه الجائحة، حيث عرفت مجموعة من هذه الدول توقف الإنتاج بها بشكل شبه كلي، الشيء الذي تسبب في خسائر كبيرة بمجموعة من القطاعات الحيوية التي تعتمد عليها لتقوية اقتصادها، مما جعلها تسير في اتجاه التخفيف من الفيود المفروضة بسبب هذه الأزمة، لتجنب كارثة قد تعصف باقتصاداتها.

 

 

 

وعلى المستوى المحلي، فإن المغرب منذ بداية أزمة كورونا ضحى باقتصاده مقابل تجنيب البلاد كارثة انسانية كانت ستتسبب فيها جائحة كورونا، لولا الإجراءات الإحترازية والوقائية التي تبنتها المملكة المغربية لمواجهة هذا الوباء، رغم أن المسؤولين كانوا يعلمون أن كلفة هذه الإجراءات ستكون باهظة وسيكون لها تأثير على اقتصاد البلاد، الشيء الذي أكدته مجموعة من الدراسات والإحصائيات الصادرة عن عدد من المؤسسات، من بينها الدراسة التي أجراها الاتحاد العام لمقالات المغرب “الباطرونا”، حيث أشارت من خلالها إلى أن نحو 47 في المائة من المقاولات المغربية التي شملها الاستطلاع سجلت انخفاضا في نشاطها للفصل الجاري بأكثر من 50 في المائة.

 

 

 

وأضحت ذات الدراسة أن 78 في المائة من الشركات السياحية المشاركة في الدراسة صرحت بأنها لجأت إلى خفض مناصب الشغل، وكشفت بأنها تضررت من انخفاض رقم المعاملات، في حين شمل الانخفاض في رقم المعاملات جميع القطاعات تقريباً، من السياحة إلى العقار إلى الصناعة التقليدية والصناعات الثقافية والإبداعية والإعلام والنسيج، حيث أكدت نتائج هذه الدراسة أن 41,8 في المائة من الشركات طلبت تأجيل سداد قروضها، و37 في المائة منها طلبت تأجيل أداء الضرائب، و48,4 في المائة طلبت تأجيل أداء الاشتراكات الاجتماعية.

 

 

 

إن ما يفسر أن أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، هو أن نحو 23 في المائة من الشركات المستجوبة طلبت ثلاثة تأجيلات لسداد قروضها، إضافة الى أن هذه الشركات مهددة بفقدان 165.586 وظيفة، بمجموع 55 في المائة من مجموع الوظائف، ناهيك عن أن فقدان العمل يؤدي إلى التوقف المؤقت للتصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو الأمر الذي صرحت به 39 في المائة من المقاولات التي شاركت في الاستطلاع/الدراسة، وعددها 1740 مقاولة، تمثل أكثر من 300 ألف وظيفة، منضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، علما أن المقاولات الصغرى والمتوسطة تمثل نحو 90 في المائة من النسيج المقاولاتي المغربي.

 

 

 

وإضافة إلى كل ما جاء في هذه الدراسة التي أعدها الإتحاد العام لمقاولات المغرب، فإن الإحصائيات التي كشف عنها وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، تبين بما لا يدع مجالا للشك، أن الإقتصاد المغربي يعيش إحدى أصعب فتراته بسبب جائحة كورونا، حيث أكد بأن 113 ألف شركة أوقفت أنشطتها منذ 15 مارس الماضي. مشيرا إلى أن أكثر من 700 ألف أجير في القطاع الخاص إما عجزوا عن العمل أو جرى فصلهم نتيجة لذلك.

 

 

 

الى ذلك فقد توقعت أيضا المندوبية السامية للتخطيط أن يعرف الاقتصاد الوطني انخفاضا يقدر بـ6,8٪ خلال الفصل الثاني من 2020، بسبب انتشار وباء كورونا وفي ظل تمديد فترة الحجر الصحي، مشيرة أيضا الى أن هذا الإنخفاض سيصاحبه فقدان ما يقارب 8,9 نقطة من النمو خلال الفصل الثاني من 2020، مقارنة مع توقعات تطور الناتج الداخلي الخام قبل تفشي وباء كوفيد19، عوض3,8ـ نقط المتوقعة في بداية شهر أبريل.

 

 

 

ويبدو إذن من خلال كل ما تم ذكره أن الإقتصاد المغربي سيعاني من أزمة كبيرة شأنه شأن باقي اقتصادات دول العالم، بسبب جائحة كورونا، في وقت أكد فيه مجموعة من الخبراء الإقتصاديين أن العالم سيعش أزمة اقتصادية كبيرة ستتجاوز الأزمة التي عاشها سنة 2008.

 

 

 

إذن وفي ظل كل هذه الإكراهات والتحديات التي تواجه المسؤولين والتي تضعهم بين مطرقة تمديد الحجر الصحي وسندان خسارة المزيد اقتصاديا، هل يتجه أعضاء لجنة اليقظة لرفع إجراءات الحجر الصحي؟ أم أن التمديد سيفرض نفسه للمرة الثالثة تواليا؟

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع