الرباط..أكاديميون يناقشون أسئلة التنمية وتحدياتها

الأولى كتب في 20 ديسمبر، 2019 - 17:48 تابعوا عبر على Aabbir
الدورة الرابعة من جامعة مغارب
عبّر

وصال إدبلا لعبّر

انطلقت يومه الخميس 19 دجنبر 2019 بالرباط، الدورة الرابعة من جامعة مغارب، المنظمة من طرف مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وعرفت الندوة الافتتاحية مناقشة موضوع أسئلة التنمية وتحدياتها، بحضور د. جمال الدين الهاني عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ود. نور الدين العوفي رئيس مختبر اقتصاد التنمية بالرباط، ود. عمر أكتوف الأستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بمونتريال، ود. مصطفى المرابط رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني بالرباط. وسير أطوار الندوة د. محمد السيدي أستاذ اللسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

جمال الدين الهاني: حصر التنمية في مجالات تقنية جعل الاشتغال الأكاديمي عليه ضعيفا

في بداية مداخلته، أوضح جمال الدين الهاني أن المشروع التنموي يستلزم ضرورة مقاربة قضايا التنمية على ضوء التحولات الكبرى التي تعرفها المجتمعات الإنسانية. وأضاف أنه من الضروري اليوم القطع مع التصورات الإيديولوجية التي حولت التنمية إلى صور نمطية وسطحية. كما نفى أن تكون التنمية خاضعة لشرط اتباع نموذج تاريخي واحد أو خطة فلسفية وحيدة.

وأوضح الهاني أن ضعف الاشتغال الأكاديمي على الإشكالات المتعلقة بمفهوم التنمية، راجع إلى حصر هذا المفهوم في مجالات تقنية جوفاء، مما ساهم في تعميق الفوارق الطبقية. وأكد على ضرورة إعادة النظر في طريقة التعاطي مع هذا المفهوم، التي أوشكت على إدخال الحضارة إلى النفق المسدود.

ودعا عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط في مداخلته إلى اعتماد مقاربة مبنية على الرؤية الإنسانية، وعلى نظر أخلاقية تنطلق من الإنسان باعتباره المحور المركزي الأساسي والفاعل الرئيسي في التنمية.

 

نور الدين العوفي: صياغة النموذج التنموي تستدعي الخبرة التقنية والمداولة العمومية والديمقراطية

ومن جهته تطرق العوفي في بداية مداخلته، إلى تعريف مفردات ذات صلة بالتنمية، مبتدئا بلفظة “النموذج” المتداولة. ويعرف هذا المفهوم بكونه مثالا أو تمثيلا، وهو تصور ذهني ومجرد يساعد على اختزال وفهم الواقع إلا أنه ليس الواقع نفسه. ويضيف أنه طبقا لهذا التعريف، فإن نموذج التنمية ليس هو التنمية ذاتها.

 

واقترض المتحدث تعريف النموذج من علم الاقتصاد القياسي، قائلا إن عملية النمذجة ضرورية لبناء فرضية معينة، حيث تقوم على نموذج رياضي يختزل الواقع الاقتصادي في مجموعة من المتغيرات الداخلية والخارجية.

 

وعن ربط مفهوم النموذج بالتنمية في عبارة “النموذج التنموي”، توقف العوفي عند مفهومين شائعي الاستخدام هما التنمية والنمو، مشيرا إلى كون هذا الأخير يتم على مدة قصيرة ويرتبط أساسا بالسياسات الظرفية، في الحين الذي ترتبط فيه التنمية بالبِنْيَات وتتداخل فيها متغيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية… الخ.، ويضيف أن التنمية سيرورة عبر الزمن ولا تأتي نتائجها إلا بعد مدة طويلة.

 

وعرج العوفي على مفهوم البديل، موضحا أن البديل إما أن يكون خيارا شاملا ومطلقا أو أن يكون جزئيا أي يمس بعض الجوانب ويحافظ على أخرى، في صيغة تجديد قد يعلو فيها منسوب التغيير والإصلاح أو قد ينخفض. وأكد أنه حين يكون البديل شاملا، فهو بذلك يعلن قطيعة تامة مع النموذج الذي سبقه ويحمل في طياته حكما بالفشل المطلق عليه، وبالتالي يؤسس لنموذج جديد.

 

واشترط المتحدث ضرورة وجود اختيارات استراتيجية لتحقيق تنمية وطنية مستقلة وشاملة، وحذر من الاستعمال الشائع للفظ الاختيارات الاستراتيجية، موضحا أنه لا يمكن إطلاق هذا الاسم على كل السياسات. واعتبر خيارا وطنيا استراتيجيا كلا من الاستثمار، والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والتصنيع المتوازن، والحماية الاجتماعية، والعدالة المجالية..

وختم العوفي مداخلته بالحديث عن كيفية صياغة نموذج تنموي، حيث أكد أن هذه الصياغة تستلزم انخراط ثلاثة دوائر لخصها في الخبرة الوطنية التي تضم الجوانب التقنية والعلمية والفكرية، والمداولة العمومية أي المشاركة الشعبية من أجل تحديد الحاجيات وتحديد الطموحات على المستوى المحلي والجهوي والوطني، إضافة إلى المشروعية الديمقراطية أي الرجوع إلى الأجهزة التمثيلية أو إلى الشعب مباشرة عن طريق الاستفتاء.

 

مصطفى المرابط: سياسات التنمية أفلست وجرت على الإنسانية كوارث خطيرة

أكد مصطفى المرابط في بداية مداخلته، أن التنمية واحدة من المفاهيم التي تحولت إلى أصنام فكرية ترتفع عن كل مناقشة، وتتداول كحلول سحرية للأزمات. واعتبر أن هذه الصنمية ساهمت في تأزيم الوظيفة المعرفية، وإعادة إنتاج المفهوم في قالب سطحي وصورة نمطية، إلى حد أن صارت الصورة هي الأصل والمقياس عوضا عن الواقع نفسه.

 

وأوضح المتحدث أن مظاهر التقديس المحيطة بهذا المفهوم تتجلى في اعتباره نظاما لتحقيق ازدهار العالم، ومخرجا وحيدا لعالم الجنوب للتخلص من التخلف، الشيء الذي نفض عن مفهوم التنمية طبيعته التاريخية والسوسيوثقافية وأسبغ عليه سمة أسطورية تعالت به عن التجربة والزمان والمكان.

 

وأكد رئيس مركز مغارب أن جامعة مغارب في دورتها الرابعة، اختارت مقاربة موضوع التنمية كمحاولة لفتح التفكير في هذا المفهوم، مضيفا أن الهدف ليس تقديم وصفة لنموذج تنموي أو الإجابة بشكل قطعي عن سؤال التنمية، وإنما هو نقاش فكري يعود إلى ما قبل التنمية ويسبق مرحلة البحث عن نموذج تنموي.

 

وحذر المرابط من غياب نقاش مجتمعي عمومي مسؤول وذي مقاربات متعددة، واعتبر أن عدم انتفاض النخب للتعاطي مع هذه الإشكالات يحول دون إقلاع حضاري. ودعا في الآن ذاته إلى الإسهام في رسم إطار يندرج فيه كل تفكير في إشكال التنمية، شريطة أن يستحضر تركيبية الإنسان وتعقيد الواقع، إضافة إلى الخلفية الفلسفية ومنظومة القيم.

 

وأشار المتحدث إلى كون مفهوم التنمية ذا حمولة غير بريئة، فهو غير عادل في تصنيفه للدول ولا في توزيعه للثروات بينها، بل ساهم في تعميق الهوة بين البلدان المتقدمة وبين تلك السائرة في طريق التنمية والمتخلفة التي لم تلحق ركب التنمية بعد. مضيفا أن العالم قد شهد إفلاس سياسات التنمية والخسائر الكبيرة التي جرتها على البشرية بدءا بإنتاج فوارق عميقة بين المجتمعات والأفراد، وانتهاء بالكوارث البيئية.

 

عمر أكتوف: الرأسمالية تتغذى على الهشاشة والفقر والتلوث لزيادة الأرباح

نوه عمر أكتوف في مداخلته بالجهود التي بذلها المغرب، باعتباره البلد الوحيد الذي تجرأ على إعلان فشل نموذجه التنموي، واستعداده من أجل إعادة بناء نموذج جديد.  وأضاف أن إشكالية التنمية في عصرنا الحالي مقرونة بجشع النظام الرأسمالي الذي يراكم الثروات باستغلال الفقر والبطالة والفوارق الطبقية كمحرك أساسي له.

وأكد أكتوف أن الرأسمالية اليوم لم تعد تكتفي باستغلال الضعف والهشاشة، لكنها تتغذى أيضا على الطبيعة وتدمرها، من أجل زيادة الأرباح. مضيفا أن المعادلة انعكست حيث لم تعد المنفعة تجلب الرفاه، وإنما أصبح كل من التلوث والبطالة والفقر عوامل إنتاج للرفاه في العالم.

وأضاف المتحدث أن الأزمات المتتالية التي يعاني منها النظام الرأسمالي ليست أمراضا بنيوية كما يعتقد الكثيرون، وإنما هي فرص دورية من أجل زيادة قوة أصحاب الرساميل ومضاعفة أرباحهم، مع زيادة في الهوة الطبقية بين الأفراد والمجتمعات.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع