السياسة في المغرب ما بين الوطنية والبيليكي

عبّر معنا كتب في 14 أكتوبر، 2020 - 11:36 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

بقلم : عبد الله زمورة*

 

عاش المغرب منذ الاستقلال حكومات متعددة بداية بحكومة الرجل الوطني، عبدالله إبراهيم الذي عاش المعاناة والحاجة ولم يكن يملك سوى سكنه الذي كان في حي بالميي والذي جعل الملك الراحل الحسن الثاني رحمه  الله يخصص له منحة شهرية حتى يتمكن من العيش ما تبقى من حياته و يحافظ على سمعة رجل دولة له علاقات على مستوى العالم.

مرت السنوات و جاءت حكومة التناوب في نهاية التسعينات من القرن الماضي و التي ترأسها عبدالرحمن اليوسفي الرجل الذي رفض كل الامتيازات و كل المنح و قرر أن يحكم ويمارس السياسة بنظافة، لكن رفاقه في الحزب والذين رفعوا شعار النظافة و محاربة الريع و إعادة التوزيع العادل للثروة، لكنهم بعد توزيرهم و تقلدهم مناصب هامة في الدولة ورئاستهم لجماعات ترابية، تحولوا إلى تماسيح تأكل الأخضر واليابس و أصبح سياسيو اليسار الحاكم من أثرى  أثرياء المعرب ومن أكبر المتزعمين لملفات الفساد الكبرى التي امتلأت بهم المحاكم الإدارية.

و بعد سنوات من نهاية أسطورة اليسار، جاءت حكومة جطو  التكنوقراطية و حكومة عباس الفاسي النصف تكنقراطيه و اللذان تصادفت نهايتهما  مع الربيع العربي، و كان المغاربة في حاجة للبديل النزيه العفيف، والذي كان يتمثل في حزب رفع شعار الإسلام و كان منذ سنوات وهو يدعي المظلومية و ينادي بان الحل هو الإسلام، الحل هو الأيادي النظيفة التي تخاف الله و لا تهتم بالشؤون الدنيوية وان ممارسة الحكم عندها يدخل في إطار العبادة و تنفيد حكم الله في الارض.

فلطالما  بنكيران ورفاقه كانوا يهاجمون الدولة لكونها تفقر الشعب و تغني الأغنياء و بأن السياسيين يتقاضون أموال كثيرة من مال الشعب الفقير وطالبوا بتخفيض أجور رجال الدولة والوزراء و إزالة تقاعد الوزراء من اموال الشعب.

فجاء الربيع العربي ، و فرح المغاربة بمجيء حكومة الإسلام، الحكومة التي كانوا يرون فيها المخلص من الريع والفساد وخاصة ان شعار حملتهم كان هو ” محاربة الفساد والاستبداد”، لكن الواقع كان مرا، وتحول أصحاب العفاف والكفاف والغنى عن الناس الى ضباع بشرية تأكل ليس فقط الأخضر واليابس بل تأكل حتى الرماد و تشرب حتى ماء البرك، و تحول منتسبوها الى رجال أعمال وأصحاب فيلات ومالكي السيارات الفارهة، و تم حلق اللحي  و رمي الجلاليب و تغيير الزوجات بل كثرت فضائحهم  الجنسية و علاقاتهم داخل قبة البرلمان، لدرجة أنهم نسوا انهم مسلمون وأنهم جاؤوا لتطبيق حكم الله في الارض و غابت مظاهر الإسلام حتى في سياساتهم،  و أصبحت عفى الله عما سلف هو الشعار الجديد الذي عوض محاربة الفساد والاستبداد.

والأكثر من ذلك، فالحزب  العفيف و الإسلامي، أصبح يدافع عن الريع و أخرج قوانين لرفع تقاعد منتسبيه، وأصبح زعيمهم يتقاضى  الملايين و هو جالس في بيته و يدافع على احقيته لها، و تناول كبار مسؤولي الحزب العفيف عن صلاحياته الدستورية طمعا في الحفاظ على مكاسبه و شراء دعم السلطة خوفا من المتابعة و المراجعة.

و تحولت الحكومة الى منفذ للقرارات و مصوتة  على القوانين الشعبية التي تراكمت في أرشيف البرلمان بعد ان رفضتها الاغلبيات السابقة، و حكومة شرع الله و النزاهة و العفاف والغنى عن الناس أصبحت مستعدة لتمرير أي قانون وحتى لو تعلق بتسميم الشعب المغرب، فلا يهم سوى التقاعد و الفيلا و السيارة الفارهة والزوجة الثابتة والعشيقة  الرابعة.

وهكذا مات حلم المغاربة، بعد ان خدعه اليسار الذي تحول رجاله الى أكبر ملاك الأراضي و المقاولات التي استفادت ومازالت تستفيد من صفقات المؤسسات العمومية ، جاء متبنوا الإسلام السياسي الذين تحولوا إلى ضباع بشرية تأكل كل شيء و نسوا الآخرة وأصبحت الدنيا والمال هي آخر همهم. فبعد أن خرج يوما بنكيران داخل خطاب داخلي وقال لهم مستفزا الشعب المغربي ” كلكم، كنتوا أقبل ما يترأس الحزب الحكومة، المخبر فيكم كان  يملك سيارة رونو  12 او رونو 4, ودابا ولات عندكم المرسيديسات” ، و اليوم يخرج وزيرهم المدلل الازمي ويقول للمغاربة ” احتا شي حاجة ما كاينة بالبيليكي” يعني لاشيء  بالمجان ، فنحن جئنا من اجل المال ، فالوطنية ليست موجودة في قاموسنا و الإسلام فقط كان شعارا لدغدغة عواطفكم.

فصدمة  الشعب المغربي كبيرة وكبيرة جدا ، وأصبحت ثقته في الأحزاب والسياسة منعدمة تماما، و أصبح السياسي يسرقه  ويسبه و ينعته  بالمشوش و أصبح حزب عفى الله عما سلف ينعته بمصطلحات من خارج القاموس المتعارف عليه وسمعنا بالأمس مصطلح ” الديبشخي” والذي سينضاف للمصطلحات السياسية القدرة.

واليوم أصبحنا في حركة حزب المزاليط، نحتاج لسنوات كثيرة لإقناع الشعب المغربي بالعمل السياسي و الحزبي، و أول جواب سيواجهنا به المواطن المغربي هو ” ثقنا احتا في مالين الجوامع و كذبوا اعلينا،”.

لهذا انا شخصيا، لن ألوم أي مواطن مغربي إن رفضني او انتقدني او اتهمني بالوصولية أو الكذب. لأن من سبقونا من احزاب احبطوه و جاء مدعوا الإسلام و قتلوا  كلما تبقى من  الثقة.

 

*مؤسس حركة مزاليط المغرب

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع